مستخدمو «تويتر» بعد الإعلان الدستوري: أين كلمة «ثورة»؟

كتب: عزة مغازي الخميس 31-03-2011 12:51

 

«أين كلمة ثورة؟». كان هذا هو التساؤل الأول الذي تلا صدور الإعلان الدستوري عصر الأربعاء على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والذي انقسم المشاركون فيه إلى معارضين لمحتوى الإعلان الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة وموافقين على ما جاء فيه.

في الساعات الثلاث الأولى على صدور الإعلان غلبت تعليقات المستخدمين الرافضين، وبعضهم عبر عن غضبه من الصلاحيات الواسعة التي منحها هذا الإعلان للمجلس العسكري. وعلقت الصحفية ليليان وجدي بإطلاقها اسم «يوم النكد العالمي» على هذا اليوم قبل أن تضيف «نشوفكم في التحرير يوم الجمعة».

ولم تكن ليليان وحدها من عبّر عن غضبه. فقد تساءلت الناشطة الحقوقية مها الأسود «ليه؟ ليه يا جيش؟» بينما علّقت هدى الصاوي «أحلى حاجة إن مفيش أي سيرة عن الاعتراف بالثورة.. مفيش حاجة اسمها ثورة اتعملت أساسًا».

وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريًا يحكم البلاد في المرحلة الانتقالية لحين انتخاب برلمان جديد ورئيس جمهورية. ويتولى المجلس الحكم منذ أن أنهت يوم 11 فبراير الماضي ثورة شعبية استمرت 18 يومًا حكم الرئيس السابق حسني مبارك الممتد منذ عام 1981.

ويتضمن الإعلان الدستوري 63 مادة تتعلق بالحريات العامة والحقوق، وتؤكد على الهوية الإسلامية لمصر. كما تضمن الإعلان مواد من دستور 1971 الذي علق المجلس العمل به فور تسلمه السلطة استفتى الشعب على تعديلها يوم 19 مارس، تتضمن شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وفرض الرقابة القضائية على انتخابات مجلس الشعب وتقييد سلطة رئيس الجمهورية في فرض حالة الطوارئ.

كما يمنح الإعلان سلطات واسعة للمجلس العسكري، فمن سلطاته التشريع والحكم وتحديد سياسة الدولة وإبرام المعاهدات وغيرها.

ورفض 22.7% من المشاركين في الاستفتاء هذه التعديلات لأنها لم تتطرق إلى السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية ولم تلغِ العمل بدستور 1971 الذي يرون أن الثورة أسقطته. وأعلن المجلس العسكري أن دستور 1971 لن يعاد العمل به قبل الاستفتاء بأيام قليلة.

وعلى الرغم من هذا الإعلان إلا أن عددًا من مستخدمي «تويتر» اعتبروه نسخة أخرى من دستور 1971 مع بعض «الرتوش».

وتزايدت حدة هذا الغضب مع إعلان «قناة الجزيرة» أن المجلس العسكري رفض إذاعة أسئلة الصحفيين للواء ممدوح شاهين، نائب وزير الدفاع للشؤون القانونية وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي لخّص ما ورد في الإعلان.

واستنتج مشاركون أن المجلس تخوّف من تلقي أسئلة وتعليقات غاضبة من صحفيين أثناء المؤتمر فاتخذوا هذا الإجراء الاحترازي.

ووسط كل هذا الصخب طالب الصحفي أحمد رجب المتناقشين بالهدوء وقراءة الإعلان بتمهل قبل التعليق، واصفًا بعض ردود الأفعال بأنها تعبر عن «ثقافة الدرجة الثالثة». لتكتب بعده سامية جاهين تعليقًا قام مستخدمي الموقع بإعادة إرساله عدة مرات، قالت فيه «الإعلان الدستوري لا يسقط الدستور القديم. الدستور القديم ما زال معطلا ولم يسقط!». وهو ما دعا الناشط محمد واكد للتعليق «أهم ما في الإعلان الدستوري هو أن التصويت على التعديلات لم يكن له أى معنى» متسائلاً «لماذا لم يصدر المجلس هذا الإعلان من البداية دون إجراء الاستفتاء؟».

لم يكن عدم إلغاء دستور 1971، وإصدار إعلان مشابه له يتيح صلاحيات واسعة للمجلس العسكري يتم نقلها لرئيس الجمهورية لاحقا، هما مثار الاعتراض وحدهما؛ فقد كان صدور إعلان يتضمن 63 مادة بعد الاستفتاء على تعديل تسع مواد فقط محفزًا لغضب مستخدمي تويتر الذين شعروا أنهم ضُلِّلوا، وهو ما ظهر في تعليقات الناشطين وائل خليل وعبد الرحمن غريب والصحفية رشا عزب وغيرهم.

الناشط والمدون علاء عبد الفتاح قاد النقاش إلى وجهة أخرى ردًا على تعليق رافض لاستمرار شرط تخصيص نسبة 50 بالمائة على الأقل من مجلس الشعب للعمال والفلاحين. حيث طالب عبد الفتاح بوضع محددات قانونية تضمن تمثيل هاتين الفئتين بالفعل فى البرلمان بمجلسيه، خاصة مع تسلل العديد من رجال الأعمال والمهنيين إلى المجلسين تحت تصنيف العمال والفلاحين دون أن يكون لهما صلة حقيقية بهاتين الفئتين.

وعلى مدار ساعة ونصف تالية لانتهاء المؤتمر الصحفي استمر النقاش بين عبد الفتاح ووائل خليل ونوارة نجم وتامر موافى من جانب والمعارضين لتخصيص نسبة للعمال والفلاحين في البرلمان على الجانب الآخر.

وأبدت الصحفية رشا عزب تخوفًا من أن يتحول مجلس الدفاع الوطني الذي تنص المادة 54 من الإعلان على إنشائه وتؤكد تولي رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر فى الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها إلى جهاز «أمن دولة» جديد وبنص دستوري، إلا أن مخاوفها لم تلق أي ردود فعل.

ولم يستحدث الإعلان الدستوري هذا المجلس الذي ينص دستور 1971 على وجوده ويوكد كذلك على تبعيته لرئيس الجمهورية واختصاصه بالدفاع عن سلامة البلاد.

وكانت هناك تعليقات متشائمة بشكل عام ترى في الإعلان فرضًا لإرادة الجيش وحده على الجميع، منها تعليق د. مصطفى النجار، منسق الجمعية الوطنية للتغيير «وفى النهاية أثبت الجيش أنه أذكى لاعب فى الساحة السياسية ولا عزاء للأغبياء.. مبروك عليكم الإعلان يا فرسان نعم ولا» في إشارة لانقسام النشطاء والمدونين بين موافق على التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء عليها ورافض لها.

ولكن كانت هناك ردود فعل متفائلة منها وتقبل الإعلان الدستوري بشكل عام وتنتظر أقرب انتخابات لتعبر فعلا عن اختيار الشعب بعد الثورة. كان منها تعليق للصحفي عمرو عزت قال فيه «بالنسبة للإعلان الدستوري: قشطة! كلها شهور وتبدأ الشرعية الديمقراطية للثورة».

وكان هناك أيضًا تعليق لعلاء عبد الفتاح «طيب، الإعلان الدستوري كويس جدا في رأيي يا شباب، و العيب الوحيد هو طول الفترة قبل انتخابات المجلس، لكن ممكن نعتبر ده مساومة مع معسكر لا».

وكان عمرو وعلاء من قلة من المدونين الذين كانوا معارضين لمبارك وأيدوا التعديلات الدستورية الأخيرة كمواد انتقالية إلى حين تشكيل دستور جديد عن طريق مجلس منتخب، ودافع علاء عن هذا السيناريو «فوز نعم في الاستفتاء معناه عدم إجراء تعديلات واسعة لحين انتخاب سلطات، النقاش للدستور القادم» ودعا المدونين للنقاش الأكثر جدوى في رأيه وهو بحث ماذا يمكن أن نفعل في الانتخابات القادمة وكيف يجب أن يكون شكلها.

وبعد 3 ساعات من الإعلان توقفت المناقشات المفصلة حول مواد الدستور وعادت التعليقات لتنقسم بين معارضين للإعلان ومحتوياته إجمالا وبين قلة من المرحبين، إلا أن الجميع انصرف عن مناقشة الإعلان بمجرد بدء وقائع الجلسة التنسيقية الأولى للحوار الوطني المقام بمبادرة من مجلس الوزراء برئاسة د. عصام شرف، وتعجب الكثيرون من عدم دعوة رموز فاعلة كان من المتوقع أن تكون هناك، وكان التساؤل الأكثر ترددًا هو : «أين البرادعي؟».