مكتبة الإسكندرية وثقافة الشر والأذى

ياسر أيوب الجمعة 24-11-2017 21:52

تنظم مكتبة الإسكندرية يوم الاثنين بعد غد مؤتمرها الدولى الأول لثقافة الشباب والمحور.. والعنوان أو المحور الأساسى لهذا المؤتمر هو تخطى حواجز الاختلاف من خلال وسائل الإعلام والرياضة.. وفى البداية أشكر مكتبة الإسكندرية ورئيسها الدكتور مصطفى الفقى وكل مسؤوليها على هذه الفكرة أو هذه المحاولة.. نفس الشكر الذى أقدمه لكل وأى أحد لا يزال يسعى وراء ثقافة التسامح وقبول الآخر رغم أى خلاف واختلاف من أى نوع.. ففى الماضى كان هذا التسامح وقبول الآخر هو القاعدة، أما الرفض والتطرف والإقصاء والكراهية فكانت هى الاستثناء.. وأصبح الاستثناء اليوم هو القاعدة وبات التسامح جنونا أو شذوذا أو ضعفا أو غباء.. وكنت أتمنى لو أن المكتبة اختارت الإعلام أو الرياضة وسيلة لتخطى حواجز الاختلاف وليس الاثنان معا فى نفس المؤتمر ونفس الوقت أيضا.. وإلا أصبح القصد هو مجرد لافتة للعنوان وقاعة تمتلئ بوجوه وأسماء وكلام كثير لا ينتهى بأى أفكار ومقترحات وخطوات حقيقية.. فالحديث عن دور الإعلام فى استعادة ثقافة التسامح يحتاج ملفات ومفردات تختلف تماما حين يدور الحديث عن دور الرياضة.. ومن بين المشاركين فى هذا المؤتمر ضيوف أجانب ينتمون لبلدان وثقافات مختلفة ولم تعلن المكتبة بعد ما إذا كان هؤلاء الضيوف ينتمون للإعلام أم الرياضة.. خاصة أن الإعلام والرياضة فى مصر كانا أهم وأشرس أسلحة ووسائل نشر الكراهية والعداء والتعصب والتطرف أيضا.. ويتطلب الأمر كثيرا من الفكر والكلام لاستخدام نفس الوسيلتين لنشر التسامح والحوار وضرورة قبول الآخر.. وفى كل الأحوال يبقى الشكر الحقيقى لمكتبة الإسكندرية التى لا تزال تحاول وتحلم باستعادة ثقافة التسامح والحوار.. ففى الرياضة، على سبيل المثال، يكفى متابعة ما جرى قبل وأثناء الانتخابات فى الاتحادات والأندية لندرك حجم المأساة التى أصبحنا نواجهها.. حيث باتت الرغبة فى إيذاء الآخر وتشويهه وتجريحه وإهانته والسخرية منه هى السلاح الأول وربما الأوحد فى أيدى كثيرين عبر كل المستويات.. ومثلما كانوا فى الماضى يبيعون البركة وصكوك الغفران لمن يدفع المال.. أصبح هناك اليوم من يمنح شهادات التقدير والاحترام فقط لمن يوافقهم الرأى والاختيار بشكل مطلق دون أى حرية أو حتى حق المراجعة والسؤال.. وبهذه الثقافة لا تبقى أى انتخابات مجرد منافسة بين رؤيتين ومنهجين وفريقين دون انتقاص من مكانة واحترام الجميع أيا كانت أفكارهم وخياراتهم.. إنما تصبح حربا بين أهل الخير وأهل الشر وبين الملائكة والشياطين أو المصلحين والفاسدين.. ويتكرر نفس الأمر بنفس ثقافة الإهانة والأذى مع كثير من مشجعى الأندية وجماهيرها.. حيث تصبح كل الاتهامات ممكنة وكل الأكاذيب والإهانات أيضا حتى لو كان الثمن هو المزيد من الكراهية والعداء والخوف والدم.. وتغيير ذلك كله أصبح يلزمه كثير من الجهد والفكر والوقت.. وتلزمه أيضا تحية التقدير والاحترام لكل من يحاول ذلك مثل مكتبة الإسكندرية التى بالتأكيد لن تبقى وحدها فى هذا المجال وسيكون هناك آخرون بالتأكيد باتوا يخافون من ثقافة الكراهية وشرورها ويريدون استعادة مصر القديمة بوداعتها وهدوئها وتسامحها أيضا.