ليبيا على مشارف التقسيم بين الشرق والغرب.. والوضع العسكرى يزداد تعقيداً

كتب: أيمن حسونة, وكالات الأربعاء 06-04-2011 17:41


ازداد الوضع العسكرى فى ليبيا تعقيدا بين أطرافه المختلفة، فالثوار استمروا فى تراجعهم وكتائب القذافى مازالت تحتفظ بقوتها وتواصل تقدمها وتغير تكتيكاتها لتفادى القصف الجوى من قبل حلف شمال الأطلنطى «الناتو» الذى تعرض لانتقادات حادة من قبل الثوار ومن خارج ليبيا مع عدم ظهور نتائج مؤثرة لتدخله العسكرى حتى الآن.


وأفاد آخر التقارير بأن قوات القذافى سيطرت على مدينة البريقة شمال شرق البلاد وأخرجت منها الثوار بالكامل، وذلك بعد ساعات قليلة من سيطرتها على مدينة الزاوية الساحلية الواقعة على بعد 50 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس بعد معارك عنيفة مع الثوار. ونظمت السلطات الليبية جولة للصحفيين لإظهار أن المدينة تخضع لسيطرتها بالكامل، وأظهرت الصور حجم الدمار الذى أصاب المبانى والمنشآت فى المدينة جراء القتال العنيف الذى دار بين الطرفين على مدار الأسابيع الماضية.


من جانبه، أكد القائد العسكرى للثوار الليبيين، اللواء عبدالفتاح يونس، خلال مقابلة تليفزيونية، أن قواته تلقت أسلحة خفيفة من جانب دول وصفها بأنها صديقة ولكن لم يكشف هويتها.


واتهم عبدالفتاح، (الناتو)، بالتقصير فى حماية المدنيين فى مصراته قائلا: «إنه خيب ظننا فيه لأنه يترك أهل مصراتة يموتون ولا يتدخل لضرب قوات القذافى التى تقصف المدينة المحاصرة شرق ليبيا منذ أكثر من شهر». وأضاف وبلهجة حادة: «مصراتة تتعرض للإبادة بكل معنى الكلمة».


وفيما دافع الحلف عن نفسه بأنه لجأ لتغيير تكتيكاته فى القصف لحماية المدنيين بسبب الدروع البشرية التى تحتمى بها قوات القذافى، ألمح وزير الدفاع الفرنسى جيرار لونجيه إلى أن الناتو سيدخل ميدانياً فى ليبيا لأن القذافى صعّب على الحلف تجنب قتل المدنيين.


من جانبها، قالت صحيفة «جارديان» إن «الناتو يفتقر إلى الطائرات الهجومية لحملة ليبيا، وأنه نظرا لتراجع الولايات المتحدة يسعى الناتو لملء الفراغ الكبير، لأن واشنطن كانت تشن معظم الهجمات على قوات القذافى، ولكن حتى الآن لم تتعهد أى دولة سوى بريطانيا بتقديم مزيد من الطائرات إلى الحملة العسكرية».


وعلى الجانب الآخر، أشارت الصحيفة إلى أن قوات القذافى غيرت تكتيكاتها بتقليل الاعتماد على الدبابات والمدفعية، والاعتماد أكثر على قوات متنقلة، مما دفع الثوار إلى التقهقر أكثر من 150 كيلومترا من البريقة. كما لجأت قوات القذافى إلى محاكاة الثوار فى استخدام شاحنات صغيرة مزودة بالبنادق، والتى تعد أهدافا صعبة بالنسبة للطائرات.


وقالت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية إن قوات القذافى لاتزال تحافظ على الجاهزية القتالية وعلى القدرة لتحقيق النجاح فى ميدان القتال، رغم ضربات قوات التحالف. وأضافت الصحيفة أن الجيش الليبى يحافظ على الجاهزية القتالية بمساعدة مستشارين عسكريين ومقاتلين مرتزقة من القوات الخاصة فى بيلاروسيا.


فى الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الأمريكية أن الحرب فى ليبيا كلفت سلاح الجو الأمريكى 4 ملايين دولار يوميا، فيما نفى القيادى السابق فى حركة التحرير الوطنى الفلسطينى (فتح) محمد دحلان تورطه فى تزويد العقيد الليبى معمر القذافى بأسلحة إسرائيلية.


وعلى الصعيد السياسى، وصل مبعوث أمريكى إلى بنغازى معقل الثوار فى الشرق الليبى، فى زيارة استطلاعية لتركيبة المعارضة بعد أنباء عن تغلغل القاعدة فى النسيج العسكرى للثوار، فيما أعلن نظام القذافى استعداده للحوار مع الثوار فى حال سلموا أسلحتهم.


ويستعد ثوار «17 فبراير» لأسوأ السيناريوات المتمثلة فى تقسيم البلاد، رغم أنهم يأملون فى قيام دولة ديمقراطية موحدة، بحسب تقرير خاص لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية من بنغازى معقل الثوار. فبعد أن امتد الصراع من أسابيع إلى أشهر، وبدا التقدم فى ساحة المعركة يراوح مكانه، فإن المنطقة التى يسيطر عليها الثوار تستعد لتكون دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع. وتشير الصحيفة إلى أنه منذ انتفاضة فبراير التى أنهت حكم القذافى فى بعض المناطق الشرقية وعلى رأسها مدينة بنغازى، فإن المدارس والعديد من قطاعات الأعمال مازالت مغلقة، ولكن الشرطة عادت إلى الشوارع، والمستشفيات تعمل والمحال التجارية بدأت تفتح أبوابها تدريجيا. وخلف الكواليس، تقول «واشنطن بوست»: «يتودد قادة المعارضة للشركاء الدوليين وهم يحاولون بناء نظام سياسى واقتصادى لفترة من الانقسام يتوقع البعض أن تطول إلى أجل مفتوح.


ونسبت «واشنطن بوست» إلى فتحى باجا، وهو رئيس الشؤون الدولية فى المجلس الانتقالى، قوله: «نحن لا نرغب فى الانقسام ولا نسعى إليه، ولكن هذا السيناريو قد يحدث». ويقول المتحدث باسم المعارضة مصطفى غريانى إنه عندما انسحبت قوات القذافى بعد اندلاع الانتفاضة «كنا نعتقد أن الأمر سيكون مثل مصر وتونس، باعتبار أن لدينا وزارات، ولكننا اكتشفنا أننا لا نملك شيئا من هذا القبيل».


وعلى صعيد آخر، اتهم المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، نظام القذافى، بتعمد قتل المدنيين فى ليبيا وفق خطة معدة مسبقاً. وأكد أن لدى المحكمة أدلة تظهر أن ليبيا خططت للهجمات على المدنيين للاحتفاظ بالسلطة قبل بدء الاحتجاجات ضده.


كان أوكامبو قد أعلن بداية مارس الماضى أن المحكمة الدولية ستحقق فى ما وصفه بجرائم ضد الإنسانية ارتكبها القذافى، وثلاثة من أبنائه، إضافة إلى عدد من المقربين إليه.