إرتريا دولة لا تحظى بشهرة سياسية، مثل باقى دول قارة أفريقيا التى تنتمى لها، وليس لديها بوق إعلامى يتحدث كل لحظة عنها، وليس لها صوت قوى فى منظمة الاتحاد الأفريقى، لكنها الحليف الاستراتيجى الأكبر لمصر فى منطقة القرن الأفريقى، وكما أطلق عليها أحد المسؤولين الإرتريين وصف الحليف المصرى فى القرن الإفريقى، وترى إرتريا أن مصر هى عمقها الاستراتيجى الشمالى، كما تعتبرها القاهرة عمقها الاستراتيجى الجنوبى، وهى العلاقة التى تزعج إثيوبيا، فى ظل الخلاف التاريخى بين إثيوبيا وإرتريا من جانب، والخلاف بين إثيوبيا ومصر بسبب أزمة سد النهضة من جانب آخر، رغم نفى مصر على المستوى الرسمى توجيه العلاقة مع إرتريا ضد إثيوبيا أو أى طرف آخر.
وشهدت العلاقات المصرية الإرترية نشاطاً وجهداً مكثفين لتطويرها من الجانبين خاصة فى أواخر عام 2015 حين استقبلت القاهرة أكثر من وفد رسمى إرترى، كان على رأس بعضها وزير الخارجية، عثمان صالح، والمستشار السياسى للرئيس، يمانى جبر آب، وبحثت اللقاءات عدداً من الملفات، منها حوض النيل، والقرن الأفريقى، وتأمين البحر الأحمر، وخليج عدن، ومضيق باب المندب الذى تعتبر إرتريا إحدى الدول التى تُشرف عليه مضيق باب المندب، وتشترك فى جزء من حدودها الغربية مع نهر «ستيت تكيزى» أحد روافد نهر النيل، ويبلغ طوله 120 كيلومتراً ويصب فى نهر عطبرة، ويمثل نسبة ضيئلة للغاية من نهر النيل، وهو السبب الرئيسى لكونها عضوا مراقبا فى مبادرة حوض النيل بالمشاركة مع 10 دول أخرى.
كما زار القاهرة أيضاً المستشار الاقتصادى للرئيس، هاجوس جبيرهويت، أكثر من مرة، لبحث آليات تنفيذ المشروعات الاقتصادية التى تتولى مصر إنشاءها وتمويلها فى بلاده، وكانت آخر زيارة له فى سبتمبر الماضى.
الرئيس الإرترى، إسياس أفورقى، زار مصر 4 مرات رسمية، وعقب ثورة 30 يونيو كان من أوائل الرؤساء الذين اعترفوا بها وأيدوها، ووصفها بأنها حدث جوهرى أعاد مصر إلى دورها الرائد إقليمياً، سواء فى منطقة الشرق الأوسط أو فى القارة الأفريقية، وكان أول من نصح المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، بالترشح لرئاسة مصر، خاصة، فى ظل تاريخهما العسكرى الذى يعتبر العامل المشترك بينهما، وكان أول رئيس يزور مصر فى سبتمبر 2014، لتقديم التهنئة للسيسى، عقب فوزه بمنصب رئيس الجمهورية، فيما كانت آخر زياراته فى نوفمبر 2016، وهى الزيارة التى اتفق فيها الرئيسان على تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين.
ويعتبر أفورقى الذى تولى منصبه عام 1991 عقب حصول البلاد على الاستقلال، أحد قادة الكفاح المسلح ضد الأثيوبيين، وأشهر قادة الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة قبل الاستقلال، والتى أصبحت الحزب الحاكم الآن.
ودعمت مصر إرتريا سياسياً فى مواجهة تمديد فرض العقوبات الاقتصادية والعسكرية عليها، بمجلس الأمن، من خلال عضوية مصر به، كما قدمت لها دعماً سياسياً ضخماً فى ملف حقوق الإنسان، خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، فى يوليو 2016، من خلال لقاءات مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة مع نظرائه ومسؤولى المنظمة الدولية.
التنسيق بين الجانبين مستمر أيضاً، حول آليات تأمين البحر الأحمر، ومكافحة القرصنة، والهجرة غير الشرعية، وتبادل المعلومات فى هذا المجال.