حان وقت الكلام

ياسر أيوب السبت 04-11-2017 21:24

سيبقى أجمل ما فى المنتدى العالمى للشباب الذى تستضيفه مصر حاليا فى شرم الشيخ هو شعاره أو عنوانه أو رسالته.. نحن نحتاج للكلام.. لأننا بالفعل أصبحنا فى حاجة ملحة وعاجلة وضرورية لتبادل الكلام بعد وقت طويل جدا انشغلنا فيه بتبادل الصراخ والاتهامات والشتائم والشكاوى.. وقد جاء الآن الوقت الذى يمكن فيه أن نتبادل الكلام مع بعضنا البعض.. وسواء اتفقنا على أشياء أو اختلفنا حول أشياء أخرى لكننا فى كل الأحوال لابد أن نتكلم.. ومن أجل هذا الكلام جاء إلى المنتدى شباب كثيرون من مختلف بلدان العالم ومعهم شباب كثيرون أيضا من مصر، ومع كل هؤلاء جاء أيضا قادة للعالم ومسؤولون سياسيون واقتصاديون واجتماعيون ليتقاسم كل هؤلاء الكلام.. وأتخيل كثيرين سيعارضون ذلك ويستنكرون سعادتى ببدء الكلام، حيث يرى هؤلاء أن كلامنا هو السبب الحقيقى لكل أزماتنا وهمومنا وأوجاعنا.. ويرون أن خلاصنا من واقعنا المؤلم هو أن نكف عن الكلام.. وأنا أختلف مع هؤلاء مع احترامى للجميع وآرائهم ووجهات نظرهم.. لأن الكلام الذى قصدت أننا نحتاج إليه كلنا والذى أظن أن هذا المنتدى العالمى فى مصر يدعو إليه.. هو أن نتكلم مع بعضنا البعض وليس مع أنفسنا.. نتكلم مع من يختلف عنا ومعنا وليس فقط مع الذين يشبهوننا وتتوافق كل آرائنا واختياراتنا ومواقفنا.. ففى السنوات الكثيرة الماضية أقمنا أسوارا عالية بين كل الناس وكل الأفكار.. انقسمنا إلى فرق كثيرة لا يخاطب أى فريق منها الفرق الأخرى.. الذين مع لا يخاطبون إلا الذين مثلهم وليس الذين ضدهم والعكس صحيح.. وهكذا تخيلنا أننا نتكلم مع أننا فى الحقيقة لا نكلم أو نسمع إلا أنفسنا بعدما نجحنا فى أن نحذف كل آخر من حياتنا ومن اهتماماتنا ودوائرنا.. وبهذا اكتسب المنتدى العالمى للشباب قيمته الحقيقية والأهم.. فهناك ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شاب وشيخ، ومن يبدأ حياته ومن يعيش نهاياتها ومن لايزال يفتش عن أحلامه ومن يحتفل بتحقيقه لما كان يحلم به.. ومن المؤكد أن هؤلاء الذين سيتجمعون فى شرم الشيخ ليسوا متشابهين فى رؤيتهم لأى شىء.. سواء للدين أو السياسة أو الثقافة أو الاقتصاد.. تختلف رؤاهم حتى لمفهوم الشباب وأدواره وقضاياه.. وعن هذه الرؤى المختلفة سيبدأ الكلام.. وإذا كان هناك من سيتساءل عن جدوى هذا المنتدى وقيمته فأنا أظن أنه يكفى أن يبدأ الكلام بين الجميع دون خوف وحساسية وأحكام مسبقة.. وحين يبدأ ذلك سيكون هناك الكثير من التغيير والأمل.. وهذه هى النتيجة الحقيقية لأنه ليس من الطبيعى أو المنطقى أن ندعو الجميع للكلام ثم نجلس نتوقع أو ننتظر نتائج مباشرة وجديدة بعد أيام قليلة.. والطريقة التى جرى بها تنظيم هذا المنتدى وشكل وأسلوب الدعوة إليه واللغة المستخدمة بشأنه أمام العالم كله وضيوفه وكل ترتيباته وقاعاته وحتى إعلاناته.. كل ذلك يؤكد أن هناك تغييرا حقيقيا بدأ بالفعل.. تغييرا كنا ولانزال نحتاجه وطال انتظارنا له.