«التحرير 2011».. بورتريه مصور يوثق أحداث 25 يناير

كتب: رامي عبد الرازق الثلاثاء 25-10-2011 18:28

ضمن فعاليات مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الخامسة لمهرجان أبوظبى أقيم العرض العربى الأول للفيلم الوثائقى «التحرير 2011- الطيب والشرس والسياسى».


يقول آلان رينيه «إن الفيلم الوثائقى هو الذى يستطيع أن يمنحنا تقريراً عن حضارتنا»، ومن هنا يمكن أن نلمح تجليات هذا التعريف فى فيلم «التحرير 2011» فهو يحاول بالفعل من خلال أجزائه الثلاثة أن يمنحنا تقريرا عن أحد أهم نقاط الحضارة المصرية الحديثة من خلال شكل البورتريه المصور الذى اختصره العنوان فى الصفات الثلاث.


الطيب:


هو أنضج أجزاء الفيلم ربما لخبرة تامر عزت الطويلة فى مجال الفيلم الوثائقى، حيث أنجز من قبل فيلمين هما «كل شىء حيبقى تمام» و«مكان اسمه الوطن»، وبالتالى قدرته على البناء وسلاسة السرد واستخلاص دراما الحياة من المواقف الحياتية تبدو أكثر وضوحاً، ودون اللجوء إلى أى تعليق صوتى من الخارج يروى أو يكمل المعلومة، ويكتفى تامر ببعض اللوحات المكتوبة التى تقسم الجزء الخاص به إلى فصول، وبالتالى تجعل البناء أكثر سلاسة وأسهل فى التلقى، وعناوين الجزء نفسه مأخوذة من لافتات التحرير، وبنفس ترتيبها على مستوى الأحداث، فلدينا «الشعب يريد إسقاط النظام» ثم «إسقاط الرئيس» ثم «ارحل يعنى امشى»، كذلك التزام المنطق الزمنى التصاعدى بداية من 25 يناير وحتى ما بعد التنحى دون اللجوء لتكسير الزمن، رغم أن كل ما يروى يتم من خلال ذاكرتين أساسيتين، الأولى ذاكرة الأشخاص «الطيبين» الذين شاركوا فى الثورة سواء الشباب بمختلف تياراتهم المستقلة والإسلامية أو الأفراد الذين شاركوا بحكم مهنتهم مثل الطبيبة الميدانية أو المصور الفوتغرافى، والذاكرة الثانية هى ذاكرة الكاميرا نفسها أو الذاكرة البصرية الجمعية التى تشكلت خلال أيام الثورة وما بعدها، وتراكمت عبر التصوير بالموبايل والكاميرات الشخصية.


:الشرس


حاولت أيتن فى هذا الجزء أن تضع نفسها بشكل شخصى جدا أثناء رسم بورتريهات الضباط الذين يتحدثون عن موقفهم ومواقفهم أثناء الثورة، حيث قرأت التعليق الصوتى المكتوب بصيغة المتكلم وظهر صوتها خلال اللقاءات، وهو أسلوب حميمى فى التعامل مع المادة التسجيلية، وقامت بالاستعانة برسامة لتأكيد فكرة البورتريه برسم وجوه الضباط ورسم المواقف التى يتحدثون عنها، سواء تلك التى لديها أرشيف بصرى عنها مثل أحداث الثورة أو التى لا تملك أى أرشيف عنها مثل حكايات ضابط أمن الدولة المستقيل.


مشكلة هذا الجزء أنه أفرد مساحة كبيرة لحديث الضباط من طرف واحد فقط هو طرفهم، دون تدخل من المخرجة سواء بالرد عليهم أو استخدام المونتاج لدحض الكثير من ارائهم عبر الأرشيف المصور للثورة وما قبلها، ومن هنا بدا هذا الجزء فى بدايته أقرب لمحاولة منح هؤلاء الأشخاص بما يمثلونه من «عداء للشعب» فرصة للفضفضة أو البوح والشكوى، خصوصا فى لقاءات ضابط الأمن المركزى، الذى يجلس فى «سلويت- ظلام مبهم».


السياسى:


كان الأحرى بهذا الجزء أن يسمى الديكتاتور، لأنه لا يتحدث عن أى سياسى من أى نوع، بل يتحدث عن مبارك كنموذج للديكتاتور أو كيف تحول إلى ديكتاتور من خلال قالب ساخر يعتمد على الرسوم المتحركة والتعليقات اللاذعة التى تمنح مساحة تحرر من الوثائقى البحت، وتجعل شخصية المخرج تظهر من خلال التعليقات سواء الكلامية أو المنتقاة من أرشيف الثورة.


قام عمرو ببناء فيلمه زمنيا بشكل كلاسيكى، حيث العودة لنقطة البداية، وتتبع مسار رحلة مبارك منذ تولى وحتى تخلى، وهذا البناء توازى مع عملية ترتيب العشرة بنود التى تحول أى حاكم لديكتاتور ويعتبر هذا البناء المتوازى هو أقوى ما فى فيلم عمرو.


مشكلة هذا الجزء أولا إفراد مساحة واسعة للدكتور محمد البرادعى فى حديثه عن مبارك وعصره مع الإصرار على كتابة التعريف به على أنه مرشح محتمل للرئاسة حيث بدا البرادعى هنا أقرب لمن يتشفى أو يُسوق لسياسته، منه لرجل يحلل بنزاهة وموضوعية، وهو خطأ إخراجى لا يخص البرادعى ولكن توصيفه على الشاشة، ثانيا وجود شخصيات مثل سامى عبدالعزيز، عميد كلية الإعلام، أحد أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، للحديث عن مبارك الديكتاتور، وهو شخصية لها مواقف جدلية وبالتالى لم ندرك المغزى من وراء ذلك! أضعف ما فى هذا الجزء هو نهايته حيث صعد السرد إلى لحظة التنحى بقوة، وانتهى من البنود العشرة لتحول مبارك إلى ديكتاتور، ولكنه عاد وهبط فى انتكاسة ما بعد الذورة «انتى كلايمكس» عندما أفرد لخطاب مبارك الأخير مساحة واسعة، وعلق عليها بأرشيف مصور من الثورة، وردود أفعال الناس عنه وعن صوره وأقواله، ثم إن مانشيت الأهرام الذى أنهى عليه الفيلم لم يكن موفقاً فى كشف فكرة تحول الصحافة القومية من مناصرة الرئيس إلى ركوب الموجة، ولم تكن له علاقة محددة بذروة الفيلم، وكان الأحرى أن يأتى خلال بند الإعلام وليس فى النهاية.