«خطوة متهورة باطلة شرعًا وقانونًا، كما نؤكد أن الإقدام عليها يمثل تزييفًا واضحًا غير مقبول للتاريخ، وعبثًا بمستقبل الشعوب، لا يمكن الصمت عنه أبدًا ما بقي في المسلمين قلب ينبض».. بهذه الكلمات عبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن رفضه لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
حذر الأزهر مرارًا وتكرارًا من تبعات القرار الأمريكي على الأمن والسلم العالمي، إذ أصدر مجلس حكماء المسلمين، برئاسة «الطيب»، بيانًا قبل قرار «ترامب»، الأربعاء 6 ديسمبر، أعرب فيه عن قلقه البالغ لما يُثار في عدد من الدوائر السياسية ووسائل الإعلام الأمريكية حول اعتزام واشنطن نقل سفارتها إلى القدس، مؤكدًا رفضه القاطع لذلك.
كما دعا المجلس، منظمة التعاون الإسلامي، والجامعة العربية، وجميع قادة، ورموز العالم الإسلامي وكافة المؤسسات الدينية والمعنية إلى الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما طالب المجتمع الدولي بالالتزام بكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس، بما فيها قرارات مجلس الأمن رقم 252 (1968)، 267 (1969)، 465 و476 و478 (1980)، 2334 (2016)، ومبادئ القانون الدولي، التي تعتبر كل الإجراءات والقوانين الصهيونية المستهدفة تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس الشرقية ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديموجرافية، لاغية وباطلة.
خطبة جمعة موحدة ضد ترامب
وفي نفس اليوم، حذر «الطيب» من التداعيات الخطيرة لقرار «ترامب» لما يشكله ذلك من إجحاف وتنكر للحق الفلسطيني والعربي الثابت في مدينتهم المقدسة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتجاهل لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، تهفو قلوبهم إلى مسى النبي الأكرم، وملايين المسيحيين العرب، الذين تتعلق أفئدتهم بكنائس القدس وأديرتها، مشددًا على أن القدس المحتلة، وهويتها الفلسطينية والعربية، يجب أن تكون قضية كل المنصفين والعقلاء في العالم، حتى لا يفقد الفلسطينيون، ومعهم ملايين العرب والمسلمين، ما تبقى لديهم من ثقة في فاعلية المجتمع الدولي ومؤسساته، وحتى لا تجد الجماعات المتطرفة وقودًا جديدًا يغذي حروب الكراهية والعنف التي تريد إشعالها في شرق العالم وغربه.
ودعا هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين لاجتماع طارئ لبحث تبعات هذه الأمر، بالإضافة إلى عقد مؤتمر عالمي عاجل حول القدس، بمشاركة كبار العلماء في العالم الإسلامي ورجال الدين المسيحي، والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنية، لبحث اتخاذ خطوات عملية تدعم صمود الفلسطينيين، وتبطل شرعية هذا القرار المرفوض الذي يمس حقهم الثابت في أرضهم ومقدساتهم .
وأصدر «الطيب» قرارًا بأن تكون خطبة الجمعة في الجامع الأزهر عن القدس وهويته العربية، كما وجه وزير الأوقاف بأن تكون خطبة الجمعة في جميع مساجد مصر بذات العنوان، وحث العرب جميعًا على الوقوف صفًا واحدًا ضد كل الدعوات والمحاولات التي من شأنها تغيير هوية القدس العربية أو سلب حق أصيل من حقوق العرب.
ودعا شيخ الأزهر، جموع العالم الإسلامي في شتي بقاع الأرض، بأن تكون خطبة جمعتهم أيضًا عن القدس والعمل على نصرته، ورفض أي محاولة لتغيير هويته العربية، والتأكيد على حقوق العرب والفلسطينيين التي أقرتها المواثيق والأعراف الدولية.
وبالفعل توحدت خطبة الجمعة الماضية بمساجد مصر ورفعت شعار «القدس عربية»، فقد شن الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، هجومًا عنيفًا على ترامب وقراره، ووصفه بأنه قرار إرهابي يشبه ما يفعله الإرهابيون من الإفساد في الأرض.
واستنكر «شومان» بشدة، خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، تباهي «ترامب» بقرار نقل السفارة إلى القدس في وجه مليار ونصف مليار مسلم، مؤكدًا أن «ما حدث استهانة بمشاعر المسلمين والمسيحيين في العالم، وأنه سواء أصدر القرار في السر أو العلن فهو عندنا والعدم سواء».
واعتبر أن السفارة الأمريكية التي ستنشأ على أرض القدس مستوطنة أمريكية تضاف إلى المستوطنات الإسرائيلية، وهكذا سيتم التعامل معها، قائلا «لن يعترف أي حر في العالم بها، ومن يعترف فهو مكرس للاحتلال وغاصب، وترامب شبه بلفور، وإن كان بينهم 100 عام، فإن التاريخ يعيد نفسه، ولكن أمة العرب والمسلمين ثابتة لا تؤثر فيها القرارات وهى تعرف مصيرها».
وأكد خطيب الجامع الأزهر أن قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس قرار إرهابي يشبه ما يفعله الإرهابيون من الإفساد في الأرض، مضيفا «لا اعتقد أنهم من حقهم أن يتحدثوا عن السلام أو رعايته أو السعي لتحقيقه، ولا أعتقد أنهم من حقهم أن يعلنوا أو يزعموا أنهم يدافعون عن الناس وأنهم يحاربون الإرهاب».
ترامب يعيد مشهد المظاهرات إلى الأزهر
عقب انتهاء صلاة الجمعة بالجامع الأزهر، اندلعت تظاهرة منددة بقرار «ترامب»، وهتف المتظاهرون: «بالدم بالروح القدس مش هتروح»، «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، «عيش حرية القدس دي عربية»، «اللي يسكت على القرار يبقي عميل للاستعمار»، «واحد اثنين الجيش العربي فين»، و«بنرددها جيل ورا جيل بنعاديك يا إسرائيل»، و«لن تركع أمة قائدها محمد».