مذكرات زوجة ملحد (٣)

أيمن الجندي الأربعاء 03-01-2018 21:38

ما زلنا مع زوجة الملحد تحكى حكايتها، عندما لاحظت أن الشكوك بدأت تتسرب إلى عقلها، بسبب البذرة الخبيثة التى زرعها زوجها داخلها، ثم كيف بكت والأذان يتلى، وكأنه يعاتبها أنها تبحث عن دليل على وجود الله، وهو- سبحانه- أظهر من أن يُستدل عليه، وكيف وصلت لحظتها إلى قناعة أنه لا حل لهذه الشجرة الخبيثة سوى اقتلاعها بالطلاق.

■ ■ ■

تقول السيدة:«جددت إسلامى وأنا أردد الشهادة مع الأذان. كان قلبى ينزف ودموعى تسيل وأنا أردد: (يا رب لا أريد سوى رضاك. اللهم ثبت قلبى على دينى. يا رب توفنى قبل أن أُفتن). كنت أبكى بكاء حارا وأغطى وجهى حياء من ربى أن شكوكه تسربت لى. تضرعت إلى خالقى: اللهم انزع حبه من قلبى. وليذهب فى حال سبيله بعيدا عنى».

■ ■ ■

وبالفعل. اتصلت به وأبلغته فى لغة حاسمة أن يوكل أحدا لتطليقى ولن أفضح ستره. وإذا بالمفاجأة الكبرى تحدث. المفاجأة التى لم أتوقعها قط. سمعته يبكى عبر الهاتف، ويقول لى إنه بالفعل بدأ فى مراجعة أفكاره، ويقسم بالله أنه قد عاد لرشده. وطالبنى بالتأنى والصبر حتى يعود ونذهب معا لأداء العمرة. لم تسعنى الدنيا من الفرحة. وشعرت وقتها أن روحى قد عادت لى وأننى استعدت زوجى الحبيب.

■ ■ ■

وبالفعل عاد زوجى فلم ألمسه حتى اغتسل وتوضأ. وصلى بى إماما وأنا أبكى من شدة الفرح. وانتهت الصلاة فرميت نفسى فى حضنه. وكأننا تزوجنا فى هذه اللحظة. بكينا نحن الاثنان والتقينا كأزواج بعد فراق جسدى وروحى وعقائدى. ثم راح هو فى نوم عميق وبقيت أنا مستيقظة.

وحتى هذه اللحظة لا أدرى ما الذى جعلنى أتناول هاتفه وأبحث فى رسائله حتى قبل أن أغتسل. وإذا بالطامة الكبرى أنه يخادعنى. وإذا بشركاء الإلحاد يخططون لتجربة نوع جديد من الخمور. وإذا به يبلغهم أنه اضطر للكذب علىّ كيلا يحدث الطلاق وأفضح أمره أمام أهله.

دكتور أيمن. لن أستطيع أن أخبرك بشعورى فى هذه اللحظة. شعرت أننى أموت، وقمت بسرعة لأغتسل من النجاسة! ثم أخذت الهاتف وغادرت البيت لوالده لأريه الكلام المكتوب! وفيه أيضا أنه يخشى إصابته بالإيدز لعلاقاته مع العاهرات. تخيلوا: زوجى الحبيب المؤتمن يعاشرنى، ولديه احتمال أن يكون مصابا بالإيدز ثم لا يبالى أن ينقله لى!

■ ■ ■

أبوه المسكين لم يستطع الكلام، كان الله فى عونه. عندما عدت للبيت وجدته يقظا، ومدركا أننى أخذت هاتفه وعرفت كل شىء. طلبت منه الطلاق فرفض فجريت على درج الأدوية لأبتلع شريطا بأكمله. رآنى فحاول إخراج الأقراص من فمى بالقوة ولكنى ابتلعت ما تبقى. وراح يهدئنى ويقول: «خلاص خلاص حاطلقك».

لكنه ظل يماطل بعدها حتى انتهت عطلته وسافر مرة أخرى. لكننى استيقظت يوما فى الفجر وانفجرت فى الدعاء الباكى أن يجبره الله على الطلاق. والعجيب أننى عندما تحدثت إليه هذه المرة قلت له بكل ثبات: «أنت تعلم أنك لا تصلح زوجا لى، وأن العقد قد انفسخ من تلقاء نفسه. وفى المقابل أعدك أننى لن أقول سبب الطلاق لأحد».

وبالفعل وفيت بوعدى فيما عدا أمى. وكنت مضطرة إلى ذلك لأن الطلاق فى أسرتنا فضيحة لم تحدث من قبل. وكان إلحاده هو السبب الوحيد الذى سيجعلها توافق على قرارى.

(نتابع يوم السبت بإذن الله).