في مقال بقلم الكاتب عبد الخالق عبد الله لصحيفة جلف نيوز الإماراتية، شرح الكاتب قصة هبوط قطر وكيف خسرت كل تأثيرها الذي اشترته لنفسها بالمال خلال العشرين عاما الماضية، وبدأ مقاله بالقول الشائع «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع».. هذه باختصار هي قصة صعود وسقوط قطر.
وأوضح الكاتب أن قطر بفضل مواردها من الغاز الطبيعي في المنطقة وفي ذروة نفوذها العالمي، حصلت قطر على حقوق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وهو الحدث الرياضي الأكثر شهرة في العالم في ديسمبر 2010.
لكنها في شهر أكتوبر 2017، التي قاطعها جيرانها -بسبب دعمها للإرهاب- فقدت منصب المدير عام منظمة الأمم المتحدة، فجأة أصبحت قطر لا تبدو كما كانت قبل عشر سنوات.
ووفقا لآخر التقديرات، قدر احتياطيها من الغاز الطبيعي بنحو 900 تريليون قدم مكعب، أي ما يقرب من 15 في المائة من جميع احتياطيات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، وثالث أكبر احتياطي من روسيا وإيران.
وبحلول عام 2014، برزت قطر باعتبارها ثالث أكبر اقتصاد يبلغ ناتجها الوطني الإجمالي 189 مليار دولار. وفي وقت من الأوقات كانت أسرع الاقتصادات نموا في العالم، إذ سجلت نموا بنسبة 16 في المائة في عام 2010.
لكن قطر تواجه الآن انخفاضا حادا في سعر الغاز الطبيعي الذي يحوم حاليا حوالي 2.50$ بانخفاض عن 8$ قبل بضع سنوات.
وقدرت وكالة التصنيف موديز أن قطر سحبت 38.5 مليار دولار من احتياطياتها المالية. وهي تبحث الآن لتجمع ما لا يقل عن 9 مليارات دولار من الأسواق الدولية لتغطية نفقات الدولة.
لكن النفوذ المالي وحده لا يفسر الارتفاع السريع، والآن سقوط قطر المرهقة، على يد تميم بن حمد، والكثيرون يعتقدون أن حمد بن خليفة ما زال يمارس السلطة خلف الكواليس، لكن قطر تتراجع تدريجيا على خلفية السياسات الإقليمية للنظام القطري.
ومنذ 5 يونيو من هذا العام، انسحبت قطر من قطاع غزة. ولم يعد لها دور بارز في القضية السورية، وأصبحت قطر لاعبا غير ذي صلة بالصراع الليبي. كما لم تعد على الساحة في اليمن، وهذه الأحداث من بين أمور أخرى تؤكد أن قطر في تراجع بعد رحيل حمد.
واضاف الكاتب أن إن قطر تقلصت ماليا وسياسيا وعهادت مرة أخرى إلى وضع الدولة الصغيرة الذي كان عليه قبل عام 2011.
وكان آخر ما تبقى من سمات قوة قطر هي قناة الجزيرة التلفزيونية المثيرة للجدل إلى حد كبير، والتي كانت عاملا رئيسيا وراء ارتفاع قطر كمؤثر إقليمي.
ومثلما حدث في قطر نفسها، وصلت الجزيرة إلى أقصى تأثير سياسي لها خلال ما سمي بـ«الربيع العربي» في عام 2011. لكنها فقدت الآن بريقها ومصداقيتها.
وتشير دراسة حديثة أجرتها جامعة نورث وسترن في الدوحة إلى أن شعبية قناة الجزيرة العربية تتلاشى في المنطقة خاصة في دول الربيع العربي.
وأظهرت الدراسة الاستقصائية «استخدام وسائل الإعلام في الشرق الأوسط» أن قاعدة المشاهدين للشبكة هي 4%فقط في البحرين المجاورة، وتسعة في المائة في تونس، و 20 في المائة في مصر.
وربما كان انخفاض شعبية الجزيرة هو أوضح مؤشر على تراجع التأثير السياسي لقطر. فلولا قناة الجزيرة؛ ما كان أحد سيلاحظ قطر ولا أحد يهتم كثيرا بدورها في السياسة العربية.
ومن الواضح أن مشروع قطر الذي كان سلة من المفارقات يتناقص. إن سقوط قطر كان مواصلا على مدى السنوات الخمس الماضية.
إضافة إلى مقاطعة وعزلة قطر مؤخرا من قبل جيرانها المباشرين وهزيمتها في منظمة الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي والشكوك المتنامية حول بطولة كأس العالم 2022 تظهر أن قطر مثل من «جلس على الحائط ثم سقط بشكل كبير».