مشروع قانون تسوية قضايا «فساد رجال الأعمال» مقابل رد أموال الدولة يثير جدلاً واسعاً

كتب: نشوي الحوفي الإثنين 28-03-2011 19:24

فى مطلع تسعينيات القرن الماضى، ومع إعلان سقوط نظام الحكم العنصرى فى جنوب أفريقيا، كان لابد من البحث عن وسيلة لإعادة التصالح مع المواطنين، خاصة كل من مورست ضدهم سياسة التمييز العنصرى، لكى تنجح جنوب أفريقيا فى التقدم نحو التنمية. خرج الزعيم الإفريقى نيلسون مانديلا، بحل عبقرى عبر عن روح العدالة والتفهم والحكمة، التى تميز بها الرجل، هو تكوين لجنة خاصة ترأسها القس الجنوب أفريقى المناضل ضد العنصرية «ديزموند توتو»، أُطلق عليها اسم «لجنة المصالحة والحقيقة»، ومنحت سلطة إصدار العفو عمن ثبتت بحقهم اتهامات القيام بأعمال القمع فى النظام العنصرى، بعد تقديم الاعتذار لضحاياهم. ومؤخرا، أثار مشروع القانون الذى اقترحه الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء، الذى يتبنى المصالحة، وقيام رجال الأعمال، المتهمين فى قضايا فساد وتربح وإهدار المال العام، بسداد مستحقات الدولة لديهم، مقابل حفظ التحقيقات معهم - حالة من الجدل، خاصة فيما يتعلق بتسوية قضايا رجال الأعمال الوزراء.


تدور فكرة «الجمل»، التى يعكف على صياغتها حاليا فى شكل مشروع قرار، لعرضه على المجلس العسكرى، حول تسوية هذه القضايا فى هدوء، حتى تتمكن الخزانة العامة للدولة من الاستفادة بهذه الأموال، وهو الحل نفسه الذى كان اقترحه عدد من رجال الأعمال، الذين يتم التحقيق معهم حاليا - ومن بينهم أحمد عز - الذين أرادوا سداد المبالغ المالية المقدرة عليهم، مقابل حفظ القضايا ووقف محاكمتهم جنائيا.


كان «عز» عرض سداد مليار جنيه، وعرض رجل الأعمال عمر الفطيم، دفع 500 مليون، فيما قدم منير غبور عرضا لسداد 85 مليون جنيه، فى الوقت الذى عرض فيه رجل الأعمال محمد عهدى، سداد 400 مليون، فى قضية «أخبار اليوم»، وهى عروض لم يتم البت فيها حتى الآن وتنتظر رأى النائب العام فيها. من جانبه، قال الدكتور يحيى الجمل، صاحب الفكرة: «أعلم حالة الغضب فى الشارع من حجم الفساد وغياب العدالة والشفافية، على مدى حكم مبارك، خاصة فى السنوات الأخيرة، التى اختلت فيها كل الموازين، بشكل لا يصدقه عقل، لكن هذا لا يعنى اتهام الناس بدعوى أنهم ينتمون للنظام، فكلنا، كمصريين، كنا جزءاً من هذا النظام ولا معنى لتوجيه التهم جزافا. وأضاف: «فكرت فى مشروع قانون لايزال قيد الدراسة من قبل القانونيين فى مجلس الوزراء لدراسته واستوحيته من جنوب أفريقيا، كما استلهمتها دول أخرى، ومنها سيراليون، والمغرب، التى شكلت لجنة «الإنصاف والحقيقة» عام 2004».


وتابع «الجمل»: «لو تمت الموافقة على مشروع القانون، فستكون هناك لجنة تستمع فى سرية إلى كل من أخطأ أو استولى على ثروات ليست من حقه، و ستتم تسوية هذه القضايا وترد كل الأموال، التى تمت سرقتها فى هدوء للدولة، لأننا لا نستطيع إقصاء كل من أخطأ، ولا نستطيع الإبقاء على حالة التخاصم بين المصريين».


وحول ما إذا كان القانون سيساوى فى التعامل بين رجال الأعمال وموظفى الدولة أم لا، قال مصدر قضائى، طلب عدم نشر اسمه، إنه قد يقبل تطبيق هذا القانون على رجال الأعمال، لو قاموا بسداد ما أخذوه من أموال الدولة بقيمته الحالية، لكنه لا يقبل أن تتم مساواتهم مع موظفى الدولة المتهمين بإهدار المال العام أو التواطؤ لإهداره مع رجال أعمال، إذ يجب عقابهم، لأن موظف الدولة، مسؤول عن ممتلكاتها وثرواتها، وتجاهل عقابه لن يردع الفساد والمفسدين، على حد قوله.


قال اللواء فاروق المقرحى، نائب مدير إدارة مباحث الأموال العامة السابق: «المادة 118 مكرر «ب» من قانون الأموال العامة، تنص على أن المال العام ملك للدولة، وإذا قام أى مواطن بالاستيلاء على هذا المال وعرض رده كاملا عداً ونقداً عند التحقيق معه، فمن الممكن حفظ التحقيق معه بشرط ألا تكون جريمة المال مقترنه بجرائم أخرى، خاصة التزوير». وأوضح «المقرحى»: «القانون لا يقبل التصالح مع محمد زهير جرانة مثلا، لأنه بجانب كونه رجل أعمال كان وزيراً، لكن يقبل تصالح أحمد عز، لو رد شركتى «حديد الدخيلة» و«السويس» وما جمعه من مكاسب منهما».