قال: «إيه مراد ابن آدم؟.. قلت له: طقه.. قال: إيه يكفى منامه؟.. قلت له: شقّه.. قال: إيه يعجّل بموته؟.. قلت له: زقه.. قال: حـد فيها مخلّد؟.. قلت له: لأه»، وفي قصيدة أخرى قال: «حاتجن ياريت ياخوانا.. مارحتش لندن ولا باريز.. دى بلاد تمدين.. ونضافه وزوق ولطافه وحاجه تغيظ».
هذا هو بيرم التونسى الذي غنت له أم كلثوم مجموعة من روائعها الغنائية ومنها أهل الهوى والآهات والحب كده وانا في انتظارك وحلم وحبيبى يسعد أوقاته والأمل والأولة في الغرام وهو صحيح وغيرها كثير فضلا عن مجموعة من الأوبريتات الغنائية بين الإذاعة والسينما والمسرح.
وبيرم مولود في الإسكندرية في ٣ مارس ١٨٩٣ واكتسب لقبه من جده،لأبيه الذي كان تونسياً ولد بيرم وعاش طفولة بائسة في حى «السيالة» بالأنفوشى والتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله فكرهه بسبب قسوة الشيخ، فأرسله والده إلى المعهد الدينى في مسجد أبوالعباس فلما مات والده وهو في الرابعة انقطع عن المعهد وعاد إلى دكان أبيه وخرج من التجارة مفلسا، بدأت شهرته عندما كتب قصيدته «المجلس البلدى» الذي أثقل كاهل الناس بالضرائب فبدأت شهرته وانفتحت أمامه أبواب الفن ثم أصدر مجلة المسلة وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق.
ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلةوقد نفى إلى تونس بسبب أشعاره الساخرة من بعض أفراد الأسرة المالكة ومن تونس سافر إلى فرنسا وعمل حمّالاً في ميناء (مرسيليا) لمدة سنتين ثم زور جواز سفر ليعود به إلى مصر وفيها عاود الهجوم على السلطة بقصائده اللاذعة وألقى القبض عليه ونفى إلى فرنسا وهناك عمل في شركة للصناعات الكيماوية ولكنه يُفصل من عمله ويواجه الجوع والتشرد،وفى عام ١٩٣٢ يتم ترحيله إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب.
وقررت إبعاده عن سوريا إلى إحدى الدول الأفريقية وحينما كان يستقل الباخرة التي مرت على «بورسعيد» ساعده أحد الركاب في النزول منها إلى مدينة بورسعيد ويقدم التماساً إلى القصر فيتم العفو عنه، ومع استقراره بشكل نهائى في مصر في عهد الملك فاروق عمل بيرم في «أخبار اليوم» ثم المصرى ثم لاحقا الجمهورية وكان قد حصل على الجنسية المصرية وفى ١٩٦٠ منحه الرئيس عبدالناصر جائزة الدولة التقديرية إلى أن توفى «زي النهارده» في ٥ يناير ١٩٦١.