أمين جائزة «باديب»: مصر والسعودية جناحي المنطقة وخلافاتهما «بالونات كاذبة» (حوار)

الاضطرابات بين البلدين صناعة خارجية.. ومشاركات الشباب نفت شائعات انفصالهم عن هويتهم العربية
كتب: أحمد يوسف سليمان الأحد 22-10-2017 16:05

ترأس د. ملحة عبدالله، الكاتبة المسرحية السعودية، جائزة باديب للهوية الوطنية، التي أطلقها مركز أحمد باديب للدراسات الإعلامية والثقافية بالسعودية، في القاهرة خلال معرض القاهرة للكتاب فبراير الماضي، والتي تُعني بالأعمال التي تعبر عن الهوية الوطنية في مسارات الشعر والقصة والمسرح، والفن التشكيلي، والتأليف الموسيقي. وتقول سيدة المسرح السعودي ملحة عبدالله، في حوارها لـ«المصري اليوم» إن شرف لها كسيدة عربية أولًا وسعودية ثانيًا أن تكون على رأس جائزة ثقافية تنطلق من القاهرة، موضحةً أن مصر والسعودية جناحي الوطن العربي، واللتان يجب أن تنطلق منهما أية مبادرة في المنطقة، وإلى نص الحوار..

■ في البداية، كيف جاءت فكرة إطلاق جائزة للهوية الوطنية؟

- الجائزة اسمها جائزة أحمد باديب لتعزيز الهوية الوطنية في دورتها الأولى، دورة عمر مكرم، وهي تمنح كل عام، في كل دورة تحمل اسم شخصية عربية نعتز بها في تاريخنا العربي، وهي مكونة من 5 مسارات؛ شعر، قصة، مسرح، فن تشكيلي، تأليف موسيقي، وأيضًا الجائزة، تختص بالشباب من 18 إلى 40 عام، وهذا في دورتها الأولى، ويمكن أن نفتح الباب للكبار في غير هذا السن، في دورات قادمة، فالمبدع لا يقتصر على سن أو جنس، فالإبداع يختار من يختار على أي مستوى، لكننا اختصصنا الشباب، هذه الفئة العمرية لتعزيز الهوية العربية، ردًا على من يتهم فئة الشباب أنهم أصبحوا غير مهتمين بالقومية أو الهوية، وهذه أقاويل دسيسة علينا، ولهذا اخترنا هذه الفئة لنرد على هؤلاء الذين يتهمون شبابنا، وفعلًا المشاركات جاءت مذهلة من هذه الفئة العمرية، من كل أنحاء الوطن العربي، ومن عرب المهجر أيضَا، بفنون مستلهمة من الهوية العربية يثبتون فيها انتمائهم لهويتهم وعربيتهم، وانتمائهم الداخلي وليس الخارجي، كما يدعي المنظرون الغربيون، أن الشباب العربي انتماءهم خارجيًا ولم يعد داخليًا وأنهم لم يعودوا يؤمنون بالهوية العربية، وهذا ما قاله فريدريك إنيك خلال محاضرته في مؤتمر الربيع العربي في المعهد البريطاني عام 2012، لكننا وجدنا أن وطننا بخير وشبابنا بخير من خلال مشاركات هؤلاء الشباب الذين نفخر بهم، لأن الوطن العربي كله شاب، وجميع بلدانه شابه، نظرًا لكثرة التعداد السكاني، ويهمنا الشباب في جميع أنحاء الوطن العربي.

■ متى تنتهي الجائزة من تلقي المشاركات ومتى سيكون موعد إعلان الجوائز؟

- أعلنا عن الجائزة في فبراير الماضي خلال معرض الكتاب، وسنغلق باب المشاركات في نهاية أكتوبر، ليتم تقييم الأعمال واختيار الفائزين، للإعلان عنهم في فبراير المقبل.

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

■ هل سيكون إعلان الجوائز في معرض الكتاب كذلك، حيث كانت البداية؟

- لا، سيكون الإعلان عن الجوائز خارج معرض الكتاب، لندع للمعرض احتفاله وبهائه، ونحتفل بعد المعرض بجائزتنا في فبراير، بالفائزين والفائزات، وتمنح الجائزة لفائز واحد فقط لكل مسار ولا يوجد لدينا مراكز متعددة في كل مسار.

■ لماذا اخترتم اسم عمر مكرم عنوانًا للدورة الأولى؟

الجائزة عن الهوية الوطنية، وعمر مكرم هو ماضي وطني وتاريخ، قاد الدولة الحديثة ووضع يده في يد محمد على، وقاد مصر نحو الحداثة، ومن ناحية أخرى هو رجل دين معتدل يقود دولته إلى النماء والانتماء والعروبة، ولم يكن متزمتًا متشددًا متطرفًا، يعني عمر مكرم رجل وطني من الطراز الأول، ولذلك اتخذت الجائزة في دورتها الأولى من عمر مكرم اسمًا لها لنربط جيل الشباب بهؤلاء الوطنيين العظام الذين سنخلد ذكرهم واحدًا تلو الآخر في الدورات القادمة إن شاء الله.

■ أيضًا، لماذا جاءت البداية من مصر ولم تكن السعودية؟

- كل شيء في عالمنا العربي لا بد أن يكون بجناحين، السعودية ومصر، أي فعل سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، كل شيء، ولو تعمقت في كل أفعال الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تجد أن لها جناحان، هذه اليمامة التي تمثل العروبة، المملكة العربية السعودية ومصر، فالسعودية فيها رجال وثقافة وتاريخ، ومصر فيها مواطنة وإعلام ورموز فكرية وقامات علمية وفيها انها نقطة وبؤرة تواصل عربي، وهي في سرة الوطن العربي، وفي الأول والآخر نحن نعتز بمصر بدون سؤال يعني.

■ كانت هناك اضطرابات سياسية بين مصر والسعودية إبان إطلاق المسابقة مطلع العام الجاري، سبقتها اضطرابات على المستوى الحكومي، ثم على المستوى الشعبي، هل كان لهذه الاضطرابات تأثير على الجائزة والمشاركة فيها، ونحن نعلم أن أغلب المثقفين قد يكون لهم رأيًا سياسيًا أو أدبيًا في هذا الأمر؟

- صدقني هذا ما يسمى بالحقن تحت الجلد، ولم يكن هناك خلافات بين الطرفين، وهذا كله كان صناعة خارجية، ونحن نعلم كيف يصنع الحدث، وهذه الأحداث المصنعة كان غرضها إحداث بلبلة بين البلدين، فهم يأتون من كل الأطراف من هنا وهناك، من عنصرية وقبائلية وغيره، لكن لم ينفع شيء في التفريق بين البلدين، لكن نحن كإعلاميين أو أدباء كنا نعلم أن هذه بالونات كاذبة وكنا نتحدث بذلك، ما عدا الذين ينتمون إلى الفكر الإرهابي والإخواني وما إلى ذلك، هم من شجعوا على هذا، وحتى على المستوى السياسي والشعبي لم يكن هناك قلق، ولم يكن على الجائزة أي خطر، فنحن شعب واحد، اسمنا الوطن العربي، ولذلك الجائزة تحمل اسم الهوية الوطنية؛ من فاس إلى عمان إلى دبي إلى بغداد إلى الشام إلى اليمن، كل هؤلاء شاركوا في الجائزة، ومن السودان ومن ليبيا، فهذا هو الوطن الذي يحمل هوية عربية وطنية، لا ينفع معه خلافات أو مسامير يتم دقّها، أو إحداث فقاقيع هوائية، فقد انكشفت اللعبة وسقطت الأقنعة، وأصبح الشعب هو الذي يحكم الفكر، وهو الذي يكشف ويُسقط الأقنعة، فلم يعد اللعب ينطلي على أحد، فهذا كلام يذكي نيرانه المستفيدين من أجل مصالح شخصية لنفخ الجيوب، وأظن أن الناس كلها فهمت الأمر.

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

■ هل هناك حصر تقريبي للمشاركات التي حصدتها الجائزة إلى الآن؟

- كثير جدًا وفوق ما كنت أتصور، وسنقوم بعمل مؤتمر صحفي، لعرض حصر كامل للمشاركات بأعدادها لكل بلد، وأكثر ما أدهشني في المشاركات هو مشاركة عرب المهجر خاصة، والذين جاءوا من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرها، فشيء جميل أن تأتينا هذه المشاركات لمهتمين بالهوية الوطنية من بلاد مختلفة حول العالم كله وليس من العرب داخل الوطن العربي فقط، فشيء رائع أن توصل صوتك إلى ما وراء الحدود، اعتزازًا بهويتك العربية، وهذا هو الهدف من الجائزة.

■ كيف كانت جولتك بالقاهرة لدعم الجائزة؟

- وجدنا دعم واحتفاء كبير في مصر، من وزير الثقافة حلمي النمنم، وأمين المجلس الأعلى للثقافة د. حاتم ربيع، واتحاد الكتاب، والمثقفين والصحفيين، وكل المهمومين بهويتهم العربية، وأيضًا وجدنا تسهيلًا لكل الدعم المعنوي، لأننا لم نأتِ للبحث عن أي ربح، ولسنا من الجوائز والمهرجانات التي تبحث عن رعاة وغيره، فهذا غير وارد، لأن جائزة باديب لا تتعاطى مع أي دعم من أي جهة، أو إعلانات أو رعاة، فالأستاذ أحمد باديب رئيس المركز، أعطى تعليمات بهذا، سوى الدعم المعنوي فقط، والذي نعتز به ووجدناه حتى من عدد من الشخصيات الكبيرة في مصر مثل الشاعر الكبير فاروق جويدة، والناقد الكبير صلاح فضل، وشيخ المحققين د. حسين نصار، والفنان محمد صبحي، وغيرهم الكثير، إيمانًا منهم بالهوية العربية، وانتماء الشباب لهويته ووطنيته وليس احتفاءً بسعوديّة الجائزة، لكننا الآن أصبحنا واحد وتلاشت كل تلك الحدود، وأصبحنا واحدًا بالإعلام المفتوح والثقافات المتلاقحة والمستوى الاقتصادي المتقارب، وإحساسنا بتلك الدعوات الخارجية المغرضة أشياء كثيرة جعلتنا لا نلقي بالا للحدود الجغرافية ونحترم الحدود السياسية بالطبع.

■ مسارات الجائزة من شعر وقصة ومسرح وفن تشكيلي وموسيقى، كلها مسارات ثقافية وفنية، فلماذا سميت الجائزة بـ«الهوية الوطنية» وليس «الثقافية» مثلًا؟

- نحن نريد أن نقيم جسرًا بين الشباب والأجيال الوطنية النموذج بحيث يبدع الشاب أو الشابة من خلال عناصر مستلهمة من الهوية الوطنية، ومن خطوطه التي تشكل شخصيته، فيبدأ البحث في الهوية الإسلامية والعربية، وأيضًا هؤلاء القادة العظام الذين سبقوا هذا الجيل والذين ستحمل الجائزة أسماءهم، كل هذا سيجعل الشباب أكثر انتماءً، ووجدنا بالقياس، أن المشاركات كانت مفاجئة، وأثبتت أن جيل الشباب الآن أكثر انتماءً حتى من ذي قبل، ونفى كل الشائعات عن عدم انتماء الشباب العربي الآن لهويتهم العربية، وهذا واضح في إبداعاتهم، عندما تحللها نقديًا، تجدها تدل على شخصيات تذوب في تراب وطنيتها وهويتها.

■ هل سيتم الاستفادة من الأعمال الفائزة بالمسابقة، بدعمها أو نشرها؟

- بالطبع، مركز أحمد باديب في جدة، سيقوم بنشر الأعمال الفائزة بالشعر والقصة، وأيضًا دعم عرض العمل المسرحي الفائز، إذا كان مناسبًا لتقاليد المسرح السعودي، وكذا تبني الأعمال الموسيقية الفائزة، لأن الفائزين سيكونون 5 فقط، لذا لن يكون هناك مشكلة في دعمها، ومركز أحمد باديب له تاريخ من 5 سنوات في الأنشطة المختلفة في كل أنحاء المملكة العربية السعودية، وهو ملحق به مسرح كبير تم إنشاؤه لعرض العروض المختلفة ودون أية تكاليف، فأعتقد ان أي عمل فائز بالجائزة سيلاقي دعمًا إن شاء الله.

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني

المصري اليوم تحاور الكاتبة ملحة عبد الله، تصوير: حليم الشعراني