فور سؤال الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، عن الحسابات السرية لسوزان مبارك الخاصة بالمكتبة قال: «أنا مذهول مما حدث.. ومازلت أسأل نفسى: هل وصل الغموض إلى هذه الدرجة؟» وأضاف: لا أعرف شيئاً عن هذه الحسابات، وربما كانت ودائع قديمة بلغت قيمتها الآن 145 مليون جنيه، بعد إضافة الأرباح لها، وتابع: ما يربطنى بسوزان مبارك هو علاقة عمل، ولفت إلى أنها سألته أثناء الثورة عن حسابات حركة سوزان مبارك،
وقال لها، إنه تتم مراجعتها من قبل الأجهزة الرقابية، ولفت إلى أنه قبل منصبه فى المكتبة بعد وساطة السفير عبدالرؤوف الريدى لخدمة بلده.وأعرب عن أمنياته بأن يتولى أحد الشباب رئاسة البلاد، وأبدى إعجابه بما أنجزته الثورة خلال 18 يوماً، وإسقاطها النظام، وأشار إلى أن «مبارك» و«سوزان» عاشا أكذوبة مزيفة على مدى 30 عاماً، اعتقدا خلالها أن الناس تحبهما، وقال إذا حكم «الإخوان» البلاد سيكون هناك سيناريو للاتجاه إلى النموذج الإيرانى أو التركى، وأنهم سينافسون على الحكم خلال فترة ليست بعيدة. وإلى نص الحوار:
■ تسيطر حالة من اللغط لدى الرأى العام عن الجهة التى تتبعها مكتبة الإسكندرية، فهناك رأى يقول إنها تابعة لرئاسة الجمهورية، وآخر يقول إنها مستقلة، وثالث يقول إنها تابعة إلى وزارة التعليم العالى، فأين الحقيقة؟
ـ مكتبة الإسكندرية أقيمت وفقاً للقانون رقم 1 لسنة 2001 وهى شخص اعتبارى عام طبقاً لهذا القانون، مقرها مدينة الإسكندرية، وتتبع رئيس الجمهورية مباشرة وليس رئاسة الجمهورية.
■ ما الفرق بين أن تتبع المكتبة رئاسة الجمهورية أو رئيس الجمهورية؟
ـ إذا كانت تابعة لـ«رئاسة الجمهورية» فيعنى ذلك أنها خاضعة لـ«سلطان زكريا عزمى» باعتباره رئيس الديوان، وهذا ليس صحيحاً، وإنما هى تتبع الرئيس بصفته فقط، وحدث ذلك بشكل قانونى عن طريق مجلس الدولة ومجلسى الشعب والشورى.
■ إذن ما موقع سوزان مبارك من المكتبة؟
ـ نظم القانون رقم 1 لسنة 2001 الهيكل الإدارى للمكتبة وجعل الحكم لـ«مجلس أمناء» لا يقل عن 15 عضواً، ولا يزيد على 30 يتم انتخابهم بشكل دورى من المثقفين والنخبة ورؤساء الهيئات والمصالح الحكومية، ويكون بحكم القانون رئيس الجمهورية على رأس مجلس الأمناء، وللرئيس الحق فى اختيار شخص بدلاً منه واختار مبارك «سوزان» لترأس المجلس.
■ وما مدى صلاحيات «سوزان» فى المكتبة باعتبارها رئيس مجلس الأمناء؟
ـ ليس لها أى صلاحيات، سوى رئاستها الجلسة السنوية فقط، وإدارة النقاش أثناء انعقادها.
■ معنى ذلك أنها لم تكن تتدخل فى العمل؟
ـ مطلقاً، لم يحدث أن تدخلت فى شىء.
■ إذن فسر لنا الأنباء التى ترددت بأن هناك حسابات فى المكتبة باسم سوزان ثابت؟
ـ لا أعرف شيئاً عن ذلك، لأنه ببساطة شديدة المكتبة لها حسابان فقط: أحدهما فى البنك المركزى منذ افتتاح المكتبة وآخر فى البنك التجارى الدولى، وقد تم افتتاحهما بموافقة وزير المالية فى 2002 وفقاً لما حدده القانون الخاص بالمكتبة ولا يجوز لأحد أن ينشئ حساباً خاصاً بالمكتبة، دون موافقة وزير المالية، كما أن هناك رقابة من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات.
■ وما حقيقة الـ145 مليون دولار الموجودة باسم سوزان ثابت، لدى أحد البنوك فى حساب خاص بمكتبة الإسكندرية؟
ـ أنا مذهول منذ علمت ذلك من وسائل الإعلام ولم يكن لى علم مطلقاً بأن لها حسابات.
■ إذن ما تفسيرك لهذه الحسابات السرية؟
ـ من المحتمل أن تكون هذه الحسابات نتيجة الأموال التى جمعت من التبرعات خلال مؤتمر أسوان 1990، الخاص بإنشاء المكتبة، وربما وضعت فى هذا الحساب، وهذا مجرد احتمال، لأنه وفق علمى أن الزوار من الوفود العربية منحوا فكرة إنشاء مكتبة الإسكندرية ما يقرب من 70 مليون دولار من: الإمارات والسعودية والعراق وعمان، وغيرهم من أمراء الدول الذين حضروا المؤتمر، وبالطبع فإن هذه المبالغ إذا وضعت فى حساب منذ 1990 فإنها تتضاعف ويمكن أن تصل إلى 145 مليون دولار.
■ النائب العام طلب شهادتكم فى موضوع الحسابات السرية لزوجة الرئيس السابق والخاصة بالمكتبة، فماذا قلتم؟
ـ كما أقول دائماً.. والله لا أعرف عن هذا الكلام شيئاً، وليس لدى علم بأن لـ«سوزان» حسابات باسمها تخص المكتبة.
■ كيف بدأت الحسابات.. وما قيمتها عند إنشائها؟
ـ كان هناك حساب بـ280 ألف جنيه من اليونسكو، لدى البنك الأهلى المصرى، إضافة إلى أن أول حساب لـ«المكتبة» كان 55 مليون جنيه، وهذه الحسابات يتم التعامل عليها من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات والخبير الدولى، وتحت إشراف مجلس الأمناء.
■ قلت إنه يجوز أن يتم فتح حساب للمكتبة باسم أحد الأشخاص بعد موافقة وزير المالية.. إذن من الجائز أن يكون قد حدث ذلك مع سوزان مبارك؟
ـ هذا مخالف، لأننى أقصد أن يتم فتح الحساب بموافقة وزير المالية بعد إذن مجلس الأمناء ومدير المكتبة، ولم يحدث أن طلب أحد سواء «سوزان» أو غيرها فتح حسابات للمكتبة، وقلت لك إن التقرير السنوى ينشر به كل التفاصيل.
■ فور انتهاء سؤالك أمام النائب العام تقدمت ببلاغ تطالب من خلاله برد الأموال السرية الموجودة بحساب «سوزان» إلى المكتبة.. لماذا؟
ـ نعم طالبت بأنه حال الانتهاء من التحقيقات، وثبات أن هذه الأموال تخص المكتبة، أن يتم ضم هذه المبالغ إلى حسابات المكتبة حتى تعود الحقوق إلى أصحابها.
■ هل حدث اتصال بينك وبين سوزان مبارك حول هذه الواقعة؟
ـ لم يحدث وأتذكر أن آخر مكالمة كانت أثناء الثورة وقبل التحقيق فى هذه القضية.
■ هل يمكن أن نعرف ماذا دار بينكما.. خلال المكالمة؟
ـ اتصلت بى لكى تطمئن على حسابات حركة سوزان مبارك والمعنية بها الجمعيات الخاصة بالمرأة، وقلت لها إن الحسابات تتم مراجعتها من قبل الأجهزة الرقابية.
■ وماذا كان هدفها فى رأيكم من معرفة حساب الجمعيات الخاصة بحركة سوزان مبارك؟
ـ هو إجراء عادى، وهى دائماً ما تسأل عن مراجعة الحساب من عدمها وليس وراءه هدف.
■ بحكم عملك كمدير لمكتبة الإسكندرية، هل كان لـ«سوزان مبارك» ميول تجارية؟
ـ لا أعرف، وعموماً كان حديثى معها فيما يخص العمل فى المكتبة، وكانت ترغب فى معرفة الأخبار وتستفسر عن بعض الأمور الثقافية، ولم نتحدث فى السياسة، وكان ذلك مقصوداً من جانبى، لأننى عندما قبلت العمل فى المكتبة 2001 بعد أن توسط السفير عبدالرؤوف الريدى لاقتناعى بهذا الموقع، الذى رحبت به حباً فى خدمة البلاد، وأخذت على عاتقى العمل فى الثقافة، كما أحب، وابتعدت عن السياسة.
■ وماذا عن لقاءاتك بمبارك؟
ـ قابلته مرات عديدة وكانت قصيرة جداً، ولم نكن نتحدث سوى فى أمور المكتبة فقط.
■ وضح لنا أسباب الأزمة بينك وبين زكريا عزمى، والتى تدخل مبارك لحلها؟
ـ ليست أزمة، ولكن فى أحد المؤتمرات التى أعلنت مكتبة الإسكندرية عن تنظيمها اتصل بى «زكريا»، وقال لى الرئيس غاضب من المؤتمر الخاص بحرية التعبير، وعايزين ورقة عمل المؤتمر، فأرسلتها له وعاود الاتصال بى قائلاً: «إلغى المؤتمر» لأن الرئيس مازال غاضباً فرفضت إلغاءه، وفجأة اتصل بى الرئيس وسألنى عن المؤتمر فشرحت له الموضوع، فبادرنى وعلق بقوله: «هما فهمونى غير كده.. .. عموماً اشتغل».
■ من المعروف أن الدكتور إسماعيل سراج الدين ترك موقعه كنائب لرئيس البنك الدولى وعدت إلى مصر للعمل مديراً لمكتبة الإسكندرية.. هل لو عادت بك السنوات، كنت ستتخذ القرار نفسه؟
- أولاً أنا أحب لقب مثقف أكثر من منصب نائب رئيس البنك الدولى، ثانياً: أنا أحب أن أعمل مثقفاً فى وطنى، وتقديم خدمة تنويرية لأهل مصر الأوفياء، وفى ذلك شرف لى ولكل من يعمل فى هذا الوطن الجميل، وأتذكر أن الاتجاه فى بداية عملى فى المكتبة، كان تعيينى من قبل رئيس الجمهورية فرفضت، وطالبت بأن يكون التعيين من قبل مجلس الأمناء وقد حدث، وكان ذلك بهدف أن يصبح تعيين مدير المكتبة بعيداً عن القرار السياسى.
■ نريد أن نعرف موارد مكتبة الإسكندرية؟
- موارد المكتبة من الاعتمادات التى تخصصها الدولة والإعانات والتبرعات والوصايا والإسهامات والقروض، مقابل الخدمات، وجميعها تدخل فى حسابى المكتبة.
■ بالمناسبة هل حدث وتدخل الرئيس مبارك فى عملك بعد اتصاله هاتفياً بك؟
- الحقيقة إذا كان لمبارك وأسرته أخطاء إلا أنهم لم يحاولوا مطلقاً التدخل فى عملنا وكانوا يثقون فى طريقة أداء المكتبة.
■ هل توقعت ما حدث لـ«مبارك وزوجته»؟
- الحقيقة أننى توقعت ثورة، ولكن ليس بهذا الشكل، وعموماً فأنا أكثر ما أفكر فيه هو ماذا يدور بذهن مبارك وسوزان الآن، بعد أن أنكشف القناع، وظهرت كراهية الشعب لهما، بعد أن عاشا فى أكذوبة لمدة 30 عاماً، كانا خلالها يعتقدان أن الناس تحبهما، فى ظل وجود سيناريو متكرر من تصفيق وابتسامات خادعة لم يستوقفا نفسيهما للنظر والتأمل وكانت هذه الخطيئة الكبرى.
■ هل أخبرت زوجة الرئيس بكراهية الشعب لهما؟
- لأ طبعاً لأننى أعمل فى الثقافة، ولم أسع يوماً لأى مواقع أو مناصب، ولذا فأنا زاهد تماماً فيها وكانا يعلمان ذلك جيدا.
■ أعلن «الإخوان» أنهم لن يدفعوا بمرشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة ولا يرغبون فى التمثيل بالوزارة؟ ما تفسيركم لموقف الجماعة؟
- أعتقد أن «الإخوان» يرون أن هذه المرحلة هى مرحلة الإعداد لأنفسهم والبحث عن قواعد وتنظيمات للعمل على المدى البعيد، فإذا تحدثوا الآن عن عدم رغبتهم فى الحكم، فسوف تجدهم ينافسون عليه فى المستقبل، والمعروف أن «الإخوان» جماعة منظمة، وتجهز نفسها لـ«المرحلة التالية» لتكون فيها قدراتهم أقوى على البقاء فى الساحة السياسية.
■ هل تتوقع أن يحكم «الإخوان» مصر.. وكيف؟
- هناك احتمالان أولهما اتجاه الجماعة إلى السيناريو الإيرانى، وهذا الطرح ليس من فراغ، لكن «الجماعة» دائماً ما تدعو إلى المرجعية الإسلامية، وقد بدا ذلك واضحاً فى ملامح حزب الإخوان مما يشير إلى إمكانية أن تأخذ «الجماعة» تجربة الحكم الإيرانى، أما السيناريو الثانى فهو الاتجاه إلى النموذج التركى، وكما قلت لك فإن «الجماعة» فى مرحلة بناء منظومة المنافسة على الحكم.
■ نعلم أن هناك وديعة باسم المكتبة، فى أحد البنوك.. ما هو مقدارها.. وكيف يتم التعامل معها؟
- الوديعة وصلت الآن إلى ما يزيد على 120 مليون جنيه، وتخضع للرقابة، ويتم التعامل معها مثل جميع الودائع ومعلومة للجميع.