مدعي «الجنائية الدولية»: ثورة مصر فتحت طريق الحرية لدولٍ عديدة

كتب: وائل علي الجمعة 25-03-2011 19:16


قال المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، إن المحكمة ستحقق فى جميع الشكاوى التى سترد إليها من مصر بشأن أى وقائع تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، فى حالة تصديق مصر على اتفاقية المحكمة.


ووصف «أوكامبو»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، خلال زيارته القاهرة التى استمرت نحو 24 ساعة، مصر بعد ثورة 25 يناير، بأنها الطريق الذى ينير الحرية للعديد من البلدان حاليا، بعد تغيير النظام بطريقة سلمية. وقال إن قرار تصديق الحكومة المصرية على الاتفاقية المنظمة لعمل المحكمة هو قرار مصرى داخلى، وشدد على أن المحكمة ليست «مسيسة». وأضاف أنه بحث مع الجانب المصرى القضايا التى تنظرها المحكمة حاليا، خاصة الملفين الليبى والسودانى.. وإلى نص الحوار:


■ بداية ما سبب زيارتك لمصر؟


- الهدف هو إطلاع الحكومة المصرية على القضايا التى تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية، ومنها القضيتان الليبية والسودانية.


■ من التقيت خلال الزيارة؟


- التقينا وزيرى الخارجية والعدل والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وكان اهتمام وزير الخارجية بتلك القضايا نابعاً من أنه أحد أعضاء محكمة العدل الدولية السابقين.


■ ما أبرز المناقشات التى تناولتها خلال تلك اللقاءات؟


- موقف مصر من الانضمام إلى بروتوكول روما المؤسس للمحكمة وتصديق مصر على النظام الأساسى للمحكمة.


■ مصر ضمن 13 دولة موقعة على الاتفاقية المنظمة لعمل المحكمة.. لكنها لم تصدق عليها!


- مصر لها موقع مهم فى المنطقة العربية وهى موقعة على الاتفاقية وكنت أرغب فى بحث وجهات النظر المصرية، حول طبيعة عمل المحكمة والتصديق عليها.


■ لماذا توجه الانتقادات إلى المحكمة الجنائية الدولية مثل تسييس عملها؟


- يحدث ذلك من خلال آلية المادة 16، لكنها خاصة بمجلس الأمن وليس المدعى العام للمحكمة الجنائية، ووفقا لتلك المادة فمن حق مجلس الأمن أن يطلب من المحكمة وقف التحقيق فى القضايا التى يحيلها المجلس إلى المحكمة.


■ ألا ترى ذلك سيطرة من المجلس.. ويكشف عن أن الاعتبارات السياسية هى التى تحكم عمل المحكمة؟


- عملى فى المحكمة هو محاسبة المسؤولين والتحقيق مع من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، ومجلس الأمن هو المسيس باعتباره هيئة سياسية تعمل وفق خطط سياسية لا علاقة للمحكمة بها.


■ لكن السودان يستخدم ذلك الانتقاد فى الإساءة لقرارات المحكمة ويعتبره تسييساً لعملها؟


- القائمون على السلطة ينتقدون عملى لأنه ضدهم وهذا ما نعانى منه.


■ لكن ألا ترى ذلك يمثل جبهة مضادة تعوق عمل المحكمة؟


- لو حضر الرئيس السودانى عمر البشير إلى المحكمة، فإننا سنقوم بعمل قضائى لا سياسى.


■ مجلس الأمن أحال ملف ليبيا إلى المحكمة الجنائية بعد وجود مؤشرات حول تورط النظام الليبى فى ارتكاب جرائم تدخل فى نطاق عمل المحكمة.. هل بدأتم مباشرة تلك القضية؟


- بالفعل بدأنا العمل والتحقيقات الأولية مستمرة منذ 3 مارس الجارى للتحقيق فى الجرائم المزعوم ارتكابها، منها إطلاق النار واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمواطنين العزل.


■ يخشى البعض من مساندة إحدى الدول الخمس لـ«القذافى» حال صدور مذكرة اعتقال بحقه، وبالتالى استخدام المادة 16 التى تعيق عمل المحكمة؟


- حتى لو حدث ذلك فإنه لا يمكن استخدام حق الفيتو لتأجيل نظر القضية لمدة عام إلا بعد الحصول على موافقة 9 أصوات من الدول الأعضاء بمجلس الأمن.


■ هذه المخاوف نابعة من تردد بعض الدول الأعضاء الخمس فى إصدار قرار فرض حظر جوى وعلى رأسها روسيا والصين؟


- الصين وروسيا وقفتا ضد القرار رقم 1973 القاضى بفرض حظر جوى ولكن كلا منهما صوتتا بشكل جيد على القرار رقم 1970، الذى يحدد الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية إزاء الوضع فى ليبيا منذ 15 فبراير الماضى.


■ أعلنت عن إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الليبى و15 مسؤولاً آخرين قريبا؟


- نعم وتم ذلك بعد التوصل إلى استنتاج يفيد بفتح التحقيق فى المزاعم حول الجرائم المرتكبة، والعدد المعلن قليل، وسيتم إعلان باقى الأسماء عندما تكون جاهزة، إذ لم يتم الانتهاء بعد من جمع المعلومات الأولية بشأن تحديد مسؤوليتهم.


■ على أى أساس تم تحديد هوية هؤلاء الأشخاص؟


- سيتم تقديم الأدلة إلى قضاة المحكمة، ليقرروا ما إذا كان يجب إصدار مذكرات اعتقال بحقهم بناء على الأدلة المقدمة من عدمه، وفقا لنظام المحكمة.


■ ما التهم الموجهة إليهم؟


- وجود وقائع لجرائم ضد الإنسانية تعود إلى هجوم معمم وممنهج على سكان مدنيين.


■ هل لاتزال الولايات المتحدة الأمريكية تمثل العدو الأكبر للمحكمة؟


- الدول التى رفضت عمل المحكمة فى بداية الأمر أصبحت تلين حاليا، ومواقفها تجاه المحكمة تغيرت، لإدراكها الدور الذى تقوم به المحكمة فى خدمة العدالة الجنائية الدولية.


■ لكن الولايات المتحدة عارضت المحكمة فى بدايتها ودعت العديد من الدول العربية ومنها مصر إلى عدم التصديق على الاتفاقية.


- هذا حقيقى، إذ شنت الولايات المتحدة حملة منظمة لمنع الدول من التصديق لكن تلك السياسة تغيرت حاليا.


■ما سبب التخوفات الأمريكية؟


- اسأل الأمريكان أنفسهم.


■ ما حقيقة قيام الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الموقعة والمصدقة على نظام المحكمة لحماية جنودها وتشكيل حصانة قانونية دولية؟


- بالفعل، لكن هناك دولاً تستخدم الجيوش لحماية نفسها، وهناك دول أخرى تستخدم القانون لنفس الغرض.


■ هذا يقودنا إلى الانتقادات لاستخدام الجيوش وما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلى فى غزة من جرائم ضد المدنيين العزل؟


- الفكرة هى أن الحكومات تمثل مجتمعات، وعندما توافق الحكومات على نظام المحكمة وتصدّق عليه، فيمكن للمحكمة التدخل وقتها لحماية هذه المجتمعات، ولهذا لم أتدخل فى أزمة لبنان.


■ ماذا عن غزة؟


- فى فلسطين الوضع مختلف، السلطة الفلسطنية قبلت السماح بتدخل المحكمة لكن المشكلة هنا قانونية، فأنا كما هو مدون فى ميثاق الأمم المتحدة، مدعٍ عام أعمل وفق نظام يحدد عمل المحكمة تجاه أزمات الدول، وهنا نطرح السؤال: هل فلسطين دولة؟!


■ هل تابعت أحداث ثورة 25 يناير التى أطاحت بنظام الحكم السابق؟


- نعم تابعتها من الصحف.


■ حدثت بعض التجاوزات من قبل مسؤولين حكوميين ووقائع استخدام عنف.. فى حال وردود شكاوى للمحكمة من أفراد أو منظمات، هل يمكن لـ«الجنائية الدولية» نظر تلك الشكاوى؟


- إذا لم تصدق الحكومة على الاتفاقية فليس لى حق العمل فى مصر.


■ فى حال تصديق الحكومة المصرية على الاتفاقية خلال الفترة المقبلة، هل يمكنها أن تنظر فى قضايا ضد الإنسانية بأثر رجعى؟


- هذا قرار مصرى، وفى حال تصديق مصر على الاتفاقية يمكنها طلب التحقيق فى تلك الجرائم بأثر رجعى، وسنحقق فى كل الشكاوى والانتهاكات ضد جميع المسؤولين السابقين أو الحاليين.


■ يرى البعض أن نظام روما المؤسس لعمل المحكمة بحاجة لإعادة نظر لتحقيق العدالة الناجزة للمحكمة؟


- لا أعتقد ذلك.. ويتضح هذا من تغير العديد من المواقف التى كانت ضد المحكمة.


■ هل تعتقد أن مصر ستصدق على الاتفاقية؟


- لا أدرى.. هذا شأن مصرى داخلى، وما أراه أن مصر تنير طريق الحرية للعديد من الدول حاليا، وهو ما شاهدناه فى تغيير النظام بطريقة سلمية.


■ ما تفسيرك لحالة الصمت التى تشهدها قضية الرئيس السودانى الصادر بحقه قرار اعتقال من قبل المحكمة؟


- ليس هناك صمت من قبلنا.. وأنا أطالب دائما بتطبيق قرارات الضبط الصادرة من المحكمة.


■ البعض يرى أن هناك تراجعا لمواقف الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى تجاه قضية البشير؟


- يمكنك أن تسأل من يدعون ذلك، لكننا نتابع ما يصدر عن المحكمة بشأن قضية البشير.