بعد استبعاد هؤلاء الذين أبداً لن يرضيهم شىء أو أحد.. وهؤلاء الذين لا يحبون إلا الاعتراض والاستعراض والسخرية.. وبعد تجاوز أى خلافات قديمة أو جديدة مع رئيس اتحاد الكرة ومجلس إدارته.. وبعد اضطرار الكثيرين المؤقت لغلق صفحة النزاع بين اتحاد الكرة واللجنة الأوليمبية المصرية وقبول الأمر الواقع وبقاء المجلس الحالى فى الجبلاية دون حاجة أو ضرورة لانتخابات جديدة.. بعد كل ذلك أتمنى أن يعلن اتحاد الكرة عقد مؤتمر يناقش حاضر ومستقبل الكرة المصرية وكيف يمكن تغيير قواعدها وملامحها وإعادة ترتيب أوراقها وأهدافها وأدوارها..
وأول ما يدعونى لذلك هو تأهل مصر لنهائيات كأس العالم لكرة القدم فى المونديال الروسى المقبل.. ولا أقصد المبالغة فى الاحتفال بهذا التأهل والحديث عنه كأنه الحدث الذى لا يراه الناس فى مصر إلا مرة واحدة فى العمر.. إنما فقط أتمنى وأحاول إقناع الجميع باستغلال هذا التأهل للشروع فى الوصول إلى ما هو أهم وأغلى من اللعب فى المونديال.. فالكرة المصرية لم تسمح لها ظروفها منذ تأسس أول اتحاد لها عام 1921 بمراجعة حساباتها وإعادة رسم أحلامها.. إنما كانت دائما تتغير اضطرارياً كمجرد رد فعل لقرارات وحوادث وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية..
وتنتقل بسرعة وعشوائية وبمحض المصادفة دون دراسة أو تركيز من الكأس السلطانية إلى كأس مصر ومن دورى المناطق إلى الدورى العام ومن الهواية إلى الاحتراف ومن الدعم إلى الرعاية ومن أحضان الدولة وأشواكها إلى غرفة «فيفا» للعناية المركزة.. وأظن أنها باتت الآن تملك الحق والفرصة والقدرة على مراجعة كل شىء وأن تعقد هذا المؤتمر الذى يناقش كل ذلك بشرط ألا يتحدث فيه كل الكبار والقدامى والوجوه التى تتحدث عن الكرة المصرية طول الوقت.. إنما يتحدث شباب وفتيات يملكون الرؤية والفكر ويتابعون بصدق واهتمام كل ما يجرى فى الساحات الكروية العالمية ويستطيعون تقديم اقتراحات وحلول علمية لكل مواجع الكرة المصرية وإعادة تنظيم إداراتها ورعايتها ومسابقاتها وتحكيمها ومنتخباتها ومشروعاتها..
فهؤلاء الشباب هم الحل والأمل والمستقبل أيضا ولسنا نحن الذين من فرط ما غرقوا فى بحر الأزمات والخلافات والهموم باتت كل أحلامهم هى مجرد البقاء على أى بر آمن دون معاناة وضرورة أى بناء وتجديد وتجميل أيضا.. فالذى يعيش سنين داخل أى مشكلة لا يصبح غالباً هو الأقدر على حلها وإنهائها.. شرط آخر لهذا المؤتمر هو ألا يتحول إلى مجرد كلام وخطب طويلة وقصيرة وموائد غذاء وعشاء ومجاملات لا أول لها أو آخر.. وألا يكون هذا المؤتمر بمثابة حفل تكريم لمجلس الإدارة الحالى أو لمنتخب تأهل لمونديال ولاعبين موهوبين احترفوا وأجادوا محليا وأوروبيا.. وأعتقد أن الكرة المصرية تحتاج ذلك وتستحقه أيضا وأن يكون الهدف الحقيقى لمثل هذا المؤتمر هو التغيير الجذرى فى الفكر والإدارة والأهداف وملامح الكرة الفنية والسياسية والاقتصادية.. وأن ينتهى مثل هذا المؤتمر بقرارات وليس توصيات ويقوم اتحاد الكرة بالشروع فورا فى التنفيذ دون خوف من قوة سلطة أو قسوة قلم ولسان ودون مجاملة لأى هيئة أو أحد.