لم نر أى توتر أو أعصاب مشدودة من قبل أى من هؤلاء اللاعبين ، بالرغم من المسئولية الضخمة الملقاة على عاتقهم ، حيث يحملون أحلام جمهور بلادهم – الدولة المنظمة – وسط مجموعة من الفرق القوية فى عالم كرة القدم ، وتحرك الجميع فى صف واحد يهتزون مع نغمات موسيقى أو أغنية محلية شهيرة بجنوب إفريقيا ، عكست الحالة الداخلية لكل منهم ، وهى رغبتهم الكبرى فى الاحتفال بهذا الكرنفال العالمى الهائل الذى تشرف به دولتهم ، وفى الوقت نفسه هو وسيلة للتخلص من التوتر المبالغ فيه فى مثل هذه المواقف مع بدايات البطولات الكبرى وحالتهم الخاصة كممثلى الدولة المنظمة فى البطولة.
وأعتقد أن ما شاهدناه من جانب لاعبى الـ "بافانا بافانا" قبيل اللقاء هو وسيلة للتركيز أيضا نحو الهدف المنشود من جانبهم أيضا ، و رسالة راقية قدمها لاعبو جنوب إفريقيا بالأمس ، تشير إلى حقيقة اللعبة ، وهى أن المتعة موجودة دوما مهما كانت المؤثرات أو الضغوط على أى فرد من أفراد تلك اللعبة الساحرة التى تواصل تقديم متعتها الحقيقية فى كل لمسة أو لمحة من هذا المونديال العالمى الرائع بحق .. كما كان هذا نتاج واضح لتصريحات المدرب الخبير "بيريرا" قبل المباراة والبطولة كلها ، عندما أكد على رغبته في الاستمتاع باللعب فى اللقاء الأول وطالب لاعبيه بهذا مشددا على أن عليهم أن يسعدوا بالمباراة ويستمتعوا باللعب.
كما أن الرقصات لم تنقطع أثناء وبعد المباراة – حتى مع بعض الحزن الذي اجتاح جنوب افريقيا عقب الحادث الأليم الذى تعرضت له حفيدة الزعيم الملهم "نيلسون مانديلا" ... إلا أن الرقصة الأولى استمرت "افريقية" أيضا عقب الهدف الأول الذى سجله " سيفيوي تشابالالا " في الدقيقة 55 ، واشتعلت المدرجات رقصا وفرحا به مثلما فعل اللاعبين احتفالا بهذا الهدف الغالى ، وحتى بعد ان تعادل "ماركيز" للمكسيك ، ظلت المدرجات ترقص وتغنى وتستمتع باللعبة .. وتخلى الحظ كثيرا عن "جنوب إفريقيا" فى اللحظات الاخيرة من المباراة عندما تصدى القائم لكرة "مفيلا" التى كادت أن تحرز فوزا جديدا إفريقيا فى مباريات الإفتتاح ( بعد الفوزين التاريخيين للكاميرون على الأرجنتين فى افتتاح بطولة 1990 ، وفوز السنغال على فرنسا فى افتتاح بطولة 2002 .. وكلاهما بهدف واحد للا شئ ).
الجدير بالذكر أن مباراة افتتاح كأس العالم الحالية والتى انتهت بالتعادل الإيجابى (1/1) بين الفريقين ، هى الأولى منذ 24 عاما ، حيث كان آخر تعادل فى مباريات الافتتاح قد شهدته بطولة ( 1986 بالمكسيك ) ، وانتهت ايضا بنفس النتيجة (1/1) بين كل من "إيطاليا وبلغاريا".
ويبدو أن الرقصات ستتواصل ، إفريقية ولاتينية أو حتى أوروبية ، فى الأيام القادمة من الكرنفال العالمى الجميل كما بدأها الأفارقة فى الافتتاح .. فالمتعة الحقيقية ستبدأ كلما تقدمت البطولة فى أحداثها محتفظة بالروح الرياضية والخلق الراقى بين كل منتخبات وبلدان العالم التى تحتفل سويا بأكبر وأهم حدث كروى ورياضى عالمى ، لأول مرة على الأرض السمراء.
ومن أجل السلام والحب والمتعة والرقصات الحالمة ، تُلْعَب كرة القدم !