أكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، عدم دخوله مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلى، فى حال عدم التوصل لأرضية مشتركة حول قضيتى الحدود والأمن، مشيرا إلى أنه لن يتنازل عن مبدأ الرجوع إلى حدود 67، والقدس الشرقية عاصمة للدولة، وقال خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية، أمس، إنه التقى اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة الأمريكية، واصفا نتيجة اللقاء بـ«الناجحة»، وكرر أبومازن دعوته لزيارة الضفة الغربية والقدس، متهما الشيخ يوسف القرضاوى، أشهر الداعين إلى عدم الزيارة، بأنه لا يفهم شيئا فى الدين، وإلى نص الحوار..
■ هل ستذهب إلى المفاوضات المباشرة على الرغم من عدم تحقيق أى تقدم ملموس فى مرحلة المفاوضات غير المباشرة واستمرار عمليات الاستيطان فى القدس؟
- القضية الفلسطينية تمر بظروف صعبة ودقيقة، وربما كانت أكثر من كل الصعوبات التى واجهتها على مدى 60 عاماً ماضية، ونحن من جانبنا نسعى للوصول إلى حل عادل لقضيتنا على أساس حدود 67، وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، بالإضافة إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين، والوقف الفورى لسياسات «الاستيطان» الذى ننظر إليه ونعتبره غير شرعى.
إذا أردنا أن نتحدث عن الوضع الحالى، فلابد أن نعود إلى الوراء قليلا، عندما أمضينا 8 أشهر فى مفاوضات مباشرة مع أولمرت، وطرحنا فيها قضايا المرحلة النهائية، وهى القدس والحدود والأمن، وغيرها، ولكن مع الأسف، لم نستطع استكمال تلك المفاوضات بسبب خروج أولمرت من السلطة لأسبابه الخاصة، ولم تتمكن خليفته من تشكيل حكومة، حتى جاء رئيس الوزراء الحالى، بنيامين نتنياهو، ولم نجر أى مفاوضات مباشرة معه منذ أن جاء إلى السلطة.
وقصة المفاوضات غير المباشرة طرحت نفسها عندما فشلت إدارة أوباما فى تحقيق بعض الأطروحات التى تبنتها، منها وقف الاستيطان فى الأراضى المحتلة.. واتفقنا على أن تستمر تلك المفاوضات لمدة 4 أشهر، وحصلنا على تفويض من لجنة المتابعة العربية، لنناقش قضيتين من قضايا المرحلة النهائية، هما: الحدود والأمن، مع إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة فى حالة نجاح تلك المفاوضات وإحراز تقدم فيها.
وكان بالإمكان إحراز التقدم فى حالة الرد على ما طرحناه فيما يخص قضيتى الحدود والأمن، وطلبنا من الجانب الأمريكى أن يخبرنا بجواب الحكومة الإسرائيلية عن مطالبنا بالالتزام بحدود 67 والوقف الكامل للاستيطان، فرد الجانب الإسرائيلى بإمكانية وقف الاستيطان ولكن بشكل غير نهائى، فى حين لم يرد إطلاقا على ما طرحنا بخصوص الالتزام بحدود 67.
ومن سوء حظى أننى أجتمع معكم قبل اجتماع الجامعة العربية، لأنه غير مخول لى بالإفصاح عن التفاصيل قبل اجتماع الجامعة، ولكن باختصار، ما أود توضيحه أن السلطة الفلسطينية لن تذهب إلى مفاوضات مباشرة ما لم يكن هناك وضوح فى الرؤية حول قضيتى الحدود والاستيطان، وفى اجتماع الجامعة سنتحدث فى أمور أخرى، ليس من المسموح لى التحدث فيها الآن، مع احترامى لكل رجال الصحافة والإعلام.
فى الفترة الماضية، طالبتنا جميع الدول ببدء المفاوضات المباشرة، ونحن نقول إننا على استعداد لذلك إذا تم حل القضايا الأساسية، ولكن فى الوقت نفسه، لا أحد يختلف حول سلامة موقفنا الذى ينطلق من الشرعية، فموقفنا السياسى مع جميع دول العالم لا غبار عليه إطلاقا، ولا تستطيع أى دولة أن توجه إلينا نقدا، فكل الدول مقتنعة بأفكارنا، حتى إننا - ولأول مرة - ذهبنا إلى اللوبى الصهيونى فى أمريكا، ولم يفعل ذلك أحد من الزعماء العرب، لأن الذهاب إليهم محفوف بالمخاطر، بسبب تطرفهم، والجميع نصحنى بعدم الذهاب إليهم، حتى الإدارة الأمريكية لم تشجعنى على ذلك، لأنهم كانوا يخشون أن يتصيدوا لى خطأ يكون بمثابة الكارثة.
ولكن فى النهاية ذهبت إليهم، ودعانى دانى أبرخوم، وهو يأتى إلى العرب كثيرا فهو من المعتدلين، ولكن له علاقات متعددة مع جميع الأطراف، وجلست مع 53 شخصا، منهم اثنان فقط معتدلان، وأمضيت معهم ساعتين كاملتين، وفى البداية سألونى إذا كان لدى مانع من تسريب تفاصيل الجلسة للإعلام، فقلت إننى أود أن يكون الحديث فوق الطاولة وليس تحتها، وأن عليهم أن يقولوا ما يرونه بحرية، وعلىّ أن أرد، وسألونى 27 سؤالا، أول تلك الأسئلة: ما رأيك فى الدولة اليهودية؟ ثم بدأت الأسئلة تتوالى، وأجبت عن جميعها، وكانت النتيجة ناجحة بنسبة 100%
■ بماذا أجبت عن ذلك السؤال.. وما هى بقية الأسئلة؟
- قلت لهم إنكم تستطيعون أن تسموا أنفسكم ما تريدون، حتى ولو أطلقتم على أنفسكم الإمبراطورية الصهيونية العبرية الكبرى، ولكننى لن أقبل أن أسميكم، ثم سألونى عن رأيى فى قضية القدس، وقالوا إن القدس الشرقية لنا والغربية لكم، وسألونى عن التحريض، وكان جوابى: نعم يوجد عندنا تحريض، ولكن عندما شكلنا لجنة ثلاثية فى عام 98 لمناقشة ذلك الأمر، رفضتها حكومة نتنياهو فى ذلك الوقت، وسألونى عن الأمن، فقلت لهم إنه لاتوجد مشكلة لدىّ فى أن يكون هناك طرف ثالث فى فترة ما بعد إقامة الدولة، وسألونى إن كنت أقبل أن يكون هناك يهود فى قوات ذلك الطرف الثالث، فقلت لهم إننى لا أمانع أن يكون هناك عقيد أو جنرال يهودى أمريكى فى تلك القوة، ولكن أرفض أن يكون فيها إسرائيلى مسلم، لأن وجود الإسرائيلى بمثابة تكريس للاحتلال، فى حين أن الطرف الثالث، لابد أنه سيخرج فى يوم من الأيام.
وانتهى اجتماعى بهم، وعلمت بعد ذلك أنهم قالوا: «سنبلغ الرئيس الأمريكى أوباما بأننا وجدنا شريكا فلسطينيا، فهل يوجد شريك إسرائيلى» وعلمت أنهم سيطلبون من نتنياهو 3 أمور: إما أن يغير حكومته، أو يقبل بحل الدولتين أو يستسلم للاستفتاء.
وفى الإطار نفسه، جلست مع 6 صحفيين إسرائيليين، وفعلت ذلك من منطلق قناعتى بأهمية أن يسمعنا الطرف الآخر، وكذلك تحدثت فى التليفزيون الإسرائيلى، وتحديت نتنياهو أن يأتى إلينا فى التليفزيون ليتحدث فرفض.
ما أود توضيحه أننا نسعى إلى كسر الحواجز التى يضعها اليمين المتطرف أمامنا لنصل إلى الإنسان العادى وأصحاب القرار، لعل وعسى نستطيع أن نحقق ما نريد، ونحن راضون تماما عن سياستنا، فلم نرتكب أى حماقة، أو نفعل شيئاً ضد القانون أو الشرعية والاتفاقيات، وماضون فى بناء دولتنا بشكل جيد، سواء فيما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد، وأدعوكم إلى زيارة الضفة الغربية، لتروا بأنفسكم الأوضاع هناك، فليس لدينا أى مشاكل سوى مشكلة الوحدة الوطنية، وهى مشكلة حماس بالأساس، لأننا كما تعملون وقّعنا على الوثيقة المصرية، وننتظر أن تقوم حماس بخطوة مماثلة، لنذهب على الفور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، من ينجح فيها يتسلم قيادة البلد. والغريب فى الأمر أن الوثيقة المصرية تم عرضها على حماس أولاً ووافقت عليها، ولكن عندما وقعنا عليها أولا، ترددوا فى التوقيع. وتوجد أفكار من الممكن تنفيذها فى حال توقيع حماس على الوثيقة المصرية، ومنها تشكيل حكومة «تكنوقراط» حتى تأتى بالأموال اللازمة لإجراء العملية الانتخابية.
■ لماذا لا تلتقون قيادات حماس وتتباحثون معا حول ملاحظاتهم على ورقة المصالحة الوطنية؟
- الحديث مع حماس ليس محرمًا لدينا، وعزام الأحمد مكلف بالملف، ويلتقى بهم دائما، حتى إننى طلبت منه هو وبعض رجال القيادة الفلسطينية الذهاب إلى غزة، ولكن حماس رفضت، وقابلت أحدهم فى عمان، وعرض علىَّ ورقة بها ملاحظات ووافقت عليها، وأنا لا أمانع فى الذهاب إلى غزة، بل إننى صاحب تلك الفكرة، ولكن لم يأت وقت تلك الخطوة بعد، لأننا يجب أن نفكر فى تأثيرها، وهل ستحل الأزمة أم أنها ستعقد الأمور أكثر مما هى عليه، فذلك السؤال لابد من دراسته بشكل جيد.
■ حماس تتلكأ فى المصالحة، وزيارتك لغزة ستضعها على المحك أمام العالم.. وإذا لم تأت زيارتك بنتيجة إيجابية ستكون المشكلة لديها وليست لديك.. فلماذا لا تزور القطاع انطلاقا من واجبك الأخلاقى والفلسطينى؟
- لابد على الأقل أن أضمن 40% من النتائج، وأنتم تعلمون أن حركة حماس، من حيث المبدأ، لا تريد المصالحة، وتعلمون من الذى يمنعها عنها.
■ ما ردك على الأقاويل التى ترددت فى الفترة الأخيرة بأنك ترتاح لانفصالك عن غزة، فى مقابل إقامة دولة الضفة، بينها وبين إسرائيل علاقات تعاون؟
- لا يمكن أن نأتى بحل دون عودة غزة لأراضى القطاع لتصبح أرضا واحدة، ونحن نعلم أن الانقسام حجة قوية لإسرائيل لتتراجع عن التزاماتها، ولكنى أؤكد أنه لا دولة فلسطينية دون غزة، ونحن من جانبنا ندعمها ونخصص لها 58% من الميزانية، وندفع رواتب لـ70 ألف موظف، فلم نخل طرفنا منها.
■ ماذا تقصد عندما قلت إنك لن تذهب إلى المفاوضات المباشرة إذا لم يكن هناك رؤية واضحة لحدود 67 والقدس؟
- أن يكون هناك موقف إسرائيلى محدد يتم نقله إلى الجانب الأمريكى، أو مصر، وهو أنهم ملتزمون بحدود 67، وملتزمون بوقف الاستيطان، فلا يمكننى بدء المفاوضات المباشرة دون الاعتراف بتلك الحقوق.
■ وزير الخارجية الإسرائيلى قال إن شروطك مستحيلة.. فما تعليقك؟
- ذلك ليس وزير الخارجية، من تتحدث عنه يسمى سيلفان شالوم، وزير الخارجية السابق، وأنا لن أرد على كل واحد.
■ ما الفرق بالنسبة لك بين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة ما دمت فى النهاية تتحدث إلى إسرائيل؟
- لا بد أن أجلس فى المفاوضات المباشرة وأنا أعلم الأرضية التى أقف عليها، مثلما جلست مع أولمرت، كنا نتحدث فى أمور محددة، مثل الخرائط والقدس واللاجئين.
■ وإذا استمر الموقف على ما هو عليه.. ماذا ستفعل؟
- لابد أن تكون أرضية المفاوضات أمامى واضحة، عند ذلك سأذهب إلى المفاوضات، ولكن دون ذلك فلا.
■ من خلال قراءاتك للوضع الحالى.. هل تتصور أنه من الممكن إتمام المفاوضات المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية؟
- الحكومة الإسرائيلية الحالية تريد مفاوضات مباشرة، ولكن ما هى الأرضية التى على أساسها سأذهب إلى تلك المفاوضات، فلا أحد يرد على السؤال، وأتمنى أن يحدث أى شىء جديد لنذهب.
■ ألا يوجد أى تقدم فيما يتعلق بحدود 67؟
- حتى الآن لم يصلنى شىء من الأطراف المعنية، بشكل مباشر أو غير مباشر، فلم يخبرنى أحد عن رغبة إسرائيل فى الالتزام بحدود 67، فلو أخبرنى الرئيس مبارك أو الملك عبد الله بمثل ذلك سأوافق على الفور فى الدخول إلى المفاوضات المباشرة، أو أن يتصل بى نتنياهو مباشرة ويقول لى إنه موافق على طرحى.
■ هل تشعر بعدم حيادية الجانب الأمريكى؟
- بحسب الرسائل التى وصلتنى من الجانب الأمريكى، فهناك تمسك بحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وأوباما يؤمن بأن الدولة الفلسطينية مصلحة وطنية حيوية أمريكية، ويؤمن أيضا بذلك قاده عسكريون فى الجيش الأمريكى.
■ ولكن بوش كان يقول الكلام نفسه؟
- ولكننا تفاهمنا مع بوش، وإلا كيف تفاوضنا مع أولمرت أيام بوش، فقد أرسل الرئيس الأمريكى وزيرة خارجيته كونداليزا رايس، وقالت للإسرائيليين: «نحن نفهم أن الأرض المحتلة هى ما يلى، هى غزة والضفة الغربية، ونقصد بالضفة الغربية القدس الشرقية، والبحر الميت ونهر الأردن، بالإضافة إلى (النومانزان) وهى منطقة منزوعة السلاح مساحتها 46 ألف متر»، فالموقف الأمريكى فى عهد بوش كان واضحا، وبدأنا على أساسه مفاوضاتنا المباشرة.
■ هل قلت إنك ستعلن عن الدولة الفلسطينية من جانب واحد إذا فشلت المفاوضات؟
- لم أعلن ذلك، وإنما قلت إن الجامعة العربية هى التى ستقرر أن تذهب إلى مجلس الأمن، بعد أن يتم التشاور مع كل الأشقاء والأصدقاء وأمريكا.
■ وما خطورة إعلان دولة من طرف واحد؟
- ليست هناك خطورة، ولكن ماذا بعد الإعلان، لا شىء، ففى عام 88 بالجزائر، أعلنا عن الدولة واعترفت بنا 100 دولة بالفعل.
■ محكمة العدل الدولية أقرت حق شعب كوسوفو فى الانفصال عن يوغوسلافيا.
- وكذلك أقرت عدم شرعية الجدار العازل، ولكن فى النهاية تبقى قرارات المحكمة بمثابة توصيات، لا يتم تطبيقها، فنحن حصلنا على 15 قرارا من مجلس الأمن بوقف الاستيطان لم يتم تطبيقها، فهل تريد أن يتم تطبيق قرار محكمة العدل الدولية.
■ ما هى العقبات التى تقف أمام إعادة إعمار غزة؟
- إعمار غزة سيتم فى 3 إلى 6 أشهر إذا وافقت حماس على تشكيل حكومة تكنوقراط أو مستقلين، وبدأنا فى تسلم الأموال التى تم رصدها لنا فى شرم الشيخ.
■ ما هى مظاهر الضغوط الأمريكية لدفع الجانب الفلسطينى إلى الدخول فى المفاوضات المباشرة؟
- لم أتعرض لضغط فى حياتى مثلما أتعرض له الآن، ليس من أمريكا فقط، ولكن من جميع دول العالم، فهم يرون أن الفرصة مناسبة، وعلينا أن نذهب حتى لا نضيع الوقت، كل هذا الضغط ونحن لسنا دولة عظمى أو حتى دولة من الأساس، فنحن كما تعلمون مجرد سلطة تحت الاحتلال، ولذلك أكرر دعوتى لكم لزيارتنا حتى تشدوا من أزرنا.
■ سنذهب عندما نأخذ التأشيرة من سيادتك مباشرة.
- عندما يصبح لى الحق فى استخراج تأشيرات، فلن أدعوكم وقتها، لأنى أحتاجكم الآن، وليس لها معنى أن تشدوا أزرى فى وقت راحتى.. فى القمة العربية اتفق الحكام العرب على دعم القدس وحماية مقدساته، ورصدوا نصف مليار دولار، وقبل 20 يوما، جاءنى مسؤول من مستشفى المقاصد بالقدس، قال إن لديه 150 سريرا، ويريد أن يشترى فندقا بجوار المستشفى حتى يكون لديه 250 سريرا، ويستطيع المستشفى أن يستوعب المرضى، فسألت عن المبلغ المطلوب، فعلمت أنه 10 ملايين دولار، وقلت «بسيطة» وطلبت النصف مليار التى تم رصدها لنا، ولكن لم يصل قرش واحد منها حتى الآن.
■ وهل ناقشت ذلك الأمر فى زياراتك للدول العربية؟
- بالطبع، وطرحت عليهم تساؤلا: «كيف أحمى القدس؟»، فعندما نسأل عن الأموال لا نجدها، وعندما ندعوكم لزيارة القدس تسألون عن التأشيرة، فى الوقت الذى يتمنى فيه أى يهودى أن يدفع مليار دولار ليشترى أى قطعة أرض فى القدس، وتعتبرون الزيارة تطبيعا، ولكن فى أكثر من مناسبة قلت إن التطبيع من السجين وليس السجان.
■ وماذا سيفيدك ذهابى إليك؟
- يكفى أن أشعر أنك معى، أتيت إلى لتطمئن على حالى، وترفع من معنوياتى.
■ ولكن الزيارة بمثابة تكريس لواقع الاحتلال؟
- ذلك ليس صحيحا، ولن تستفيد إسرائيل من ذلك.
■ ولكن ذلك يحقق حلم إسرائيل بحدوث تواصل شعبى، من خلال سفر وفود فنية أو ثقافية أو رياضية؟
- ذلك صحيح لو كنت ذاهبا إلى الإسرائيليين، فأنت لن تذهب إلى تل أبيت، بل ستزور الضفة الغربية للشعب الفلسطينى.
■ ولكنى سأجد الإسرائيلى فى وجهى.
- عندما أخرج أو أدخل للضفة الغربية، أحصل على تصريح رسمى من الجيش الإسرائيلى، وتأتى لى بنت صغيرة فى عمر حفيدتى وفى عمر بناتكم، تقولى لى: «أبومازن اتفضل تصريحك»، وأنا أوافق على ذلك لأن هدفى فى النهاية تحقيق الاستقلال لشعبى، وأؤكد لكم أن عدم الزيارة لا يعزل إسرائيل.
قبل 4 شهور نظمنا مؤتمرا اقتصاديا حضره 1700 مستثمر من كل أنحاء العالم، ومن الدول العربية، جاءوا ليبنوا عندنا، ولدينا صندوق الاستثمار وبه ملايين الدولارات بهدف تنمية البلد، فأين التطبيع فى ذلك.
■ وماذا عن دعوة الشيخ القرضاوى وهو صديق لك؟
- عندما أعلن القرضاوى أن الذهاب إلى القدس حرام، فهو لا يفهم فى الدين، لأن محمود الهباش وزير الأوقاف الفلسطينى، رد عليه بأن الذهاب إلى القدس مذكور فى القرآن والسنة، وقال له اعطنى دليلا آخر لتحريم الزيارة، فلم يستطع أن يأتى له بدليل، ورد عليه فى خطب الجمعة وفى التليفزيون، وظهر مع الشيخ «البيتاوى»، الذى «بطح» القرضاوى من الجولة الأولى، والقرضاوى أنا من عينته فى قطر، الله لا يوفقه.
■ لماذا لم تعلق على الدعوة الإسرائيلية بضم غزة إلى مصر؟
- لم يسألنى أحد حتى أعلق، والحديث عن تلك الدعوة «كلام حقير»، ومحاولة لتمزيق الصف العربى، فإسرائيل تتمنى أن تضع 4 فرق لحماية الانقسام فى فلسطين.
■ هل تظل المصالحة الفلسطينية أسيرة للخلاف المصرى السورى ولبعض الأطراف العربية التى تحاول فرض الوصاية عليها؟
- حتى نكون واضحين.. فحماس ترفض التوقيع على الورقة المصرية بطلب مباشر وتعليمات من إيران، وليس من سوريا، ومن ثم، فالخلاف المصرى السورى ليس له علاقة بموقف حماس، التى رضخت لضغوط إيران، وفى الوقت الذى يتم فيه اتهامنا بالرضوخ للضغط الأمريكى، لم نوافق على ما طلبوه منا بعدم التوقيع على الورقة، برغم التهديد بالحصار، وقبل القمة العربية بدمشق، حضر عندى ديك تشينى، نائب الرئيس الأمريكى، وطلب منى عدم الذهاب، فرفضت، فقال لى: «هزعل»، فقلت: «ازعل»، إذن، لست واقعا تحت الضغط الأمريكى على الرغم من أنهم يعطونى 450 مليون دولار سنويا.
■ يقال إنك ستذهب إلى المفاوضات المباشرة استجابة للضغوط.. ما تعليقك؟
- إذا لم يكن هناك وضوح لن أذهب، وأنا لا يربطنى شىء بالسلطة، ووقت اللزوم «هاخلع»، وأنا قلت إذا حدثت انتخابات جديدة فلن أخوضها، وذلك موقفى وسأبقى عليه، ولو حدثت انتخابات ورأيتمونى فيها، تستطيعون وقتها أن تصنعوا عنوانا بالبنط الأحمر «أبومازن كذاب».
■ وماذا ستعمل بعد تركك السلطة؟
- سأعمل صحفياً.
■ فى تقديرك الشخصى والسياسى.. أى الأمرين أقرب للتحقق: توقيع حماس على الوثيقة المصرية، أم قبول الحكومة الإسرائيلية بحل الدولتين ووقف الاستيطان؟
- الأمران ليس لهما علاقة ببعض، ولكن إذا لم تحدث الوحدة الفلسطينية فلن أوقع على أى اتفاق مع الجانب الإسرائيلى، فما دامت غزة بعيدة فلا حلول مع الإسرائيليين.
■ أليس هناك خلاف على من يتفاوض فى الأساس؟
- لا يوجد بينا وبين حماس أى خلاف فى تلك النقطة بالتحديد، فالحركة تعلن دائما أننى صاحب الحق فى التفاوض بصفتى رئيس منظمة التحرير.
■ ما مكاسب إيران فى تعطيل المصالحة الفلسطينية؟
- توجد مشكلة دولية تتعلق بالسلاح النووى فى منطقة الشرق الأوسط، وفلسطين ورقة فى جيب إيران لماذا لا تستعملها.
■ كيف تتوافق أهداف إيران وإسرائيل فى دعم الانقسام الإسرائيلى؟
- لكل منهما مصالحه، فما يهم إسرائيل أن يكون الفلسطينيون منقسمين، وإيران تستعمل الانقسام الفلسطينى لتحقيق مصالحها.
■ ماذا عن المشهد الإسرائيلى فى المرحلة الحالية؟
- لو حدث استفتاء شعبى فى إسرائيل، ستجد أن 80% من الشعب الإسرائيلى يريد السلام.
■ وهل يختلف موقف القادة العرب عن موقف جامعة الدول العربية؟
- الجامعة بها 23 دولة، وكل دولة لها رأيها، وفى القمة الأخيرة بـ«سرت»، قالوا «نحارب» وأحصوا دباباتهم فوجدوها أكثر مما بحوزة إسرائيل، وكذلك فعلوا بالطيارات، وقالوا لدينا 2000 طائرة وإسرائيل لديها 1500 فنستطيع أن نهزمها، من يقول ذلك نسى أن إسرائيل لديها 250 مصنع سلاح، فما هى الدولة العربية غير مصر، التى تستطيع إنتاج طلقة؟
■ وماذا قلت لهم؟
- قلت لهم «إذا كنتم تريدون الحرب فأنا معكم» ثم بعد ذلك قلت: «أنا وراؤكم» ثم قالوا: «لا نبغى نحارب مش قصدنا». أما عن المقاومة، فقلت لهم بصفتى مسؤولاً عن جزء من الشعب الفلسطينى، فأنا لا أحبذ المقاومة، وكذلك حماس لا تريد المقاومة، لأنها تقول عن الصواريخ بأنها «خيانة غير وطنية». فسكتوا عن المقاومة وسكتوا عن الحرب، وقالوا : «يا أخى 500 مليون دولار»، قلنا: «كفاية»، ولكن لم يعطوها لنا حتى الآن، وسكبوا علينا ماء بارداً و«حلقولنا» فى الوقت الذى تلتزم فيه أمريكا وأوروبا واليابان وجميع الدول المانحة بالتزاماتها تجاه السلطة الفلسطينية.