آراء عابرة فى أحداث جارية

أيمن الجندي الأربعاء 27-12-2017 21:44

اتفقنا أن خط المقال اجتماعى أدبى، وأننى لا أشتبك مع الأحداث الجارية إلا عندما يكون لدىَّ ما أقوله، ثم أعود بسرعة لعالمى الخاص.

والحقيقة أنه لدىَّ ما أقوله فيما يتعلق بفيديو شيرين رضا، الذى تناقله أصحاب العاطفة الدينية الجياشة، باعتباره دليلاً آخر على الحرب ضد الإسلام ومحاولة إهانته. والفيديو بخصوص وصفها أصوات المؤذنين الناشزة والمتداخلة بـ«الجعير».

قطعاً لم يكن لائقاً استخدام هذا اللفظ القاسى، لكن هذا لا يعنى أنها تقصد الأذان نفسه. لقد أوضحت أنها لا تقصد الدين، ونحن مأمورون أن نلتمس حظ الظن، وتأويل ما نسمعه على أفضل نحو ممكن. والحقيقة أننا لا ندرى لماذا توقف مشروع الأذان الموحَّد، الذى يمكن رفعه بأعذب أصوات المقرئين. ليت هذا المشروع يتحقق فعلاً ويرحموننا من نشاز الصوت وعلو الميكروفونات وتداخل الأصوات.

والشاهد هنا هو التأكيد على أننا مأمورون بالتماس حظ الظن، وأن نفرمل أنفسنا قبل أن نعتبر شيئاً ما حرباً على الإسلام؛ لأن التفكير بهذه الطريقة سيقودنا حتماً إلى التكفير.

الأمر الثانى هو استغرابى من تصريح السيسى باستخدام «العنف»، ومن قبله باستخدام «القوة المفرطة». ما أود قوله أن أى قوة موجهة تجاه هؤلاء المجرمين هى قوة مشروعة؛ فقد أباحت جميع الشرائع رد الاعتداء. القوة تصبح عنفاً إذا وُجِّهت صوب الأبرياء. أو حين لا تراعى حقوق المشتبه فيهم، أو المتهم حتى تثبت إدانته، وهذا ما نرجو ألا يحدث فى تعاملنا مع الإرهاب.

الأمر الثالث هو الاعتداء الآثم الذى يتعرض له أشقاؤنا المسيحيون عند بنائهم كنيسة، خصوصاً فى قرى الصعيد. حقيقة أنا لا أفهم ما هى المشكلة فى بناء الكنائس! ما الذى يضايق أى إنسان طبيعى فى ذلك؟ الأمر بالنسبة لى عجيب وغير مفهوم. هَبْ أن معبداً بوذياً قد تم بناؤه أمام بيتى، هل يعنى ذلك أننى سأضعف و«أتبوذ»؟! هل لا يحول بينى وبين اعتناق المسيحية إلا عدم وجود كنائس بجوارى؟ منطق عجيب حقاً. هل تجمَّع هؤلاء المهاجمون للكنيسة لنصرة الله ورسوله فعلاً؟ وهل هم يقيمون مبادئ الدين فى أنفسهم ويلتزمون بها؟ أم أن الأمر لا يعدو تعصباً قبلياً، نوعاً من الأهلى والزمالك. ما دمت أنا صاحب الجماهيرية فسوف أضرب مشجعى الفريق الآخر.

أيعقل أن يكون هذا هو الإسلام؟ لقد أوصى النبى قادة جيوشه بألا يتعرضوا لكنيسة أو معبد أو راهب أو قسيس. وإذا كنت تعتقد أن دينك هو الحق، أتكون الدعوة إليه بالغلظة والعنف، وقد زكى القرآن رسولك بأنه «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»؟

ثم أين الدولة مما يحدث؟ لماذا لا يتم تشريع قانون يتيح للمسيحيين حقهم فى ممارسة شعائر دينهم على النحو الذى يرتضونه؟ ولماذا لا يتم فرض احترام القانون؟ المفترض أن المسيحيين هم كتلة مؤيدة مضمونة لنظام ٣ يوليو، فلماذا لا يبالى أن يفقدها بالصمت والسلبية وعدم الاكتراث؟

وأخيراً فإننى بقدر دهشتى من طلب مرشد الإخوان بديع من القاضى إطلاق سراح الإخوان لتحرير فلسطين، وهو طلب يعلم جيداً عدم جدواه، فقد أثار ارتباكى قول القاضى «إنتم بتقتلوا المصريين بس». فهل يُعدُّ ذلك القول بمثابة عقيدة مسبقة لدى القاضى تجاه من يحاكمهم تفقده حياده المفترض وتوجب عليه التنحى عن نظر القضية؟ أم أن هناك شيئاً لا أفهمه. أتمنى التوضيح.