قال المهندس طارق الملا، وزير البترول، إنه يتم العمل حالياً لتكون مصر أول مركز إقليمى فى منطقة الشرق الأوسط لتداول وتجارة الغاز والمنتجات البترولية والطاقة عام 2021.
وأضاف «الملا»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن تحويل مصر إلى «مركز إقليمى» يأتى فى إطار استراتيجية متكاملة للتطوير، وانطلاقاً من «رؤية مصر 2030»، وتم تحديد صورة قطاع البترول فى عام 2020 من خلال 7 برامج لتحقيق طفرة فى القطاع بالكامل.
وتابع: «توجد بنية أساسية تسمح بسهولة تداول وتجارة الغاز الطبيعى والبترول، حيث تم إنفاق مليارات الجنيهات لإنشائها، وبات علينا الاستفادة منها بصورة قصوى؛ فنحن لدينا ثروة من البنية التحتية»، وإلى نص الحوار:
■ أعلنتم عن وضع استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول وتجارة الغاز والبترول، فماذا يعنى «مركز إقليمى»؟
- فى البداية ما نعمل عليه حالياً هو تحويل مصر لتكون أول مركز إقليمى فى الشرق الأوسط لتداول وتجارة الغاز فى المقام الأول والمنتجات البترولية والطاقة ثانياً، وذلك عام 2021، وأصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة تضم كل الوزارات والهيئات ذات الصلة لتنفيذ هذا المشروع القومى. وتحويل مصر إلى مركز إقليمى يأتى فى إطار استراتيجية متكاملة للتطوير حدَّدها قطاع البترول انطلاقاً من «رؤية مصر 2030»، وتم تحديد صورة قطاع البترول فى عام 2020 من خلال 7 برامج لتحقيق طفرة فى القطاع بالكامل للاستعداد للمستقبل بكل ما يتطلبه من تطور وسرعة أداء واتخاذ خطوات استباقية للاستعداد لمستقبل المنطقة فيما يتعلق بالبترول والغاز، وتم وضع هذه البرامج بجدول زمنى للتنفيذ، وهو ما يختلف عن أى استراتيجية أخرى للتطوير لتكون نموذجاً، ولتصبح كل القطاعات التى تعمل تحت مظلة الوزارة تتحدث لغة واحدة ولديها هدف محدد للتطوير، كُلٌّ فى مجاله.
■ هل اجتمعت اللجنة الوزارية لبحث المشروع وتحديد الخطوات المطلوبة؟
- اللجنة اجتمعت لأول مرة منذ 6 أشهر، وتضم جميع الوزارات والهيئات، ومنها الاستثمار والمالية والبيئة؛ لضمان تطبيق المعايير المطلوبة، وكذا تنمية قناة السويس، وتم وضع أسس عمل اللجنة وتحديد مهام العمل لكل جهة.
■ كيف تم التوصل إلى هذا التصور، وما أهمية تحويل مصر إلى مركز إقليمى حالياً؟
- تمت الاستعانة باستشارى عالمى لتحديد الأهداف بدقة والإجراءات المطلوبة للتنفيذ، فضلاً عن دوره فى نقل الخبرات الدولية لنا فى هذا المجال، ويسهم الاستشارى فى تحديد كيفية الوصول إلى هدفنا فى إطار الإمكانيات المحلية المتوافرة مع تحديد الخطوات المطلوبة لتأهيل مصر لهذا المشروع الضخم، خاصة أن معظم قطاعات الدولة ستكون مشاركة فيه بصورة أو أخرى.
■ لماذا يأتى الغاز فى المقام الأول قبل المنتجات البترولية؟
- لأن المستقبل للغاز، سواء فى مصر أو منطقة شرق المتوسط، وما نقوم به حالياً هو خطوة استباقية للاستعداد للمستقبل، من خلال وضع استراتيجية طويلة الأجل تعتمد على إمكانياتنا المتاحة، وهى كبيرة، وكيفية تعظيم الاستفادة منها وتحديد المحفزات المطلوبة لتحقيق الهدف المنشود.
■ ماذا تعنى بالمحفزات المطلوبة؟
- تم تحديد عدد من الخطوات لتأهيل بيئة العمل لتحويل مصر إلى مركز إقليمى، وحتى تكون جاذبة للمستثمرين والموردين فى مجال الطاقة، وكان أولها إصدار قانون تنظيم سوق الغاز والجهاز المنظم له، لوضع قواعد تداول الغاز: نقلاً وشحناً وبيعاً، وجارٍ حالياً الانتهاء من اللائحة التنفيذية قريباً، وتمت تسمية الرئيس التنفيذى للجهاز، وسيتبعه تسمية أعضاء مجلس إدارة الجهاز، والخطوة الثانية فى التحول إلى مركز إقليمى هى تأسيس «مؤشر سِعْرى» للمنطقة، وهو ما يحتاج إلى أن تكون مصر مركزاً لتداول وتجارة الغاز والمنتجات البترولية، سواء منتجة محلياً أو إقليمياً من الأسواق المحيطة فى شمال وشرق المتوسط، وسيكون دور الجهاز هو السماح بإتاحة استخدام تسهيلات الغاز للغير بعيداً عن مالكها ومشغلها مقابل فئة نقل للمستوردين أو أصحاب المصانع، كما سيكون ضامناً لعدم المغالاة فى مقابل استخدام التسهيلات، حيث إنه جهة مستقلة ولا يمارس أى نشاط، ويكون هو «الحكم» بين الطرفين فى تحديد قيمة التعريفة وإصدار القرارات التى يلتزم بها كل أطراف السوق فيما يتعلق بالنقل والتوزيع والتخزين والإسالة وإعادة التغييز، والجهاز هو هيئة عامة بكيانه الحالى وسيكون بعيداً عن البيروقراطية، حيث إن قراراته تصدر من مجلس إدارته وسيكون عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة ليواكب تطورات السوق السريعة.
■ وهل أصبح الهدف محدداً بوضوح الآن؟
- بالتأكيد، وهو تعظيم الاستفادة من مواردنا الغازية والبترولية وأيضاً البنية التحتية، فلدينا معامل تكرير ومحطات إسالة فى إدكو ودمياط، وقانون لتداول الغاز، ما يشجع القطاع الخاص والشركات العالمية للعمل فى السوق المصرية.
ومن بين البنية الأساسية المتاحة لدينا أيضاً: قناة السويس وخط «سوميد» وشبكة قومية للغازات وخطوط نقل وأنابيب لنقل المواد البترولية، فضلاً عن موانئ وأرصفة فى العين السخنة وسيدى كرير، وما نسعى له هو الاستفادة من هذه الإمكانيات لزيادة الصناعات التحويلية والبتروكيماويات لتحقيق قيمة مضافة، ما يعنى أن «الخير بيجيب خير»، ومع تطور الاستثمارات المتوقعة فى كل المجالات فإن هذا سوف ينعكس على الاقتصاد بالكامل، حيث تكون هناك فرص عمل إضافية وتحقيق عوائد مباشرة للدولة من خلال السماح باستخدام التسهيلات الخاصة بنقل وتخزين المنتجات فى مقابل رسوم، وهو ما يغطى التكلفة الاستثمارية والتشغيلية لهذه الشبكات، فضلاً عن استفادة أنشطة أخرى مثل القطاع السياحى من توافد الخبراء والمستثمرين خلال فترة تواجدهم بمصر، كما أن هناك عائداً على الشركاء الأجانب من خلال توفير منفذ اقتصادى لتصدير وتداول حصصهم من الغاز، بالإضافة إلى إمكانية التعامل مباشرة مع سوق محلية تتسم بحجم استهلاك كبير، ولا شك أن البعد الاقتصادى للمشروع يتحقق من خلال فتح السوق أمام استثمارات جديدة فى كل القطاعات ذات الصلة، ولكنْ هناك هدفٌ آخر يتحقق، وهو تأمين احتياجات الدولة من المنتجات البترولية المختلفة، ومصر لديها تاريخ من العلاقات الطيبة على المستوى السياسى مع دول العالم ككل ومع الاتجاه إلى تنفيذ المشروع وتحول مصر إلى مركز اقليمى يمكن استثمار هذه العلاقات فى إثراء المشروع وسرعة تحقيقه.
■ هل هناك مدى زمنى للانتهاء من تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول المنتجات البترولية والغاز؟
- ليس هناك وقت محدد، ولكن وفقاً للخطط الموضوعة لن يتحقق هذا قبل 3 سنوات، لكننا نعمل خلال هذه الفترة على اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة للوصول إلى الهدف، منها العمل على برنامج لتطوير معامل التكرير، ووضع خطة للتوسع فى الصناعات القائمة على استخدام الغاز لمضاعفة القيمة المضافة ليصل سعر الوحدة إلى 16 دولاراً بدلاً من 6 أو 7 دولارات للمليون وحدة حرارية.
■ هل الخطة المحددة لمضاعفة الاستفادة من الغاز معتمدة على زيادة الإنتاج المحلى فقط؟
- هدفنا أوسع من هذا، وهو تعظيم الاستفادة من غاز منطقة شرق المتوسط بما ينعكس إيجاباً علينا وعلى الآخرين، حيث إن هناك اكتشافات جديدة لكنها لم تدخل حيز التنمية بعد، مثل قبرص، بالإضافة إلى الاحتمالات الكبيرة للغاز بالمياه العميقة فى منطقة شرق المتوسط، وهنا فى مصر يمكن أن تقدم فرصة بديلة للاستفادة من هذا الغاز أو إيجاد وسيلة لتصديره إلى السوق العالمية من خلال التسهيلات القائمة حالياً وتمتلكها مصر.
■ ما التصور حالياً للاستفادة من هذا الغاز؟
- الاستفادة ستكون إما من خلال شراء هذا الغاز وضخه عبر الخطوط المصرية واستخدامه فى الصناعة المحلية لتحقيق قيمة مضافة أو تسييله وتصديره لصالح الدولة المنتجة.
■ كيف سيتم الربط مع اليونان وقبرص؟
- هناك حوار مفتوح معهما، وكل الشركات التى تعمل فى تنمية حقول هناك لديها رغبة فى تنمية الحقول بالتعاون معنا، ولكن لم نصل إلى الشكل الأخير للتعاون، وهناك حوار جاد لبحث الخيارات المتاحة لنا ولهم.
■ لدينا خط لنقل الخام (سوميد).. هل يمكن عمل خط موازٍ له للغاز؟
- يمكن هذا إذا أظهرت الدراسات الحاجة إليه، وهو ما سيتضح من خلال التطبيق العملى على الأرض، ونقطة البداية هى استخدام قانون الغاز وتفعيله واختبار السوق واحتياجاتها، لكنى لا أعتقد أننا فى حاجة إلى خط موازٍ للغاز؛ لأن لدينا ناقلات غاز، والمهم حالياً استقطاب المستثمرين والموردين المختصين بالأنشطة البترولية والغاز.
■ بعض الخبراء يرون أن الأفضل إقامة معمل تكرير ضخم وحديث بدلاً من إنفاق الاستثمارات على تحديث المعامل القديمة؟
- نحن نعمل فى الاتجاهين؛ فلدينا خطة لتطوير المعامل قيمتها أكثر من 8 مليارات دولار، جزء منها موجَّه لإضافة وحدات جديدة للمعامل القائمة لتحديثها، ومنها معملا مسطرد وميدور، وإنتاجهما يطابق المعايير العالمية، وجزء آخر لإقامة معامل جديدة منها معمل «المصرية للتكرير» فى مسطرد، لكن هناك معامل قديمة منها «تكرير السويس» الذى من المقرر تركيز نشاطه على إنتاج المواد الخام لتوفير مادة التغذية المطلوبة لمصانع البتروكيماويات، وهو ما يحقق التكامل بين الصناعات.
■ هل ترى أن مشروع المركز الإقليمى قد يواجه مقاومة عالمية؟
- ما يفرض النجاح هو إصرار الدولة على الإصلاح، ومن أهم الإجراءات بالنسبة لنا إصدار قانون الغاز وتخفيض الدعم على المحروقات، واتخاذ قرار تحرير سعر العملة، وصدور قانون الاستثمار الجديد، وكلها إجراءات تؤكد جدية الدولة وتبعث رسائل إيجابية للمستثمرين فى الخارج، ونسعى حالياً لاستكمال الإجراءات من خلال سرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الغاز، وهناك مؤشرات على النجاح، حيث لا يخلو أى لقاء مع ممثلى الشركات العالمية والأجنبية من السؤال عن تفاصيل المركز الإقليمى وكيفية المشاركة فيه.
■ هل هناك تجارب عالمية مشابهة؟
- تمت دراسة التجارب الدولية التى سبقتنا فى هذا الاتجاه، منها البريطانية، حيث تحولت إلى بورصة مهمة للبترول والغاز، وكذلك ميناء روتردام فى هولندا لتداول المنتجات، وهذه الدول أصبحت مركزاً تجارياً قوياً على مستوى العالم، وما نسعى إليه هو تكرار التجربة فى مصر.
■ ما العوامل التنافسية التى تتمتع بها مصر وستكون داعمة لتنفيذ المشروع؟
- لدينا خبرات متراكمة ومتميزة فيما يتعلق بالكوادر البشرية، بالإضافة إلى وجود مشروعات إنتاج كبرى وواعدة فى مجال البترول والغاز، خاصة فى منطقة البحر المتوسط، مثل «ظهر وأتول ونورس وشمال الإسكندرية»، فضلاً عن الاتفاقيات البترولية الجديدة التى ستؤتى ثمارها خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى وجود بنية أساسية قوية.
■ وما الإمكانيات التى تتحدث عن توافرها فيما يتعلق بالبنية الأساسية فى مصر؟
- توجد بنية أساسية تسمح بسهولة تداول وتجارة الغاز الطبيعى والبترول بمختلف أشكالها، حيث تم إنفاق المليارات لإنشائها، وبات علينا الاستفادة منها بصورة قصوى؛ فنحن لدينا ثروة من البنية التحتية منها: قناة السويس، ومشروع سوميد الذى يجرى تطوير قدراته لاستقبال وتخزين المنتجات البترولية، وبالفعل بدأت أعمال التشغيل التجريبى لرصيف استقبال الغاز المسال والمنتجات البترولية والتسهيلات المصاحبة بشركة سوميد بميناء العين السخنة على البحر الأحمر، وهناك أيضاً موانئ مطلة على البحرين المتوسط والأحمر بما تضمه من تسهيلات لاستقبال الخام، كما أن مصر لديها طاقة تكرير كبيرة جداً فى معاملها القائمة بالسويس والإسكندرية والقاهرة وطنطا وأسيوط، وجارٍ حالياً رفع كفاءتها بزيادة الطاقة التكريرية وإنشاء وحدات جديدة وشبكات خطوط لنقل المنتجات البترولية والغاز ممتدة فى مختلف أنحاء مصر، يتم تطويرها وتحديثها وزيادة أطوالها بصفة منتظمة، كما تمتلك مصر مصنعين لإسالة الغاز على البحر المتوسط فى دمياط وإدكو ما يفتح آفاقاً جديدة نحو تعظيم دور القاهرة فى تجارة وتخزين وتداول الغاز الطبيعى لتحقيق عائدات لصالح الاقتصاد المصرى وتأمين إمدادات الطاقة للسوق المحلية ومشروعات التنمية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن مصنعى الإسالة كانت تكلفة إنشائهما حوالى 3.3 مليار دولار عند تشغيلهما فى أوائل القرن الحالى، وتبلغ قيمتهما الإنشائية حالياً حوالى 5 أضعاف هذا المبلغ، ويمثلان نقطة ارتكاز وسَبْق قوية فى المشروع.
■ هل محور قناة السويس له دور واضح فى المركز الإقليمى؟
- من المستهدف تعظيم دور مصر فى نشاط تموين السفن ذى الجدوى الاقتصادية المرتفعة فى إطار مشروع تنمية محور قناة السويس، وهناك أيضاً المشروع القومى لتنمية منطقة قناة السويس وإقامة مركز تجارى صناعى عالمى بها، وإنشاء مناطق صناعية فى جنوب وشمال قناة السويس، وإلى جانب ذلك يدرس قطاع البترول تنفيذ مجمع متكامل للتكرير والبتروكيماويات بالمنطقة لسد احتياجات السوق المحلية من المنتجات البتروكيماوية وتوفير المواد الخام اللازمة لمشروعات البتروكيماويات القائمة والمستقبلية وتصدير الفائض للخارج، وكذلك من المخطط إنشاء معامل تكرير ومستودعات تخزين لمنتجات وخام البترول عالى الجودة.
أرقام من قطاع البترول
83 اتفاقية فى الفترة من 2013 حتى الآن للبحث عن البترول والغاز باستثمارات 15.3 مليار دولار.
5.2 مليار قدم مكعب إنتاج مصر يوميا من الغاز حاليا.
1.5 % زيادة فى الطلب العالمى على الغاز الطبيعى عام 2016 طبقا لتقرير شركة بى بى البريطانية.
10 مليارات دولار استثمارات أجنبية فى القطاع عام 2018/2017.