أعرب الدكتور عباس شومان وكيل الأزهرعن اسفه لما تشهده البلاد من تصدر رجال بل تيارات تطلق فتاوى تخلق انقسامات بغيضة بين أبناء الوطن الواحد، وتؤصل لثقافة الكراهية والعنف والتطرف، وتؤكد فكر الإقصاء، مؤكدا أنه من البلاء أن يرجع في أمور الناس إلى أهل العلم الزائف أو العلم المدعى أو من ينسبون إلى العلم اسمًا فقط، مشيرا إلى أن الشرع الحنيف يأمر باحترام التخصص.
وأوضح وكيل الأزهر خلال لقائه مع المشاركين بالمؤتمر العالمي الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية تحت عنوان (دور الفتوى في استقرار المجتمعات) إن الإفتاء إحدى أهم الوسائل لنشر وتبليغ الأحكام الشرعية التي تنضبط بها حركة الحياة، لان الفتوى في طبيعتها وأصلها بيان لحكم الله في الواقع.وهى بمثابة إخبار عن الله سبحانه وتعالى، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلـم، بأن أمرًا ما يحلُّ أو يحرُم، وقد عظَّمَ ربُّ العالمين أمرها، وجعل إطلاق الأحكام بالحل والحرمة دون دليل أو برهان من الكذب على الله تعالى، بل أنزل الله تعالى الذين يفتون دون دليل، ويتقولون دون علم، ويتجرأون على الأحكام دون بينة؛ منازل من يرتكب أعظم جرم .
وأضاف وكيل الأزهر أن منصب الإفتاء منصب جليل، وحقيق بمن يتصدر للفتوى أن يعد لها عدتها، وأن يتأهب لهذا الموقف ،وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه، موضحا أن هذا العصر شهد تساهلا في الإفتاء من ناحية، إصدارها، ومن ناحية تلقيها، والتصدي لها ممن ليس من أهلها، لذا وجب على المستفتي أن يبحث عن ثقة يستفتيه، فقد حذر النبي «محمد» صلى الله عليه وسلـم من سؤال غير المتخصصين«.
وشدد وكيل الأزهر على أنه من أخطر أنواع الفتاوى: إصدارُ أحكامٍ وآراءٍ يترتبُ عليها شقُّ الصفوف، وتمزيقُ الوحدة، وإضعافُ الدعوةِ، وتبديدُ الجُهد، وسَوْقُ الأمة إلى مزالقَ خطرة، فترى البعض يُحلِّلُ ويحرِّم، ويُصوِّبُ ويُخطِّئ، ويُحسِّنُ ويُقبح، ويجعلُ الخوضَ في قضيةٍ من القضايا حقًّا خالصًا لـه وحده، لا يزاحمه فيه غيره، فيُغفلُ الرأَي الآخر، ويتهمُه بالقصور، ويقذفُ صاحبهَ بالبلادة ويرميهِ بالجهل، ويصمه بالإثارةِ وحبِّ الظهورِ، وربمَّا رماهُ بالعمالةِ والخيانة، بل قد يتجرأ البعض فيتطاول على المؤسسة الرسمية ويصادر على عملها ومهامها، إعجابا بالرأي واتباعا للهوى، دون نظر لمعقولية الخلاف في بعض المسائل.
وحدد وكيل الأزهر أسباب التساهل في الفتوى وهى /حب الظهور وبريق الشهرة / وهو من أكبر الأسباب التي تغري بإصدار الفتاوى بلا ضابط، فصاحب الفتاوى المتساهلة تزداد شعبيته، وتكثر جماهيره، ويُثنى عليه بأنه معتدل، وأنه يمثل المنهج الوسطي، وغير ذلك من العبارات البراقة، في حين أن صاحب الفتوى المستندة إلى الأدلة الشرعية يوصف بأنه متشدد، وأنه لا يعرف إلا لغة التحريم، وأنه يشق على الناس ويثقل عليهم. وكذلك /الجهل وعدم دراسة الأحكام الشرعية دراسة منهجية مؤصلة، / وإنما يكون الاعتماد على الثقة.