بعد قرار ترامب.. انتفاضة رابعة على الأبواب.. المقاومة الفلسطينية من الحجارة حتى السكاكين

كتب: نورهان مصطفى الأربعاء 06-12-2017 22:35

قبل أيام، اعتبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سعي الولايات المتحدة لنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، «خطوة مرفوضة ولها تداعيات خطيرة»، ولكن ذلك لم يمنع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من اتخاذ القرار.

أعلن «ترامب» القدس عاصمة لإسرائيل، في خطاب ألقاه مساء الأربعاء، قائلاً: «قد وفيت بالوعد الذي قطعته بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قررت أن الوقت قد حان كي نعترف رسميا بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل»، مضيفًا «القدس عاصمة إسرائيل وهو اعتراف بالأمر الواقع، وكان يجب القيام به منذ فترة».

في أكتوبر 2015، كتب الشاب الفلسطيني، مهند حلبي، 19 عامًا: «مُستعد للموت من أجل انتفاضة ثالثة»، بسبب الاعتداء الإسرائيلي على نساء القدس وهن يرابطن في المسجد الأقصى، وبالفعل لم يمر وقت كبير، حتى قام بعملية طعن أدت إلى مقتل مستوطنين بينهما حاخام في الجيش الإسرائيلي في شارع الواد بالبلدة القديمة في القدس.

الحادث المذكور سابقًا جاء نتجة لغضب فلسطيني، أدى إلى قيام الانتفاضة التي عُرفت بإسم «انتفاضة السكاكين»، الأمر الذي يطرح سؤالاً عن احتمالية وقوع تداعيات خطيرة، حسب «عباس»، مثل قيام انتفاضة فلسطينية رابعة، بعد انتفاضتي 1987-1993 و2000-2005، وانتفاضة «السكاكين» 2015.

«الانتفاضة الفلسطينية الثالثة- انتفاضة السكاكين»

في أكتوبر 2015، بدأت انتفاضة فلسطينية ثالثة، بسبب الاعتداء الإسرائيلي على نساء القدس وهن يرابطن في المسجد الأقصى، الأمر الذي أثار غضب الشباب، من ضمنهم شاب يُدعى، مهند حلبي، 19 عامًا، طالب بكلية الحقوق، والذي اعتُبر فيما بعد «مفجر الانتفاضة الثالثة».

كتب «مهند» على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي، «فيس بوك»: «حسب ما أرى فإن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا، وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أن شعبًا يرضى بالذل».

في اليوم الثالث من شهر أكتوبر، حمل «مهند» سكينًا وطعن مستوطنين بينهما حاخام في الجيش الإسرائيلي في شارع الواد بالبلدة القديمة في القدس، ومن بعدها استمرت عمليات الطعن ثأرًا لحق «مهند» ولما جرى في القدس.

استمرت المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، استخدم فيها الفلسطينيون كل أنواع السكاكين المتوافرة لديهم، من سكين المطبخ إلى الخنجر في هجماتهم المتصاعدة على الإسرائيليين، لمواجهة رصاص الاحتلال وقنابله، من خلال تنفيذ أكثر من 20 عملية طعن.

قالت ميري أيسين، وهى كولونيل سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: «إننا نتعامل مع أفراد يستخدمون أبسط أسلحة الإرهاب، ولا يمكننا مطاردة حاملى السكاكين، ولذلك ليس هناك رد أمنى على هذه الأزمة».

استمرت الانتفاضة الثالثة حتى عام 2016، التي راح ضحيتها 192 شهيدًا فلسطينيًا، كما قتل 30 إسرائيليًا و3 أجانب، مرّت خلالها بالتصعيد ضد قوات الاحتلال، تحديدًا في الفترة التي تزامنت مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، إلى اسرائيل، دون أن يحمل معه أجندة حول دفع عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

«الانتفاضة الفلسطينية الثانية- انتفاضة الأقصى»

في أواخر شهر سبتمبر 2000، اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام، أرييل شارون، رئيس وزراء اسرائيل، باحات المسجد الأقصى، في ظل حماية نحو ألفين من جنود الاحتلال، متجولاً في ساحات المسجد، وقال إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية.

اندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، مما أسفر عن مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 250 آخرون، بينهم 13 جندي إسرائيلي، ثم استمرت المواجهات العنيفة داخل مدينة القدس، ومنها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، في إعلان واضح وصريح عن قيام «انتفاضة الأقصى».

ومثلما كان مهند حلبي رمزًا للانتفاضة الثالثة، «انتفاضة السكاكين»، تحول الطفل، محمد الدرة، رمزًا للانتفاضة الثانية، وأيقونة عاشت لسنوات عديدة، عقب ظهوره برفقة والده، الذي حماه من رصاص جنود الاحتلال، فتحول الغضب الفلسطيني إلى نطاق أوسع، امتد للدول العربية وجميع أنحاء العالم.

تصاعدت المواجهات بعد مقتل «الدرة»، ونفذت الفصائل الفلسطينية هجمات داخل المدن الإسرائيلية، استهدفت المدنيين، وأسفرت في النهاية عن مقتل 4412 فلسطينيا إضافة إلى 48 ألفا و322 جريحا، بينما قُتل 1100 إسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4500 آخرين.

«الانتفاضة الفلسطينية الأولى- انتفاضة الحجارة»

في شهر سبتمبر أيضًا، وكأنه شهر الانتفاضات الفلسطينية، اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987، إثر صدم شاحنة إسرائيلية لسيارتين فلسطينيتين كانتا تقلان عمالاً من مخيم «جباليا» في قطاع غزة، وأسفر الحادث عن مقتل أربعة فلسطينيين وجرح تسعة آخرين من ركاب السيارتين، مما أثار غضب سكان المخيم الذين خرجوا إلى الشوارع يرشقون جنود الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، لذا عُرفت بـ «انتفاضة الحجارة».

انتشرت التظاهرات المعادية للاحتلال، فيما بعد، وشملت جميع فئات الشعب الفلسطينيي، واستمرت لمدت 6 سنوات، أي حتى 1993، بحصيلة شهداء وصلت إلى أكثر من 1000 شهيد، بينهم 241 طفلاً، فيما وصل عدد المصابين بأكثر من 80 ألف مصاب، واعتقال حوالي 15 ألف فلسطيني، وحوالي 160 إسرائيلي، بينهم 5 أطفال.

انتهت الانتفاضة وبقى التاريخ يذكُر، «انتفاضة الحجارة»، بسيرة الشهداء وكلمات الشاعر، نزار قباني: «بهروا الدنيا، وما في يدهم إلا الحجارة وأضاؤوا كالقناديل، وجاؤوا كالبشارة قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا«.