وزير الإسكان لـ«المصرى اليوم»: من حق كل مواطن «يخبط على بابى» للحصول على شقة

كتب: مجدي الجلاد, وفاء بكري الخميس 27-10-2011 00:58

عندما تولى عمله وزيراً للإسكان دعا لوجود فريق ينظر للمستقبل بعيداً عن المطالبات السياسية، ما جعله هدفاً للنقد والهجوم، وطالبه البعض بأن يكتفى بدوره وزيراً فى حكومة تسيير أعمال، لكنه رفض، مؤكداً أن دور وزارته هو رسم المستقبل.. إنه الدكتور محمد فتحى البرادعى، وزير الإسكان، صاحب موقعة مصنع أجريوم الشهيرة فى دمياط.

فى حواره لـ«المصرى اليوم» أكد البرادعى أن من حق أى مواطن أن يدق بابه للمطالبة بوحدة سكنية، وأن الدولة ملتزمة بدعم محدودى ومتوسطى الدخل فى هذا الأمر، وأولئك الذين يملكون المال لن يحصلوا على أراض دون مزاد علنى.

البرادعى تحدث عن مشروع المليون وحدة سكنية ومصادر تمويله، وما سيحققه من مكاسب منها توفير 10 ملايين فرصة عمل وإنعاش الاقتصاد، وتحدث عن أراضى القرعة، مؤكداً وجود وفرة فيها وسيتم تخصيصها لمن يستحق بشرط ألا يكون سبق له الحصول عليها ولا يبيعها قبل 5 سنوات.

الحوار أيضاً تناول ما يعتبره البرادعى النقطة الأهم فى الوزارة، والخاصة بالمخطط الاستراتيجى لمصر خلال الـ40 عاماً المقبلة، والذى أكد أن تنفيذه يحتاج إلى 3 تريليونات جنيه، ويرى أن هذا المبلغ ضئيل مقابل الحصول على مصر التى نحلم بها، وإلى تفاصيل الحوار

نريد أن نبدأ معك فى منطقة إنسانية.. فالوزارة تعد من أكبر الوزارات الخدمية فى مصر وأضخمها، و«حساسة» لكل المواطنين، سواء من يريدون الحصول على أراضٍ أو من ليس لديهم وحدة سكنية، فإحساسك الشخصى بعد هذه المرحلة من العمل فى الوزارة.. هل نحتاج تغيير مفهوم الإسكان تجاه المواطن المصرى؟

- بعد تولى عملى فى الوزارة منذ 8 شهور تقريباً، حددنا دور وأداء الوزارة بشكل واضح وصريح، فبدأنا بتحديد الشخص، الذى له أولوية عندنا، بمعنى تحديد ملامحه الاجتماعية والاقتصادية، أى تحديد الشرائح المستحقة، فالمفهوم العام أن الوزارة «خدمية» أى لسنا تجاراً أو مستثمرين، ولا نهدف للربح، وبالفعل قد نطرح بعض الأراضى للمستثمرين، لكن ليس هذا أساس الوزارة، فحددنا ملامح الشرائح الأولى بالخدمة، وحددنا كل مكان للمواطن فى الوزارة، سواء كان محتاجاً للدعم والمساندة أو يحتاج للإتاحة، فمحدودو ومتوسطو الدخل لهم برامج فى الوزارة، وكذلك «القادر» ماديا له برامج أخرى، ومن حقه أن يطرق باب الوزارة، ليحصل على أراض، فهنا مثلا للمواطن حق الحصول على أراض، لكن لأنه قادر مادياً لن يأخذها إلا بالمزاد العلنى، بحيث يكون له حق «الإتاحة»، بالسعر الحقيقى للأرض دون دعم، وهنا نستطيع عن طريق بيع هذه الأراضى، التى ستصل مساحتها إلى 1200 متر، تدعيم الشريحتين الأهم فى الوزارة، وهما محدودو ومتوسطو الدخل، فهما الهدف الخدمى الحقيقى فى الوزارة الآن، فنحن جميعا متفقون على أن الشريحة التى تستطيع بناء الوطن هى الشريحة المتوسطة، وبالتالى يجب تدعيمها بجميع الوجوه، فهى العمود الفقرى للوطن، ويجب أن يكون لها حق المساندة من جانب الدولة، وهو ما قررناه فى قرعة الأراضى الحالية، من خلال طرح الأراضى بأسعار محددة وثابتة، بأسعار المرافق فقط، إضافة إلى بعض المصروفات الإدارية البسيطة، أى هامش ربح يكاد لا يذكر، مع تقسيطها على 3 سنوات دون فوائد، وهذا عكس طرح أراض بالمزاد للشرائح القادرة، وسيتم تقسيط سعر الأرض لهم، مع إضافة الفوائد البنكية.

إذن هناك شريحة لم نتحدث عنها، خاصة بمحدودى الدخل، كيف ستحصل هذه الشريحة على حقها؟

- محدودو الدخل من حقهم على الدولة الدعم الكامل، وهذا يتبناه مشروع الإسكان الاجتماعى، الذى يستهدف بناء مليون وحدة سكنية، وبالتالى أصبحت الشرائح الثلاث واضحة فى طرق التعامل، وجميعهم لا يحتاجون «وساطة» من وزير الإسكان، للحصول على حقهم فى الإتاحة والمساندة، والدعم، بشفافية «مطلوبة»، وأتذكر عند دخولى الوزارة، كانت التليفونات من شخصيات معروفة ومطالبات كثيرة من الشعب العادى، للحصول على قطعة أرض أو شقة، لكن بعد تحديد سمات هذه الشرائح، أصبحت «الدنيا واضحة».

لكن كيف ستحدد ملامح هذه الشريحة؟

- سنحدد الدخل مثلاً بألف جنيه للأسرة، إلا أننا لم نحدد الملامح النهائية بعد، وما الذى سيتم فى قانون الإسكان الاجتماعى، وهو أول قانون من نوعه فى مصر، وللعلم لن نسلم أى وحدات سكنية لمحدودى الدخل، نصف تشطيب، كما كان يحدث من قبل، فهذا مرفوض تماماً، فهذه الشريحة لا تستطيع أن تدفع مقدماً حتى ولو كان بسيطاً، مع أقساط شهرية، وتقوم فى الوقت ذاته بتشطيب «الشقق»، التى يحصلون عليها، ولذا سنقدم هذه الوحدات كاملة التشطيب وستتراوح مساحات «الشقق» فيها بين 50 و70 متراً.

إذن كيف ستصل هذه الشريحة إليك للحصول على الوحدات؟

- كما قلت فى البدية إننا حددنا أن الوزارة خدمية، ومن حق المواطن أن «يخبط» على بابى فى أى وقت، إلا أننا قررنا لمنح هذه الوحدات، فى المشروع المقبل والمحدد بمليون وحدة سكنية، على 5 سنوات، فتح باب الحجز عن طريق البريد، وحصلنا على مؤشرات مهمة لطلبات هذه الفئة، وسنقوم بالبناء فى المحافظات والمدن الجديدة، ومن تقدم بطلب للبريد، حصل على «كعب» له، وبعد تحديد عدد الوحدات فى المدن الجديدة والمحافظات، سيتقدم هؤلاء بالكعب مرة أخرى، وسيحق لهم الحصول على الوحدة بعد تحديد المحافظة أو المدينة لهم.

بصراحة.. ما هو عدد الذين تقدموا لهذا المشروع حتى الآن؟

- بضحكة بسيطة.. أجاب الوزير: هناك أسر تقدمت بأكثر من 20 طلباً، ولهذا زاد عدد المتقدمين ومازلنا نفرز الباقى، ومن المحدد طرح المشروع فى يناير المقبل، فنحن الآن فى مرحلة «الفلترة»، والرقم الآن ليس دقيقاً، وبالتالى يجب حصر اسم واحد فى الأسرة، فهذا موروث فى الشعب المصرى، بأن يقدم فى أى مشروع أكثر من مرة كى يضمن الحصول على «نصيبه»، وهو محق فى ذلك، لكن الأهم أننا بدأنا فى رصد احتياجات المجتمع، فنحن لن نستطيع الآن أن «ندوس» على «زر» وننفذ كل المطالب، فلا توجد دولة فى العالم تستطيع تلبية كل هذه المطالب فى وقت ضيق وشائك، مثل الذى نعيشه الآن.

لكن الكثيرين هاجموا مشروع المليون وحدة عند الإعلان عنه!

- المثير للدهشة أن هناك من هاجموا المشروع وتشككوا فى أننا لن نستطيع بناء مثل هذا الرقم الضخم، وآخرين هاجموا المشروع لقلة عدد الوحدات، ورددوا أن الرقم لن يلبى مطالب المواطنين، إلا أننا درسنا قدرة المجتمع وشركات التنفيذ، والمقاولات ومواد البناء، وأجرينا دراسة موسعة للسوق وهل لها مؤثرات أم لا، وللعلم نحن مقبلون على وفرة فى الأسمنت، خلال المرحلة المقبلة.

وما مدى تأثير المشروع على الاقتصاد المصرى، خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن قطاع التشييد يكاد يكون متوقفاً خلال الشهور الماضية ما أدى إلى التأثير بالسلب على الاقتصاد بشكل عام؟

- لا أخفى سراً، إذا قلت إن المشروع سيؤدى إلى إنعاش الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة، فلا توجد استثمارات خارجية حالياً فى مصر، والبديل الحقيقى هو تحريك المجتمع من داخله، بدلاً من الاستثمارات الأجنبية «مؤقتاً»، فالأرقام العالمية تشير إلى أن كل وحدة سكنية يتم بناؤها توفر نحو فرصتى عمل مباشرة، وسأختزلها فى فرصة ونصف، وهناك 3 فرص غير مباشرة ومع تشييد مليون وحدة سكنية بجانب قطع الأراضى التى ستصل إلى أكثر من 200 ألف وحدة سكنية على أقل تقدير، سنوفر إذن 10 ملايين فرصة عمل، فضلاً عن أنه من المعروف أن قطاع التشييد يدعم ويعزز نحو 100 صناعة ومجالات أخرى بجانبه، كما أن الشريحة المتوسطة التى سنتيح لها أكثر من 100 ألف قطعة أرض، خلال السنوات المقبلة، ستتيح مدخراتها فى البنوك، تشغيل المجتمع بأكمله من تدوير هذه المدخرات عند البدء فى شراء الأراضى والبناء عليها، على اعتبار أن هذه الشريحة حلم حياتها بناء بيت مستقل، لن يتيحه إلا طرح الأراضى.

السؤال الأهم هنا.. كيف سيتم تمويل هذا المشروع الضخم؟

- هناك حسابات أدرجناها فى المشروع، خاصة بالتمويل فضلاً عن عائد مزادات الأراضى، بجانب هامش الربح الضئيل من أراضى القرعة العلنية، وبيع محال الخدمات، وسيحقق ذلك بناء الجزء الأكبر إضافة إلى ميزانية الدولة، وشركاء التنمية.

ولكنك صرحت برفضك تبرعات بشيكات من قبل رجال أعمال مصريين، طالبوا بالمشاركة فى المشروع فلماذا الرفض فى الوقت الذى نحتاج فيه المليارات لتنفيذه، مع الموافقة على شركاء التنمية؟

- لم أرفض التبرعات كما أشيع، فلسنا فى «مشاجرة»، وطالما هناك نوايا طيبة للمشاركة لا يصح أن نجهضها، وما حدث تحديداً، هو أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال المصريين، بعيداً عن ذكر الأسماء، طلبوا المشاركة فى المشروع، لكنى طلبت شكلاً آخر للتبرع، بعيداً عن البناء، وهو أن يقوموا بـ«تبادل الأدوار» مع شريحة محدودى الدخل، بحيث أعطيهم كوزارة كشفاً بأسماء عدد من المستحقين فى المشروع، ويقومون هم بسداد مقدمات الشقق بالنيابة عنهم، على أن يحصلوا على «إيصالات» بهذه المقدمات ومنحها لمستحقيها، فقد لا يفرق مع رجل أعمال مبلغ 3 آلاف جنيه لمقدم شقة، لكن هذا المبلغ يعنى الكثير لمحدود الدخل، وهو ما ستتم صياغته أيضاً فى القانون الجديد، من خلال صندوق التمويل للإسكان الاجتماعى، فالتبرع سيكون باسم الصندوق، وليس باسم فرد أو جهة، وسننتظر حتى الإعلان عن القانون والصندوق، الذى سيشرف عليه عدد من الوزارات والخبراء، حتى تعرف هذه الأموال جهتها الشرعية، ويكون لها كيان إدارى قوى، لتكون لدى جهة آمنة، وهنا تستطيع وقتها جمعيات المستثمرين فى المدن الجديدة، المشاركة فى المشروع بشكل قانونى.

لكن حتى يبدأ المشروع.. إلى متى ستصبر الناس «المحتاجة»؟

- من خلال تجربتى عبر السنوات الماضية، أن الناس إذا «صدقتك» ستنتظرك، وليس لدى مانع من فتح باب الحجز مرة أخرى بعد عملية «الفلترة» التى تحدثنا عنها، التى سنجريها للمتقدمين عندما فتحنا باب الحجز مرتين من قبل لهذا المشروع.

لماذا تقل أسعار الأراضى العائلية فى القرعة الحالية عن مثيلاتها فى السنوات الماضية؟

- السعر خلال السنوات الماضية لم يكن مبالغاً فيه، وكانت «الهيئة تلتزم بآخر سعر مزاد، يتم تحديد السعر على أساسه، لكن هذه المرة قررنا أن تكون الأراضى بسعر المرافق فقط.

لكن كيف ستفرق بين من يملك ومن لم يستفد؟

- هناك شروط واضحة فى القرعة، وهى منع أى شخص استفاد من قبل بأى أراض مدعمة، إضافة إلى حظر البيع لمدة 5 سنوات، وتم وضع عدة قيود لتحقيق الهدف الأساسى من الطرح، لضمان عدم المتاجرة، كما أننى لدى عنصر اقتصادى مهم، وهو الوفرة فى الأراضى، وسوف نتيح نحو 100 ألف قطعة، خلال سنة ونصف السنة فقط، وبالتالى كلما زاد المعروض قلت المتاجرة، وليس لدى مانع لو قيل إن عندى «بضاعة بايرة» حال بيع 90 ألف قطعة، وتبقى 10 آلاف منها.

ولماذا لا نضع شروطاً لمن له بيت فى أى مدينة جديدة حصل عليها من أى جهة أخرى غير «الهيئة»، من التقدم للقرعة، حتى نصل لأقرب عدالة ممكنة؟

- سياستنا ستكون ثابتة دون تغيير، ولن أصادر على المستقبل، فقد أضع قيوداً ويأتى آخر من بعدى ليرفعها، ونحن لا نريد التضييق على الشريحة المتوسطة، فهذه الشريحة تريد مزيداً من الحرية، ونحن ندعم البناء، لتدعيم فكرة الانتماء من الأساس، فهذه الشريحة من حقها التملك فى بلدها، فأرجو أن يتخيل الشعب معى، أننا نسعى لتسكين نحو 10 ملايين مواطن خلال 5 سنوات، وهذا هو الانتماء الحقيقى للوطن.

نخشى على «المعدمين» ألا تسمح ظروفهم بالحصول على «شقة»، بسبب عدم تسويق الحكومة لمثل هذه البرامج، فهنا ستكون المشكلة؟

- طرحنا كل هذه المشروعات، عبر إعلانات فى الصحف، وتحدثنا عنها فى برامج التليفزيون المصرى والفضائيات، وكما قلنا سنطرح مشروع المليون وحدة على المقاولين خلال يناير المقبل، وهنا سيكون الناس أقرب للتصديق، كما حددنا المواقع التى سنبنى عليها هذه العمارات، لتوصيل المرافق إليها فوراً لتكون جاهزة للبناء.

يقال إن الحكومة لديها الآلاف من الوحدات السكنية الشاغرة، التى لا تستفيد منها، لماذا لا تدخل هذه الوحدات ضمن المشروع؟

- بالفعل هناك دراسات لشركاء التنمية، تقول إن هناك 2 مليون وحدة تابعة للحكومة «شاغرة»، لكن هذه الدراسات غير حقيقية إطلاقاً، وإلا لماذا سنبنى ونكلف الدولة مليارات الجنيهات، ولو أن هناك وحدات تابعة للوزارة، لابد من المحاسبة فوراً، وفتح هذه الوحدات.

مع مشروع المليون وحدة، والمشروع الحالى، ومشروعات سكنية كثيرة، لاتزال مشكلة المحاور المرورية قائمة، فما هو التصرف الذى فكرتم فيه فى هذا الشأن؟

- لا أخفى سراً إذا قلت إن دراسة مشروع الإسكان الاجتماعى، الخاص بالوحدات السكنية والأراضى، تعد دراسة متكاملة، لأنها راعت تصميم المحاور والطرق والمواصلات إلى المناطق التى سيتم البناء فيها، كما راعينا المواصلات الداخلية.

وماذا عن مشكلة محور 26 يوليو «المزمنة»؟

- المشكلة قائمة بالفعل منذ سنوات ومنذ إنشاء هذه المدن، لكن هناك محاولات لحلها الآن.

هيئات الوزارة «متشعبة»، ولكل منها مشكلات، ظهر بعضها على السطح خلال الفترات الماضية، ومنها تعاونيات البناء، وموظفو هيئة المجتمعات العمرانية، فما ردكم؟

- الجميع يعلم أن هناك مشكلة مستمرة فى «التعاونيات» وهناك جمعيات محترمة، وأخرى لم تلتزم، فكان لابد لها من تعديل لقانون التعاونيات، خاص بالمواد التى تحدد عدد أعضاء كل جمعية، حتى لا تتعدى عشرات الآلاف كما هو الحال الآن، إضافة إلى المادة الخاصة بعدم تكرار المشروعات، خاصة التى لا تحتاج الدعم، مثل الوحدات المصيفية، وبعد التعديل سيسمح لأى جهة بإشهار جمعية بعدد أعضاء محدود، ومشروعات سكنية مدعمة فقط، أما «هيئة التعاونيات» فطلبت منهم الانتهاء من المشروعات القائمة لديهم، وعند الانتهاء منها من حقهم طلب أراض جديدة لتنفيذ مشروعات أخرى، أما مشكلة موظفى «هيئة المجتمعات»، فهى مبالغ فيها، فلقد قلصنا عدد المستشارين من 30 مستشاراً إلى 10 فقط، إضافة إلى تغيير القيادات خلال الشهور الماضية، وسأجلس مع مجموعة منهم قريباً لمناقشة هذه المشكلات.

نأتى للنقطة الأهم فى الوزارة، والخاصة بالمخطط الاستراتيجى لمصر، خلال 40 عاماً.. البعض يرى أن خريطة مصر ستتغير بهذا المخطط والبعض لديه مخاوف منه؟

- لا أبالغ عندما أقول إننا «مسكونون» بالمستقبل، وكنت مقتنعاً منذ البداية، بأنه لابد أن يكون هناك فريق ينظر للمستقبل، بعيداً عن المطالبات والحياة السياسية، والبعض هاجمنى وطلب منى القيام بمهام الوزارة فقط، والخاصة بتسيير الأعمال، ورفضت ذلك، فأنا أسير وفقاً للقانون الذى يحكمنى فى الوزارة، وهو قانون البناء الموحد رقم 119، وفقاً للمادة 10، التى تحدد مهام الوزارة وهيئاتها فى رسم المستقبل، من خلال التخطيط العمرانى، وعندما بدأنا هذا خلال فبراير الماضى وجه لنا سؤال وهو: لماذا نبدأ فى هذا التوقيت الحرج؟.. فأكدنا أن من رحم الثورة يولد الإبداع، فكيف تكون عندى ثورة ولا يوجد عندى إبداع للمستقبل، وإلا سنكون مقصرين، فعلى الأقل من سيأتى بعدى سيجد مخططات يسير عليها، أو يغير بعضها، وكان السؤال الذى يلح علينا هو «البلد دى رايحة على فين» وهنا ولد مشروع النهضة المصرية، فاتفقنا على حد أدنى لرؤية المستقبل، وبدأنا وضع الدراسة مع جميع الجهات والوزارات المعنية، وطرحنا سؤالاً بديهياً، هو ما قدرة استيعاب الوطن لنا؟ وهل نحن عبء عليه أم أننا ثروة بشرية؟ خاصة أن الله سبحانه وتعالى، أعطانا الكثير من النعم، فوجدنا أن هناك نحو 24٪ من مساحة مصر يمكن تنميتها دون محددات أو عوائق، وثبت بالدراسة أن هذا الوطن يمكن أن يستوعب الكثير من البشر والمشروعات الناجحة فى إطار رؤية حقيقية، فحتى مشروع مثل توشكى، كان يمكن أن يكون ناجحاً لو تم اختياره من خلال رؤية حقيقية للوطن، ولمدى الاحتياج له وتوقيت تنفيذه، وحددنا الأهداف من هذه الاستراتيجية فى إطار «رؤية الوطن»، من خلال تحديد الأهداف، فنحن نريد مصر ليست متقدمة فحسب، وإنما منافسة، بعيداً عن الكلام «المنمق»، وأن يتمتع المجتمع بالديمقراطية التى تدفع الوطن إلى التقدم، هذا ليس موضوع «إنشاء» إنما مخطط يحتاج أن نتفق عليه جميعاً، وأن يكون هناك فريق معنى بالمستقبل والأقاليم التنموية المبنية على الاقتصاديات، وهو ما جعلنا نطرح هذا المخطط على الخبراء المعنيين وأساتذة الجامعات، للوصول إلى التوافق المجتمعى حوله، ثم إقراره النهائى.

ولكن هذا المخطط يحتاج إلى ميزانية ضخمة.

- ما نحتاجه هو 3 تريليونات خلال الـ40 عاماً المقبلة، ونحتاج فقط 60 مليار جنيه خلال السنوات الأولى، ثم 90 ملياراً، وأعتقد أن مثل هذه المبالغ قليلة للغاية، مقابل أننا سننفذ دولة بأكملها «نحلم» جميعنا بها.