جماعة الجهاد.. من الكفاح المسلح إلى المعارك الانتخابية

كتب: منير أديب الخميس 03-11-2011 19:36

تعانى جماعة الجهاد الإسلامى من حالة ارتباك، فى قرار خوض الانتخابات البرلمانية، فالجماعة التى عانت فى السابق من الاعتقال المستمر لأعضائها الذين واجهوا الدولة بالسلاح، تعرضت لعقبات كثيرة أهمها وأقواها بعد خروج كوادر وقيادات التنظيم من رحلة السجن التى وصلت لعشرات السنين دون أن تكون لديهم رؤية سياسية واضحة، دفع البعض للبحث عن إطار سياسى من خلال حزب السلامة والتنمية ففشلوا فى جمع عدد التوكيلات التى تسمح لهم بإشهار الحزب، كما فشلت الجماعة فى الانضواء تحت لواء حزب الفضيلة السلفى بعدما انشق مؤسسوها.

وقررت جماعة الجهاد خوض الانتخابات من بدايتها من خلال الإعلان عن حزب سياسى والمشاركة فى اجتماعات التحالف الديمقراطى والتنسيق معهم سياسياً وانتخابياً حتى خرجوا وفشلت نفس المحاولات فى الدخول مع التحالف الإسلامى مع حزب النور، ولكن ظلت الجماعة حائرة بين شرعية المشاركة فى الانتخابات وتحريم هذه المشاركة.

وبعدما حسم الذراع السياسية لبعض مجموعات الجهاد الإسلامى دخول الانتخابات تفرقوا واختلفوا، وخرج كمال حبيب من اللعبة الانتخابية معتذراً، وأعلن نبيل نعيم، أحد مؤسسى تنظيم الجهاد وقائده السابق، أن دخول الانتخابات ليس من ورائه أى طائل ولا فائدة، ووصفها بأنها لعبة سياسية لن تفيد فى شىء، الأمر تكرر مع أحمد سليم كحك، الذى رشح نفسه فى الفيوم، معبراً عن أفكاره وآرائه وليس أفكار ورؤى تنظيم الجهاد.

قرر بعض أعضاء جماعة الجهاد ترشيح أنفسهم فرادى، رغم قرار الذراع السياسية للتنظيم، ممثلاً فى حزب السلامة والتنمية بالمقاطعة وانسحاب كمال حبيب من المعركة، فضلاً عن الرؤية الشرعية لكثير من قيادات الجماعة برفض المشاركة فى هذه الانتخابات من الأصل، علاوة على ذلك قام ممدوح إسماعيل، أحد قيادات جماعة الجهاد، الذى انضم مؤخراً لحزب الأصالة بالترشح على قوائم التحالف الإسلامى.

وقال الدكتور، عباس شنن، أحد قيادات جماعة الجهاد، الذى قدم أوراق ترشحه بالدائرة الرابعة بالهرم وأكتوبر إنه لم يرشح نفسه بناء على قرار جماعة الجهاد، مشيراً إلى اعتماده الأساسى والرئيسى على عائلته وعصبيته وليسعلى «الجماعة». وأضاف أنه لا يوجد أى تنسيق مع مرشحى الجهاد الآخرين، فالجماعة الآن أصبحت بلا وعاء ولا يوجد تصور يجمع جميع المرشحين، حتى يتضامنوا ويعلنوا عن قائمة للمرشحين.

وعن البرنامج الانتخابى، قال: «برنامجى يعتمد بشكل أساسى على القضايا الجماهيرية وليس له علاقة بوضعية الدولة عما إذا كانت إسلامية أم لا، أهتم أكثر بالنظام السياسى وإقامة دولة القانون والعدل، فنحن لا نريد نصف إله، ونرفع شعار أننا لسنا الأفضل ولكننا الأنسب لهذه المرحلة.

وقال نبيل نعيم، مسؤول سابق لجماعة الجهاد، إن الجماعة لم تطرح مرشحين لها فى البرلمان، هناك جهاديون يدفعون بأنفسهم فى الانتخابات ولكنهم لا يمثلون سوى أنفسهم بما يحملون من رؤى التنظيم.

ووصف الترشح فى هذه الانتخابات بالتهريج الذى لا طائل من ورائه، فأغلب المرشحين يغلب عليهم سمت الحزب الوطنى، فكلاهما وجهان لعملة واحدة مازال يتداولها المرشحون وسوف يتداولونها فى هذه الانتخابات. وأرجع ذلك إلى الضربات الأمنية التى تلقتها الجماعة خلال السنوات الأخيرة بهدف إقصائها وعزلها عن الحياة سواء السياسية أو العامة.

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة فى ظل حالة الارتباك التى يعيشها مرشحوه ولاتزال إجابته غائبة حتى الآن، وهو ما تكشف عنه ممارسات تنظيم الجهاد وتعاطيه مع الأحداث: ماذا تمثل حالة الارتباك هذه للجهاديين فى ظل هذه الانتخابات، وهل يرسم التنظيم خريطة فشل جديدة له فى البرلمان المقبل؟ وتأثير هذا الفشل على رؤيته المستقبلية تجاه العمل السياسى؟ وهل حقيقة يفتح المجال أمام نشأة مجموعات تكفيرية جديدة شاركت فى الأعمال المسلحة فى السابق، ثم لجأت إلى العمل السياسى مرة ثانية من خلال هذه الانتخابات، فنالها الفشل نفسه لتعود مرة ثانية إلى ما كانت عليه فى ظل مؤشرات تؤكد جميعها أن الدولة القادمة ليست إسلامية كما يظن الجهاديون، هذا مع عدم اقتناع البعض منهم حتى هذه اللحظة بعدم شرعية المشاركة فى هذه الانتخابات، فضلاً عن جدواها وبحث الكثير منهم عن دعم واضح من تنظيم مازال يلملم أطره التى غابت أكثر من ثلاثين عاماً.