كشف خبراء عن عقبة قد تواجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في طريقه نحو القضاء على الفساد وبداية التحول الاقتصادي في المملكة، حسبما ذكرت وكالة «سبوتنيك».
ولا تزال الكثير من التفاصيل الخاصة بعملية احتجاز الأمراء غير واضحة، نتيجة ندرة البيانات التفصيلية من قبل الحكومة، فضلا عن الخوف الشديد بين أقارب المحتجزين وشركائهم.
وعلى الرغم من تسريب العديد من الأسماء، رفضت الحكومة تقديم معلومات عن حالات فردية، مُرجِعة ذلك إلى قوانين الخصوصية، وفقًا لتقرير «نيويورك تايمز».
وبعد أسبوعين من بدء الحملة، يحاول المسؤولون السعوديون تمديد فترة الاعتقال إلى أجل غير مسمى كجزء عادي من عملية التفاوض الجارية حول التسوية، على غرار النهج الذي يتبعه المدعون الغربيون مع «المجرمين ذوي الياقات البيضاء».
لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن المقارنة تتجاهل الخلافات الحرجة، مثل الحماية القانونية للمتهمين، إذ يقول آدم كوجل، الباحث لدى منظمة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط، والمعني بشؤون المملكة العربية السعودية، إنه لو لم تقدم السلطات السعودية فرصة للدفاع الشرعي فإن ذلك قد يثير الشبهات حول العملية من الجهة القانونية.
الخبراء يرون أن هذه الجزئية تحديدًا في غاية الأهمية للمملكة، لكي تؤتي الحملة التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان ثمارها، لكن الأمر قد يستغرق سنوات طويلة كما يقول على الشهابي، المدير التنفيذي لمؤسسة العربية، وهي منظمة بحثية في واشنطن قريبة من الحكومة السعودية، والذي يلفت إلى أهمية إضفاء الصفة القانونية على العملية، وذلك لمصلحة الدولة قبل كل شيء، لأنها ستكون بحاجةٍ إليها لاستعادة الأصول التي يستقر معظمها في دول الخارج.
وقال «الشهابي»، إن الحملة تستهدف ردع الفساد واستعادة الثروة المسروقة التي يمكن أن تصل إلى مئات المليارات من الدولارات إذا تم إدراج العقارات، وربما تبدو تعسفية، بيد أن الإصلاحات السريعة هي ما تحتاجه المملكة، مضيفًا: «مع ذلك، فإن بعض إجراءات هذه العملية من شأنه أن يرفع إشارات حمراء في الغرب».
ولكن حتى أولئك الذين يؤيدون الحكومة السعودية في اتخاذها خطوات للتخلص من الفساد المستشري، يؤكدون أن هذا الشرط شديد الأهمية، لأن خصوصية القضية وغموضها يمكن أن يعوق الجهود اللاحقة لاستعادة تلك الأصول، وفقًا للتقرير.
ويرى الخبراء، أن أي جهود لاستعادة الثروة من الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وغيرها من الدول الغربية التي يمتلك فيها السعوديون الأغنياء حيازات ضخمة تتطلب إثبات أن السعودية اتبعت المعايير الدولية لحقوق الإنسان والإجراءات القانونية الواجبة، ومن ثم سيكون للمدعى عليهم الحق في الاستئناف أمام المحاكم الغربية، وهي عملية يمكن أن تطول كثيرًا بالنسبة للمملكة ما دامت لا ترغب في نشر إجراءاتها الخاصة.
وقالت جريتا فينر، المديرة التنفيذية لمعهد بازل للحوكمة، والخبيرة المعنية باسترداد الأصول في قضايا الفساد، إن «حقوق الإنسان هي جانب حاسم من جوانب التعاون الدولي في المسائل القضائية».
وقال دنكان هامس، مديرة السياسة في منظمة الشفافية الدولية بالمملكة المتحدة، إنه على الرغم من مليارات الجنيهات في الأصول الفاسدة التي يعتقد أنها في بريطانيا، إلا أن القليل منها سيتم إعادته للمملكة، مشيرة إلى أن انتفاضات الربيع العربي لم تسفر إلا عن إعادة منزل واحد فقط في بريطانيا.
وأضافت أنه «قد تجد الحكومات الأجنبية التي ستتم مخاطبتها لاسترداد الأصول أن القضايا لم تستوفِ النواحي القانونية، ولا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت الأدلة المقدمة ستصمُد أمام الفحص والتدقيق في محاكم المملكة المتحدة».
ويرى خبراء أن ولي العهد محمد بن سلمان سيحتاج إلى سرعة الانتهاء من حملة التطهير كي يتمكن من تنفيذ رؤيته الاقتصادية التي طرحها لعام 2030 إذ إن أي تأخير ليس في صالحه.
لكن فاطمة باعشن، المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، قالت إن تهم الفساد تعامل على أنها جرائم «ذوي الياقات البيضاء»، إذ تقوم لجنة مكافحة الفساد، التي أنشئت بموجب مرسوم ملكي، بتنفيذ ولايتها «بطريقة مسؤولة وحكيمة»، مع إشراف من المدعي العام «لضمان امتثال اللجنة للقوانين واللوائح ذات الصلة».
وفيما قال مقربون من ثلاثة معتقلين إن أقاربهم لم يتصلوا بمحاميهم ولم يسمح لهم إلا بمكالمات هاتفية قصيرة إلى أسرهم، حيث لم يتمكنوا من تقديم أي معلومات عن مكان وجودهم أو وضعهم، تنفي السيدة باعشن ذلك قائلة: «من حيث الحصول على المشورة القانونية، فإن من يخضعون للتحقيق الحق في التماس المشورة، وقد طلب البعض ذلك وسُمح لهم، وجميع الذين يخضعون للتحقيق على اتصال دائم بأفراد أسرهم».
وبحسب التقرير، قال طبيب، ومسؤول أمريكي يتعقبان الوضع، إن ما يصل إلى 17 من المحتجزين كانوا بحاجة إلى عناية طبية بسبب سوء المعاملة، لكن المتحدثة باسم السفارة تؤكد أن أيا من المحتجزين لم يتعرض لسوء المعاملة: «الرعاية الطبية والصحية الشاملة متاحة لكل المحتجزين».