عزرا ويستون لوميس باوند (إزرا باوند ) شاعروناقد أمريكي وموسيقي أمريكي ويعد أحد أهم رموز حركة الحداثة بالأدب العالمي في أوائل وأواسط القرن العشرين وهو مولود في 30 أكتوبر 1885.
كان محاضراً في أحد المعاهد الذي تميز بمناخ من التزمّت في حين أن باوند كان يؤمن بحرية الفنان، ويعيش حياة الحرية من جميع القيود والشكليات، لأن الظاهر عنده لا يستحق الاحترام، فالاحترام والرعاية للباطن وحده، فأثار ذلك ضده الجميع، وهذا ما جعله يحدد موقفه من كل ما يمثله المجتمع من قيم فكريةوخلقية ودينية،وعمد إلى محاربة الجمود.
غادر الولايات المتحدة الأمريكية متبرّماً بما لمسه من سوقية ومجافاة لمعنى الحضارة القائمة على الذوق والعقل والحس السليم، فقرر الهجرة إلى أوروبا وأنزلته إحدى سفن نقل الحيوانات إلى جبل طارق، ومنه إلى إسبانيا، التي قطعها سيراً على الأقدام إلى جنوب فرنسا، إلى أن حط الرحال في البندقية بإيطاليا، وهناك نشر مجموعته الشعرية الأولى في طبعة محدودة، لم تطرح للتداول التجاري ثم رحل إلى إنجلترا وبقي هناك حتي 1921أي طيلة 13 سنة ولكنه لم يصل لمكانة مرموقة رغم كونه معروفا في أوساط أدباء الطليعة.
وقدم العون لعدد من المجددين،أمثال جويس وإليوت وقد أثرت أساليبه الشعرية المغامرة والمجددة تأثيراً شديدا في الشعراء الجدد، لكنه لم يحتل مكاناً بين الشعراء الذين يقدرهم الرأي العام، ثم استقر في باريس من 1921 إلى 1925 وكانت آنذاك قبلة الأمريكيين المتطلعين لحياة الفن والأدب وكان من بين من عرفهم في تلك الفترة الشاب إرنست هيمنجواي، لكنه غادر باريس إلى إيطاليا، وهناك عاصر الوثبة الفاشستية.
وانهمك في كتابة الأناشيد التي صارت شغله الشاغل، وما إن حلت سنة 1930 حتى جلبت عليه علاقته بموسوليني ونظامه في الحكم موجة من الكراهية لدى التقدميين في بريطانيا وأمريكا،وأخذت هذه الموجة تتعاظم بمرور الأيام، لا سيما بعد غزو إيطاليا للحبشة ثم تكوينها محور روما برلين وازدادت الكراهية ضده عندما حاول مغادرة إيطاليا بالقطار الدبلوماسي الذي أقل الرعايا الأمريكيين غداة دخول أمريكا الحرب ضد المحور سنة 1942 فقد حالت السفارة الأمريكية بينه وبين ذلك. كما أبت وزارة الخارجية أن تمنحه تأشيرة العودة إلى أمريكا، مع أنه كان قد حجز له مكاناً له ولزوجته على الطائرة لأن الرأي العام الأمريكي والإنجليزي لم يغفر له إذاعاته من راديو روما تأييداً لموسوليني قبل دخول أمريكا الحرب بصفةرسمية.
واضطر لمواصلة إذاعاته الأدبية من القسم الإنجليزي براديو روما،مشترطاً على وزارة الثقافةالإيطالية ألا يتلقى أي توجيهات سياسية أو غير سياسية، وأن تكون إذاعاته غير خاضعة للرقابة، وأصدرت محكمة كولومبيا ضده حكماً غيابياً يقضي بتوجيه تهمة الخيانة العظمى إليه في 1943، وتم تأييد الحكم بعد ذلك بعامين، وألقي القبض عليه ووضعته قيادة الجيش الأمريكي في الحبس الانفرادي وحرم على أي إنسان أن يكلمه.
وكانت الأضواء تسلط عليه ليلاً فلا ينام، فأصيب بعد ستة أسابيع بانهيار عصبي حاد، فنقل لخيمة وسمح له باختيار كتابين يطالعهما فاختارأعمال كونفوشيوس باللغة الصينية والكتاب المقدس، وزوده أحد الجنود الأمريكيين السود بمنضدة وأدوات للكتابة، وبعد شفائه من الانهيار شرع يكتب «أناشيد بيزا» كما ترجم نصين من كونفوشيوس وفي نوفمبر 1945 نقل لواشنطن لإعادة محاكمته حضورياً لكن لجنة الفحص الطبي قررت أنه في حالة عقلية لا تسمح له بمواجهة الاتهام وتحل مسؤولية الدفاع عن نفسه فأودع مستشفى السجن الحربي وفي السجن ترجم مسرحية لسوفوكليس عن الإغريقية وكتاب أشعار دينية ووصل عمله في كتابة الأناشيد.
وفي 1949 منح جائزة بولينجن عن «أناشيد بيزا»وكان تلميذه القديم إليوت من بين المحكمين وفي 1958 أقامت الأوساط الأدبية في أمريكا وإنجلترا حملة كبيرة للإفراج عن باوند وآتت الحملة ثمارها فأفرج عنه، ورحل لإيطاليا ليعيش مع ابنته ويكتب المزيد من الأناشيد وتوفي «زي النهارده»في 1 نوفمبر 1972.