مصر المسكونة بالفرحة والحزن

ياسر أيوب الإثنين 23-10-2017 22:25

ليس متهماً بخيانة شهداء الواحات أو نسيان وتجاهل تضحياتهم وبطولات من يقدمون حياتهم ودماءهم من أجل مصر وأهلها.. كل من مارس فرحته بانتصار الأهلى الكبير على النجم الساحلى التونسى والتأهل للنهائى الأفريقى.. ليس مخادعا أو منافقا أو أفاكا، كل من مارس حزنا حقيقيا احتراما للموت ولمن ماتوا من أجله هو وأهله ووطنه.. ثم مارس الفرحة أمس الأول وأيضا بمنتهى الصدق مع كل هدف من أهداف الأهلى الستة.. ففى حياتنا يمكن أن يجتمع الحزن والفرح والنشوة والأسى والضحكات والدموع فى نفس الوقت داخل أى أحد منا.. وقد يحتاج الإنسان المسكون بالحزن والوجع لبعض الفرحة ليبقى قادرا على الاستمرار مثلما قد يحتاج نفس هذا الإنسان وسط فرحته لقليل من الحزن أو الألم ليعرف قيمة الفرحة ومعناها..

ولا يمكن لأى إنسان عاقل وطبيعى أن يتوقع أو يتخيل أن الآلاف الذين فرحوا بالأهلى ومعه فى برج العرب أو الملايين أمام شاشات البيوت والمقاهى.. لا يملك كل منهم أحزانه الخاصة وأوجاعه الحقيقية وهمومه ومخاوفه التى لم تمنعه من أن يفرح رغم يقينه بأنه بعد الفرحة يعرف أنه سيعود لهمومه وأحزانه وآلامه.. وأقول ذلك لبعض الذين شعروا بالضيق من تلك الفرحة الذين لايزالون أسرى لنظرية الأبيض أو الأسود فقط رغم ألوان الحياة الكثيرة.. وأقوله أيضا لبعض المتحذلقين أيضا الذين سارعوا لمصمصة الشفاة استنكارا لأن يفرح الناس رغم دماء الشهداء وتضحياتهم.. وقد كانت فرحة الناس حقيقية وجميلة بالفعل.. فالأهلى لم يفز فقط بنتيجة هذه المباراة.. وإنما كان يثبت من جديد رسوخ مبادئ الأهلى وأخلاقيات وقواعد إدارية وإنسانية ورياضية تأسس بها ومن أجلها هذا النادى الكبير.. فعلى الرغم من اقتراب انتخابات ساخنة داخل النادى وصراع طبيعى بين رؤى وأفكار وأحلام.. إلا أن الأهلى يحتفظ بكل ذلك وراء جدرانه وحين يخرج لمواجهة الآخرين يواجههم فريقا واحدا بإدارة واحدة وناجحة أيضا يقف خلفها الجميع حتى المختلفين معها قبل وبعد ولكن ليس أثناء اللعب..

كما كانت الستة أهداف هى الرد الفاضح والقاسى على من اتهموا لاعبى الأهلى بتقاضى الرشوة ليتعمدوا الخسارة من أجل تلك الانتخابات المقبلة.. وكانت هناك الفرحة أيضا بمن نجح فى رد اعتباره أمام الآلاف والملايين مثل وليد أزاروا الذى أعاد ثقته فى نفسه واكتسب ثقة كل جماهير الأهلى فى قدراته وموهبته وبجانبه معلول ومؤمن وأجاى وربيعة وكل نجوم الأهلى.. وكانت هناك الفرحة التى سبقها احترام واعتزاز وما يشبه الاعتذار لحسام البدرى الذى كان نجم المباراة الأول والذى أثبت أن الأهلى يقوده مدرب كبير وطموح وعنيد وقادر على قيادة لاعبيه للتألق والانتصار.. وأخيرا فرحة الاقتراب من لقب البطولة الأفريقية الذى غاب عن الأهلى بضع سنوات وحان موعد عودته مثلما عاد للأهلى كأس مصر الذى غاب منذ عشر سنوات.. وإذا فاز الأهلى بالبطولة فسيكون أول ناد رياضى فى التاريخ والعالم يفوز ببطولات قارته فى كل الألعاب الجماعية.. وستكون فرحة تستحقها مصر ويقدر عليها الأهلى وإدارته وأبناؤه وجماهيره أيضا.