قال موقع «مودرن دبلوماسي»، إن قطر دأبت لمدة عامين على التأهب بشدة لمرشحها حمد بن عبدالعزيز الكواري ليصبح المدير العام المقبل لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، لكن هزيمته الأخيرة أمام مرشح فرنسا ابنة وزير الثقافة السابق، أودري أزولاي، هي أخبار ممتازة لمنظمة اليونسكو.
وأوضح الموقع أن خسارة الكواري لصالح المنظمة، لأنها فقدت ليس فقط الكثير من تمويلها ولكن أيضا قدرا كبيرا من شرعيتها في السنوات الأخيرة، حيث إن الدول الأعضاء تستغل اليونسكو كمنصة لتجزئة النزاعات التي طال أمدها، ووضع المطالبات المتنافسة ومواقع ذات أهمية ثقافية، وتشكك في الشرعية العالمية لمنافسيها.
وأضاف الموقع أن قطر لم تقم بإنهاء العلاقات مع الجماعات الإرهابية وكبح التجارة مع إيران بما يتماشى مع العقوبات الأمريكية والعالمية.
وتابعت أن المقاطعة المفروضة على قطر تمضي الآن لأكثر من أربعة أشهر، مما يثير تساؤلات حول متى ستستجيب الدوحة، لشواغل حلفائها السابقين، وهي شواغل يتشاطرها الكثير من المجتمع الدولي.
وينصب الكثير من النقد حول دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، واستضافتها مسؤولي طالبان، والقاعدة، والزعيم السياسي لحماس، وعلاقاتها الوثيقة على نحو متزايد مع طهران، وهي ممولة بالوكالة للإرهاب في حد ذاتها.
كما أن خبراء مثل وكيل وزارة الخزانة الأمريكية السابق للإرهاب، ديفيد كوهين، هم أيضا من بين الذين اتهموا مرارا بأن الرقابة الحكومية غير الكافية تسمح للأفراد القطريين بسهولة جمع التبرعات للجماعات المتطرفة مثل داعش.
وبدلًا من اتخاذ خطوات ملموسة للتصدي لهذه التهم، فإن قطر ما فتئت تقدم المزيد من الطاقة والنقد، نحو حملتها العالمية لتعزيز الصورة، التي شملت ليس فقط محاولتها لرئاسة اليونسكو ولكن أيضا الاستثمار فيما تعتبره فنًا وثقافة.
وبالنسبة للعديد من المراقبين الخارجيين، فإن اهتمامهم بالفنون غير متناسب مع بلد لا يملك ثقافة خاصة به، ولكن هناك العديد من الأسباب الكامنة وراء قيام الأسرة المالكة باستثمار الكثير من إيراداتها من الغاز الطبيعي في هذا القطاع.
وفي الواقع، فإن ما يدفع هذه الاستثمارات إلى هذه القطاعات «اللينة» هو رغبة الحكومة في تعزيز سمعة قطر الدولية، خاصة قبل نهائيات كأس العالم 2022 - كأس السخرة- نظرًا لأن عملية تقديم العطاءات تمت من خلال الرشوة وإساءة استخدام العمال المهاجرين في بناء الملاعب للبطولة.
ولا شك في أن الحكومة تأمل في أن تتمكن من بناء صورة كراع للفنون، لتساعد في التخفيف من الادعاءات المستمرة بأن الدوحة هي الممول بالوكالة للإرهاب، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستثمارات الدولية الباهظة في العالم ليس فقط في عالم الفن الأوروبي، ولكن أيضا الرياضة والترفيه والعقارات - من فرق كرة القدم الفرنسية إلى علامات الأزياء الأوروبية الشهيرة إلى معالم لندن البارزة - لها دافع خفي آخر، أي أن تشتري النفوذ المحلي بدلًا من أن تأخذ الطريق الأكثر وضوحا المتمثل في المواءمة مع المعايير والقيم المشتركة بين أوروبا ومعظم المجتمع الدولي.
ومع ذلك، فإن المليارات التي استثمرتها قطر في الفن على مر السنين لا تزال غير كافية لإقناع زملائها الدول الأعضاء في اليونسكو بأنها مستعدة لقيادة المنظمة الثقافية الرائدة في الأمم المتحدة، ناهيك عما يكفي لغسل رائحة التهم بأنها أيضا مرتبطة مع الجماعات المتطرفة، وذلك لأن قطر لا تزال تتجاهل الحقيقة البسيطة المتمثلة في أنه عندما يتعلق الأمر بتحسين سمعتها الدولية، فإنه لا يبدو أن المسألة كما يبدو لها. وكان فقدانها لقيادة اليونسكو «تذكرة صارخة ودرسًا قاسيًا» بذلك.