سفير مصر في أسمرة: علاقتنا مع إريتريا ليست ضد إثيوبيا.. وتصب في مصلحتها (حوار)

«المصري اليوم» فى رحلة الـ120 ساعة إلى «عاصمة الكفاح المسلح» (3)
كتب: سمر إبراهيم الجمعة 17-11-2017 21:53

قال ياسر على هاشم، سفير مصر في إريتريا، إن علاقة القاهرة بأسمرة ليست موجهة ضد إثيوبيا، بل تصب في مصلحتها، معللا ذلك بأنه من الممكن أن تلعب مصر دوراً جيداً في إزالة التوتر العالق بين إريتريا وإثيوبيا، وتقوم بدور الوسيط، لحل النزاع القديم والتاريخى بينهما، مؤكدا أن إريتريا تمتلك أكثر من 1200 كيلو متر على البحر الأحمر، وتعد دولة استراتيجية لعمق مصر لإشرافها على باب المندب مما يساعد في الحفاظ على أمن البحر الأحمر وقناة السويس.

وأضاف هاشم، في حواره لـ«المصرى اليوم»- ضمن الحلقة الثالثة من «رحلة الـ120 ساعة إلى عاصمة الكفاح المسلح، وأرض هجرة الحبشة»- أن الدبلوماسية المصرية لا تعمل بمبدأ «الانتقائية»، وعلاقتها طيبة مع الجميع، ولفت إلى أن السفارة المصرية بإريتريا تعتبر نفسها مسؤولة عن تصحيح صورة إريتريا لدى الرأى العام المصرى والعربى والدولى، إيماناً منها بعدالة القضية الإرترية، وإلى نص الحوار:

■ بداية.. كيف تقيم العلاقات بين مصر وإريتريا في الوقت الحالى؟

- العلاقات بين البلدين في الوقت الحالى متميزة، وقوية واستراتيجية، وفى تطور سريع، ومؤشر تطورها له بصمة واضحة على جميع مجالات التعاون بين الجانبين.

■ برأيك لماذا تراجع دور مصر في القارة السمراء في العهود الماضية؟

- البداية كانت عقب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك، في أديس أبابا عام 1995، ثم تطور هذا الإهمال في فترة الصراع المسلح بين إريتريا وإثيوبيا، عام 1998 وحتى عام 2000، ووصل لذروته في فترة الخلافات بين دول حوض النيل، في نفس العام حتى عام 2002.

■ ومن المسؤول عن هذا التراجع السياسى في أفريقيا؟

- المسؤول الأول عن هذا التراجع هو «القيادة السياسية» آنذاك، بدليل أنه منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى سدة الحكم، والاهتمام بالقارة في أزهى صوره، وتوجيهات الرئيس تصب في هذا الإطار.

■ وكيف كانت تتعامل مصر قديماً مع دول حوض النيل، وخاصة إثيوبيا في تفكيرها ببناء سدود على نهر النيل؟

- مصر في بداية عهد مبارك، كانت تتميز بعنفوانها السياسى، وتتمتع بثقل كبير في القارة السمراء، حيث كان هناك لجنة مشتركة مُشكلة من وزارة الخارجية، وجهاز المخابرات العامة، ووزارتى الدفاع والرى، تجتمع بشكل دورى في إثيوبيا، وننقل لها رفضنا تلك المشروعات التي تضر بحصة مصر في نهر النيل في عقر دارهم، حيث كنا نستند إلى ثوابت قانونية، طبقاً للمعاهدات الدولية المبرمة في العهود الاستعمارية، استناداً لمبدأ توارث «الاتفاقيات الدولية» في الاتحاد الأفريقى، وذلك باعتبار أن معظم الدول الأفريقية كانت مستعمرة من «إيطاليا وفرنسا وإنجلترا»، وبالتالى مبدأ مناقشة المعاهدات القديمة مرفوض، لأنه بذلك أيضاً كان سيفتح باب نقاش ترسيم الحدود الأفريقية، وبالتالى ستتوالى أزمات ونزاعات لا حصر لها، ومن ثم ستضيع حدود البلاد الأفريقية، وهذا المبدأ يسمى بـ «مبدأ قدسية الحدود» في الاتحاد الأفريقى.

هذا بالإضافة إلى قواعد «هلسنكى» التي أقرت عام 1966، والتى تقر أن دول المنبع لا يمكنها الإضرار بدول المصب، وعدم إقامة أي مشاريع إلا بموافقتها، ومع قيام ثورة 25 يناير وفترة حكم الإخوان، كاد أن يصل الوضع إلى كارثة حقيقية.

وفى عام 1997، تم اقتراح الاتفاقية الدولية لاستخدام الأنهار الدولية، في غير الأغراض الملاحية، والتى تتضمن مبادئ جديدة بشأن تسعير وبيع المياه، حيث كانت تنص في مادتها الثالثة على «أن أي دولة عضو في منظمة اقتصادية، وتتشارك مع دولة من دول حوض النهر مثل نهر النيل، تعتبر هي الأخرى دولة من دول حوض النهر»، ومن ثم كانت تلك المادة ستمنح إسرائيل فرصة أن تكون دولة من دول حوض نهر النيل، إذا ما قامت بالانضمام لمنظمة اقتصادية شرق أوسطية، وذلك كما اقترح شيمون بيريز آنذاك، ولكن تكثفت الجهود المصرية لوقف توقيعها، وتم رفضها بشكل جذرى، ولكن إثيوبيا كانت دائماً تحاول التنصل من تلك الاتفاقيات السالف ذكرها، والتنصل من جميع المبادئ القانونية التي تستند إليها مصر، ووجدت في هذه الاتفاقية الإطارية ضالتها، حتى تبلورت في اتفاقية عنتيبى، ولكن مذكرة التفاهم الثلاثية بين «مصر والسودان وإثيوبيا»، حاولت إصلاح الوضع بعد وصول الرئيس إلى سدة الحكم، واعترفت مصر بحق إثيوبيا في التنمية، بدون الإضرار بحصتنا في نهر النيل.

■ عقب تقديم أوراق اعتمادك كسفير مصر في إريتريا، ما الخطة التي وضعتها لتطوير العلاقات بين البلدين؟ وهل هناك توجيهات بعينها من الرئيس السيسى لسفراء الدول الأفريقية على وجه التحديد؟

- عقب صدور قرار تعيينى كسفير لمصر في إرتريا، صدر جواب تكليف من وزير الخارجية، بأولويات تطوير العلاقات بين القاهرة وأسمرة، وكان على رأسها عودة العلاقات لطبيعتها السابقة، بحيث تكون أولاً: قوية واستراتيجية في وقت قصير، ثانياً: تطوير العلاقات في جميع المجالات «تجارية وزراعية واقتصادية»، ثالثاً: فتح مجالات جديدة للمنتج المصرى، لزيادة حركة التبادل التجارى بين البلدين، رابعاً: التنسيق السياسى مع إريتريا في كافة المحافل الدولية.

أما الرئيس السيسى فمن أولوياته في سياستنا الخارجية الاهتمام بالقارة الأفريقية والتنسيق مع دول القرن الأفريقى، وحوض النيل أيضاً. وتوجيه الدعم الكامل لدولها، وتعليماته لسفراء مصر في الدول الأفريقية محددة على هذا النحو، وذلك لأن مصر فقدت الدعم الأفريقى في كثير من الملفات، فكان لابد من عودة الدور المصرى لنصابه الصحيح، وخاصة مع إريتريا باعتبارها تشرف على مضيق باب المندب، وتتعلق بأمن الملاحة في البحر الأحمر، وقناة السويس أيضاً، فمصر الآن لديها علاقات طيبة مع إريتريا، وإثيوبيا، وجيبوتى، والصومال، أي مع جميع دول القرن الأفريقى، والأمر الهام الذي شدد عليه الرئيس السيسى لنا كسفراء هو أن علاقة مصر بأى دولة لا تكون على حساب علاقاتها مع الدول الأفريقية الأخرى.

■ هل تطور علاقات «القاهرة – أسمرة» موجه بالأساس ضد إثيوبيا؟

- علاقتنا مع إريتريا ليست موجهة ضد إثيوبيا على الإطلاق، لكن من المؤسف أن الجانب الإثيوبى دوماً يفسر أي تقارب بين إريتريا وأى دولة أخرى، وخاصة مصر، تفسيرا سيئا، وذلك نظراً للنزاع التاريخى بينهما، فضلاً عن التوتر الذي كان يشوب علاقة القاهرة مع أديس أبابا بسبب سد النهضة، لكن الواقع يؤكد أن التطور الملحوظ بين مصر وإريتريا يصب في مصلحة إثيوبيا، حيث إنه من الممكن أن تلعب مصر دورا جيداً في إزالة التوتر العالق بين إريتريا وإثيوبيا، وتقوم بدور الوسيط، لحل النزاع القديم والتاريخى بينهما، فضلاً عن أن إريتريا تمتلك أكثر من 1200 كيلو متر على البحر الأحمر، ودولة استراتيجية لعمق مصر، وذلك لإشرافها على باب المندب وهذا يهم حركة الملاحة وأمن البحر الأحمر وقناة السويس، وأؤكد أن علاقة مصر القوية بجميع دول المنطقة تسمح لها بالتحرك الحر، والوساطة بين الأطراف الدولية، وذلك كما ذكر سفير جيبوتى بالقاهرة في حواره مع «المصرى اليوم»، وطلب وساطة مصر بين بلاده وإريتريا لحل الأزمة بينهما أيضاً، برغم وجود الوساطة السياسية القطرية، فهدف مصر الحقيقى هو إرساء وتحقيق السلام في جميع دول المنطقة، وخاصة الدول الأفريقية.

■ برأيك ما أهم نقاط الضعف في علاقتنا قديماً مع الدول الأفريقية، والتى نحاول تخطيها في الوقت الحالى؟

- مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانت تقدم الدعم السياسى لجميع الدول الأفريقية، لمساعدتها في حركات التحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقلال، أما مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات فكانت تقدم الدعم الفنى، والدورات التدريبية، بالإضافة إلى تقديم الدعم السياسى لمواجهة الأزمات التي كانت تواجههم في الأمم المتحدة، لكن في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، تغير المشهد السياسى، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث كان هناك حالة إهمال شديد نظراً للظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها مصر، والسبب الآخر يتعلق باهتمامه بالصراع العربى الإسرائيلى والقضية الفلسطينية، والصراع بين دول الخليج وإيران، والإهتمام بالولايات المتحدة الأمريكية عقب انهيار الاتحاد السوفيتى، أما «مصر –السيسى» فتحاول العودة لقوة عهد عبدالناصر في أفريقيا، خاصة فيما يتعلق بالدعم السياسى الكامل لهم في كافة المحافل الدولية، حتى نستطيع الحصول على دعمهم أيضاً، والدليل على ذلك حصول مصر على 176 صوتا، أثناء انتخابها لعضويتها في «مجلس الأمن»، معظم تلك الأصوات كانت من الدول الأفريقية.

■ وما آليات خطة العودة لأفريقيا؟

- البداية كانت من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وهى تطوير للصندوق الأفريقى، هذه الوكالة مهتمة بجميع التدريبات وآليات التنمية للأفارقة، في مجال الصحافة، والإعلام، والزراعة، والكهرباء والدبلوماسية، تلك الوكالة هي إحدى أذرع وزارة الخارجية في دعم الدول الأفريقية، وحققت نجاحات كثيرة في الفترة الأخيرة، وأؤكد أن أفريقيا دائما تحتاج الدعم السياسى المصرى، وذلك لخبرة مصر في الأساليب التفاوضية، والدبلوماسية والفنية، وتحتاج أيضاً إلى خبرتنا في المحافل السياسية، ولأنه أثناء فترة غياب مصر عن القارة، تشتتت الانتماءات والتحالفات مع الدول الكبرى، فلم يجدوا بديلاً غير الدول الاستعمارية القديمة، أو الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لكنهم دوماً في احتياج إلى «الأخت الكبرى».

■ ما أهم المشاريع الاقتصادية المصرية في إريتريا؟

- أولاً على المستوى الصحى، استطعنا من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، الحصول على موافقة الوكالة، لإنشاء مركز طبى مصرى بأسمرة في أحد المستشفيات بإريتريا، وذلك لمساندة المواطنين الإرتريين وتوفير رعاية طبية تليق بهم، كما تم تنظيم «قافلتين طبيتين» العام الماضى، قامتا بمعالجة الآلاف من المرضى، وعمل العديد من العمليات الجراحية لهم، ومصر ستتحمل رواتب هؤلاء الأطباء.

وعلى المستوى الاقتصادى، استطعنا بالشراكة مع وزارة الزراعة إقامة «المزرعة النموذجية المشتركة»، في منطقة «دوجالين» التي تبعد 25 كيلو مترا من ميناء مصوع، وهى منطقة بها مياه جوفية وآبار جاهزة للعمل، كما تم الاتفاق على إنشاء «مجزر آلى» و«مزرعة لتسمين المواشى»، وبالاتفاق مع وزارة الكهرباء تم إنشاء محطتين للطاقة الشمسية.

وعلى المستوى التجارى، قامت الشركة الوطنية المصرية للثروة السمكية التابعة للقوات المسلحة بالاتفاق مع الجانب الإرترى على وضع خطة عمل للصيادين المصريين بحيث يقومون بالصيد في المياه الإقليمية الإرترية بالمراكب الخاصة بهم، وحصيلة الصيد في الموسم الواحد حوالى 100 ألف طن سمك، ونص الاتفاق على مناصفة الإنتاج السمكى، بالإضافة إلى بيع ما تحتاجه مصر من كميات إضافية.

والجدير بالذكر أن الأزمة الطاحنة السابقة في مصر، المتعلقة بارتفاع سعر الأسماك، تم حلها بعد استيراد أطنان الأسماك من إريتريا، وطرحها في الأسواق المصرية، مما أدى لانخفاض الأسعار مرة أخرى.

ومن خلال تلك الاتفاقية المبرمة بين الجانبين أيضاً، تم إنشاء مصنع تبريد وتجفيف للأسماك، بالإضافة إلى إنشاء مصنع «الأعلاف السمكية» الذي سيتم تصدير إنتاجه لمزرعة بركة غليون بكفر الشيخ، التي قامت بإنشائها القوات المسلحة، وستكون تلك المزرعة الأكبر حجماً على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا أيضاً.

وعلى المستوى الرياضى، ترسل مصر مدربين فنيين لمنتخبات الدول الأفريقية، وقد تم التواصل مع وزير الشباب والرياضة، وطلب إرسال مدرب مصرى لتدريب المنتخب الإرترى، وذلك إعمالاً للتجربة السابقة الناجحة للكابتن «مشير حنفى» لاعب النادى الأهلى السابق، حيث قام بتدريب المنتخب الإرترى لمدة 3 سنوات في أواخر حقبة التسعينيات، وكانت له تجربة رائعة، والجانب الإرترى يتمنى تكرارها مرة أخرى.

■ كم يبلغ حجم الاستثمارات المصرية في إريتريا؟

- لا يوجد أرقام محددة حتى الآن، نتيجة أن قانون الاستثمار في إريتريا، يحتاج إلى إعادة نظر في العديد من بنوده، ولكن المستثمر المصرى حصل من الحكومة الإرترية على مزايا خاصة، لأن الدولتين عضوان في «منظمة الكوميسا»، فلا يوجد جمارك أو ضرائب على المشروعات المصرية المقامة هنا، كما أن المشروعات الضخمة التي تأتى في المرتبة الأولى لأولويات الحكومة الإرترية منحتها للمصريين مثل «مجال الرخام، المعادن، إنشاء المصانع»، وشركة السويدى للكابلات باكورة إنشاء المصانع في الفترة المقبلة.

■ وماذا عن التبادل التجارى بين البلدين؟

- حركة التبادى التجارى بين البلدين قوية للغاية، حيث إن إريتريا تقوم باستيراد الأسمنت، والدقيق، والسيراميك، ومستلزمات الكهرباء، والأدوية أيضاً من مصر، كما نسعى لإقامة مصنع لإنتاج الأدوية قريباً.

■ وكيف يتم التعامل المالى بين البلدين، خاصة أن العملة المحلية الإرترية غير متداولة في مصر، والعكس صحيح؟

- تم الاتفاق بين الجانبين، على فتح حساب بالدولار في البنك التجارى الإرترى، في أحد البنوك المصرية لتلبية متطلبات الاستيراد والتصدير، وإحداث توازن بين تبادل العملتين المحليتين.

■ ما أوجه التعاون مع مصر في ملف مكافحة الإرهاب؟

- إريتريا موقع عليها عقوبات عسكرية واقتصادية، منذ عام 2009، والعقوبات العسكرية تتضمن «حظر تصدير واستيراد السلاح، وحظر التدريب، والتعاون العسكرى» معها، وبالتالى ليس هناك تعاون في الوقت الحالى، ولكن بالتأكيد عقب رفع العقوبات سيتم تفعيل التعاون في هذا المجال.

■ ما دور السفارة المصرية بإريتريا، في الإمداد بمعلومات صحيحة عن الدولة الإرترية أمام العالم العربى والدولى؟

- السفارة المصرية بإرتريا، تعتبر نفسها مسؤولة عن تصحيح صورة إريتريا لدى الرأى العام المصرى والعربى والدولى أيضاً، وذلك إيماناً منا بعدالة القضية الإرترية، بالإضافة إلى أن إريتريا تشترك مع مصر ثقافياً فيما يسمى بـ «ثقافة البحر الأحمر»، وأهلها يشبهون أهالينا في «أسوان والنوبة»، فضلاً عن التاريخ الفرعونى والدينى الممتد مع مصر، والعلاقات بين الجانبين قوية، وتاريخية، وزيارة وفد المصرى اليوم لإريتريا جزء من تلك المنظومة، حيث إن الرأى العام يستقى معلوماته من وسائل إعلام غربية أو إثيوبية غير محايدة على الإطلاق، والجانب الإرترى يعتبرها مصادر مُعادية له.

■ كيف يمكن تحقيق توازن دبلوماسى بين علاقة مصر مع إريتريا من جانب، ومع إثيوبيا من جانب آخر؟

- كل سفير في دولة ما في أفريقيا، مُكلف بتوطيد العلاقات الثنائية معها، وهذا توجه عام في سياسة وزارة الخارجية المصرية، كما أن الدبلوماسية المصرية لا تعمل بمبدأ «الانتقائية»، فعلاقاتنا طيبة مع الجميع حتى يثبت عكس ذلك، والدليل على ذلك علاقاتنا مع دولة قطر، حيث إنه عندما ثبت لنا أنها تدعم وتمول الإرهاب، كان لمصر وقفة حازمة وقوية أمام العالم، فسياسة مصر الخارجية «سياسة شريفة»، لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى، ونهتم بالحفاظ على استقرار جميع الدول وخاصة الدول الأفريقية فهم أشقاؤنا، ولكن لا نسمح أن يتم وضع خط سياسى محدد لنا، وعلاقتنا مع إريتريا تتطور إلى أبعد مدى، ولن نسمح لأى دولة أن تحدد توجه أو مسار أو توقيت تلك العلاقات.

■ وما آخر تطورات التعاون مع إريتريا في ملف مكافحة القرصنة والهجرة غير الشرعية وحماية مضيق باب المندب؟

- قام الجانبان المصرى والإرترى، بإجراء عدة اتصالات مع خبراء دول البحر الأحمر، لبحث وسائل وآليات تأمين شاطئ البحر الأحمر، وتبادل المعلومات في هذا المجال، ويتم التفكير حالياً في إنشاء آلية «تأمين باب المندب»، لأن تأمينه مسؤولية الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، كما أن هناك تعاونا في مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث إننا نرفض تدخل أي دولة غربية في سياساتنا التي تخص حماية البحر الأحمر، مثل «الاتحاد الأوروبى» الذي يحاول طرح سياسات غير ملائمة لنا من خلال تعظيم دور منظمات أخرى مثل «منظمة الإيجاد»، وهذا أمر مرفوض تماماً، وإذا تم الاحتياج لأى دعم غربى في المستقبل، سنعلن عن ذلك دون تردد.

■ هل هناك قواعد عسكرية إيرانية أو إسرائيلية في إريتريا؟

- عقيدة النظام الإرترى متضامنة مع حقوق الشعب الفلسطينى، وبالتالى هم لا يرحبون بأى تواجد عسكرى إسرائيلى في بلادهم، فضلاً عن أن التاريخ يؤكد أن هناك علاقات غير جيدة بين الجانبين، لأن إسرائيل ساندت إثيوبيا في حربها ضد إريتريا عام 1998، بعد أن قامت بتسليم صور بالأقمار الصناعية لإثيوبيا، وكشف التحركات العسكرية الإرترية على الجبهة، وبالرغم من وجود تمثيل دبلوماسى رسمى بين البلدين، إلا أن سفير إسرائيل في إريتريا، تحركاته الدبلوماسية مع الجانب الإرترى في نطاق ضيق للغاية، وعن القواعد الإيرانية، فإن نظام الدولة الإرترية طبقا للدستور هو نظام علمانى، يعمل على اندماج وتكاتف أطياف الشعب مسلمين ومسيحيين، كما أن النظام ضد التطرف المسيحى أو الإسلامى، ومن هنا تصنف إريتريا على أنها أحد ضمانات عدم انتشار المد الإسلامى المتطرف القادم من الصومال، وغيرها في منطقة القرن الأفريقى، ومن ثم فالنظام ومؤسساته في إرتريا، ضد إيران لأنها دولة تعمل على تصدير الثورات الإسلامية، والمفاهيم الجهادية، والتطرف خاصة في منطقة غرب أفريقيا، والدليل على ذلك هو أن سفير إيران في إرتريا، سفير غير مقيم في البلاد، ويمارس مهام عمله من الخرطوم.

■ ما الدور الذي تقوم به مصر، في تخفيف العقوبات عن إريتريا من خلال عضويتنا في مجلس الأمن؟

- من خلال عضويتنا في مجلس الأمن التي ستنتهى في ديسمبر المقبل من العام الجارى، مصر تُمثل جميع الدول الأفريقية في المجلس، نظراً لعلاقتنا الجيدة بجميع دول القارة السمراء، ومن هذا المنطلق نحاول تقريب وجهات النظر بين إريتريا والمجلس، خاصة بعد أن أوضحت إريتريا موقفها بخصوص الأسرى الجيبوتيين، وهذا ضمن ملف العقوبات، فهى بالفعل احتجزت 7 عساكر جيبوتيين ولكن تم الإفراج عن 4 منهم، فيما توفى اثنان، وهرب آخر، وبالتالى ليس هناك أي محتجزين من جيبوتى في سجون إريتريا على الإطلاق، ومصر أيضاً تُساند إرتريا، من خلال تصحيح صورتها أمام الدول الأعضاء الخمس الدائمين، إيماناً بعدالة قضيتهم، لكن من خلال استراتيجية الأمم المتحدة، مع التوازن في العلاقات مع بقية دول القرن الأفريقى.

■ متى سيزور الرئيس عبدالفتاح السيسى دولة إرتريا؟

- الرئيس الإرترى إسياس أفورقى، والشعب الإرترى، ينتظرون بشغف زيارة الرئيس السيسى لبلادهم، وزيارته «مطلب رسمى وشعبى».