بعد الانتصارات التي حققتها الثورة الجزائرية أدركت الحكومة الفرنسية أن الأمور بدأت تفلت من يدها في الجزائر، وأن عليها البحث في صيغ وأساليب جديدة وأكثر فاعلية، لتعطيل الثورة واهتدت إلى فكرة توجيه ضربة إلى الذراع السياسية لجبهة التحرير الوطنى، والمتمثلة في المكتب الخارجى الذي كان يتولى إدارة شؤون المعركةالسياسية والدبلوماسية.
وبدأت مخططها بقبول الحكومة الفرنسية الحضور لاجتماع يضم الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة والملك المغربى محمد الخامس وزعماء الثورة الجزائرية، أحمد بن بلة، الحسين آيت أحمد، محمد بوضياف، فيما يشبه الاستدراج للزعماء الذين سيحضرون إلى مراكش للمفاوضات فيتم القبض عليهم.
و«زي النهارده» في ٢٢ أكتوبر ١٩٥٦ أقلعت الطائرة المغربية من مطار الرباط وعلى متنها الزعماء الخمسة، متجهة إلى تونس، وفى الساعة الخامسة وخمس وثلاثين دقيقة، وأثناء تحليقها في الأجواء الدولية، أرغمت الطائرة المغربية على تغيير وجهتها تجاه الجزائر وذلك بعد أن اعترضتها طائرات فرنسية حربية، وقد أثارت هذه القرصنة الفرنسية موجة واسعة من الاستنكار من قبل دول العالم قاطبة بما فيها الدول التي كانت صديقة لفرنسا، فضلا عن إدانة المنظمات العالمية النقابية والطلابية لما حدث.
وتأكد للجميع عدم رغبة فرنسا في تسوية المشكلة الجزائرية تسوية سلمية استدعت الحكومتان التونسية والمغربية سفيريهما في باريس وكان هذا الإجراء سببا في توتر العلاقات السياسية بين تونس والمغرب من ناحية وباريس من ناحية أخرى وفى هذا السياق، كان موقف المغرب إزاء باريس هو المطالبة بإرجاع القادة الجزائريين دون قيد أو شرط، أو رفع القضية إلى محكمة لاهاى الدولية للفصل فيها إلا أن الطلب المغربى قوبل بالرفض من قبل الحكومة الفرنسية باعتبار أن هؤلاء الخمسة من الناحيةالقانونية هم مواطنون فرنسيون، ولا يوجد قانون في العالم يجبر الحكومة الفرنسية على تسليم مواطنيها إلى أحد وصدر بيان من قيادة جبهة وجيش التحرير الوطنى موجه للعالم أكدت فيه أن القبض على أعضاء جبهة التحرير لا يؤثر على تمسكها بالمطالب الأساسية التي وردت في بيان أول نوفمبر ١٩٥٤ والتى تتلخص في الاستقلال الكامل وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والتفاوض مع حكومة وطنية مؤقتة من أجل وقف إطلاق النار.