هيكل للمواطنين بعد الاستفتاء: قمتم بالثورة وصعدتم إلى القمر ثم طلبتم «كيلو كباب»

كتب: أحمد رجب الثلاثاء 22-03-2011 18:55

قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن نتيجة الاستفتاء هى نتيجة طبيعية لحالة التجريف السياسى التى عاشتها مصر، وأن دعوة المرشحين الرئيسيين للرئاسة للتصويت بـ«لا» وخروج النتيجة بأغلبية (صالح «نعم» هو «محاولة للزراعة فوق الصخور».

وأكد هيكل أنه يحترم عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، ومحمد البرادعى، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، ولكنه يقف أمام سؤال: «هل هؤلاء هم المناسبون للحظة الجارية؟». وقال هيكل إن المصريين يستحقون حكامهم.

وكشف هيكل فى الحوار الذى أجراه معه الفنان عمرو واكد، ونظمه موقع «مصراوى» عبر صفحته على «يوتيوب» و«تويتر»، وأذاعته قناتا «دريم» و«أون. تى. فى»، إنه تفاءل بالرئيس مبارك فى بداية حكمه، وأنه كتب له مجموعة خطابات بعد مرور عام على رئاسته للجمهورية، وأنها منعت من النشر قبل أن تنشرها «المصرى اليوم» عام 2008، وتتحمل «مصايب» بسبب نشرها بعد 25 عاماً من كتابتها.

وقال الكاتب الكبير إنه يحترم المرشحين محمد البرادعى وعمرو موسى على المستويين الشخصى والإنسانى، وأضاف: «هؤلاء موضع إعجابى واحترامى، ولكنى عندى رأى وبوضوح، أليس غريباً أن الاثنين - موسى والبرادعى - لديهما تاريخاً وظيفى وليس تاريخ سياسياً، الاثنان بحكم الدبلوماسية من خارج الساحة السياسية العادية، والاثنان انتظرا أن ينتهى تاريخهما الوظيفى بالكامل فى جامعة الدول والوكالة الدولية للطاقة، قبل أن يترشحا للرئاسة، والاثنان محترمان وأصدقاء، وتجاوزا الـ75 عاماً، ولكن السؤال هل هذه المواصفات هى التى تحتاجها اللحظة؟ كنت أتمنى أن يكون هناك مرشحون آخرون ولكن وجود مرشحين فقط معناه أن هناك فراغاً سياسياً لأن الأرض السياسية جرفت طوال 30 عاماً.

وحول نتيجة الاستفتاء، قال هيكل: «الحياة السياسية وصلت إلى وضع سيئ، وجميع الأفكار القائمة تقول إننا نزرع على صخر، وهذا الصخر غير قابل لأن تزرع عليه، وهو ما جعل المرشحين الرئيسيين للرئاسة يعلنان رأيهما علنا فى الاستفتاء وقبله بوقت، ورغم ذلك تخرج النتائج بهذا الشكل، إن هذا معناه أن هناك تجريفاً سياسياً حدث، دون الإساءة أو التقليل من شأن أحد المعارضين، فأنت الآن تزرع على صخر، وهذا هو المأزق الذى تعيشه البلاد حالياً».

وأشار هيكل إلى أن هناك حالة استعجال لجنى ثمار الثورة، وأن الثورات قد تجىء مفاجأة ولكن صنع المستقبل لا ينبغى أن يحدث بالانقضاض أو القفز، فمقتضى الثورة أن تتعجل لتفاجئ ولكن صنع المستقبل لا يمكن أن يجىء بالانفجار، ولابد من فترة انتقالية حتى تتكشف الحقائق، وما حدث أن المصريين بعد أن قاموا بالثورة التى أبهرت العالم، كانوا مثل من صعد إلى القمر، وعندما «اتسألوا: عايزين إيه.. ردوا: عايزين كيلو كباب».

وفيما يخص الدستور الجديد وضمانات عدم المساس بالمادة الثانية، المتعلقة بالهوية الإسلامية، قال هيكل إن المستقبل أرحب وأوسع مما يتعلق بالمادة الثانية، وهناك فارق بين الدستور والقانون، لأن هذا الفارق سوف يحدث ما لا قِبَل لأحد به، فالدستور هو الإرادة الحرة لكامل المجتمع وبالتراضى وليس فى الدستور إجبار، فالدستور شىء، والهوية الثقافية الإسلامية شىء آخر، وعند التحدث عن أن الإسلام مصدر وحيد للتشريع فأنت حينها تستثنى كتلة.

ووجه هيكل رسالة إلى المصريين، وقال: «أنا بكلم الشعب المصرى، كيفما تكونوا يول عليكم، عايز تقولى فى قيادة إنت ما اخترتهاش؟ كل عصر فى الدنيا لابد أن تقدر أنه بشكل أو آخر، فى علاقته الجدلية بالسلطة، هو الذى يختار ويؤثر، لأنه شعب زراعى، ومسالم، جزء من المشاكل راجعة لطبيعة المصرى، ويجب أن نغير، نحن نحب بسهولة ونشك بعمق أن المواطن المصرى يأخذ الحكام الذين يستحقهم، نحن نصدق أشياء لا تصدق، النظام الملكى صدقناه وغضبنا عليه، وجاء ناصر ومشينا وراه وغضبنا، آن الوقت أن نأخذ دروساً ونشارك بجد فيما يحدث فى بلدنا، هل ممكن تكون هناك ثورة مثل هذه، ويكون أول إجراء بعد هذه الثورة الرائعة، أمضى استمارة وأقول نعم أو لا».

وأكد «هيكل» حاجة المصريين إلى حوار وطنى قبل كل شىء، وأضاف: «عايز تقولى بعد السنوات الماضية، لا يستحق هذا البلد أن يجلس فى حوار وطنى شامل ليفكر (رايحين على فين؟)، أنا أعرف إن عندك 36 مليار دولار احتياطى، صرفت منها فى الأزمة الماضية 5 أو 6 مليارات، عايز أعرف أين ذهبت هذه الأموال، هذا مثال للموضوعات التى يجب أن توضع أمام جمعيات وطنية جامعة».

وعن فرض المجلس العسكرى خريطة طريق محدد، قال هيكل: إذا تولدت قوة الضغط الكافى لتحقيق مطلب فلا شىء يقف أمامه، وعندما عرضت على «مبارك» تكوين مجلس أمناء الدولة والدستور، قالوا: «ماذا يدفعه لفعل هذا» الآن أنتم فعلتم هذا بالملايين وبالضغط شلتوا الراجل كله.

وعن الرئيس مبارك، روى هيكل: «عندما خرجت من المعتقل تحدثت عنه بنوع من التفاؤل وقلت إننى مطمئن لمبارك لسببين، الأول أنه خريج المدرسة الوطنية المصرية، والثانى أنه تلقى درساً لا يمكن لشخص أن ينساه لأنه كان موجوداً فى المنصة لحظة اغتيال (السادات)، وظللت عاماً صامتاً، قلت له: (سيادة الرئيس لن استخدم تليفوناتك الخاصة، لأننى أعلم أنك مشغول، ويمكن لو احتاجتنى أن تتصل بى فى أى وقت، وبعدها كتبت مقالاً فى حكمه بعد عام، وكتبت ما أريده على هيئة خمسة خطابات، وتناولت (بطء اتخاذ القرار، بعض التصرفات وبدايات فساد، واختلال فى العمل العربى)، ولم تنشر المقالات وقتها، ولكنها نشرت أثناء حكمه وهو موجود فى جريدة (المصرى اليوم) بعد كتابتها بـ25 سنة، وتحملت (المصرى اليوم) مصايب بسبب النشر».

وحول المخاطر التى تحيط بمصر، قال هيكل: «الأمن المصرى عند أول نقطة تبدأ منها مياه النيل، إذا لم تستطع أن تحمى ذلك عسكرياً، وهو ليس فى مقدورك، يجب أن تستثمر، ومشكلتنا فى أفريقيا، هى رؤيتنا، تقولى (مصر أولاً) وتترك العمق الأفريقى، إنت آخر بلد فى العالم يمكن أن يقول سأجلس داخل حدودى، إنت مناطق أمنك الحقيقى كلها خارج حدودك، شرقاً وغرباً وجنوباً».

وحول تدخلات أمريكا فى المنطقة قال هيكل: «أمريكا عندها القوة الصلبة بالإضافة للقوة الناعمة، وعندها قوة أخرى لأنها ماسكة العالم كله بالدولار، واللى مش عاجبه يخبط راسه فى الحيط، وأمريكا تحدد جدول أعمال العالم كله، أمريكا تضع جدول أعمال ولديها وسائل الدعاية والنفوذ الكافية، قوة الإعلام تظهر عندما يضع الإعلام جدول اهتمامات العالم، (النيويورك تايمز) كتبت من قبل أن 10 وسائل إعلام فى أمريكا تضع خريطة الأولويات فى العالم».

ورداً على سؤال عن إشعال الولايات المتحدة للفتنة بين المسلمين السنة والشيعة، رد هيكل: «أمريكا لا تخلق أوضاعاً، هى ترى وضعاً عاماً تلويه ليناسب مصالحها، أمريكا مصالحها مفهومة فى المنطقة، ولكنها لا تملك أدوات معدة مسبقاً، هى ترى نقاط ضعفك، وأين أنت وإلى أى مدى أنت متماسك، والهدف الحقيقى لأمريكا هو ملء الفراغ السياسى، وتريد أن تملأه بإسرائيل».