حوار- سمر إبراهيم
قال سفير الجابون بالقاهرة، جى روجيه نزيه، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى يعد قائد القارة الأفريقية، واستطاع إعادة مصر لمكانتها فى أفريقيا، وإن مصر بلد كبير ومرجع مهم، وله دور عظيم فى المجتمع العربى والأفريقى، وتعتبر حائط صد بين أزمات الدول الأفريقية، لافتاً إلى أن العلاقات بين مصر وبلاده مثمرة وفى تقدم مستمر.
وأضاف، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الجابون لديها علاقات ممتازة مع إثيوبيا، لكن أهم محور فى تلك الأزمة هو «التحاور» على مائدة المفاوضات حتى يتم إيجاد حل يرضى الطرفين، لأن سد النهضة سيكون له تأثير سلبى على حياة المصريين، ويهدد حياتهم، مطالباً إثيوبيا بوقف بناء السد.. وإلى نص الحوار:
■ بداية كيف ترى العلاقات بين مصر والجابون فى الوقت الحالى؟
- العلاقات بين البلدين مثمرة وفى تقدم مستمر، وتم تتويجها بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للجابون فى شهر أغسطس الماضى، فضلاً عن زيارة الرئيس الجابونى «على بونغو» عام 2016، وخلال الزيارتين تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية المهمة.
■ هل هناك اختلاف واضح فى سياسات مصر الخارجية تجاه أفريقيا بشكل عام؟
- الفارق المهم فى سياسات مصر الخارجية تجاه أفريقيا أن السيسى هو «قائد» الوطن الأفريقى الآن، واستطاع إعادة مصر لمكانتها فى أفريقيا، والعلاقة بينه وبين الرئيس الجابونى ليست سياسية فقط بل علاقة «صداقة».
وهناك لجان مشتركة لوضع أسس التعاون بين البلدين وتطوير التعاون الاقتصادى والتجارى، بمشاركة العديد من الخبراء المصريين والجابونيين، ولكن آخر لجنة تم عقدها منذ 11 عاماً، وفى عهد السيسى سيتم عقد اللجنة مرة أخرى، وتم تحديد شهر ديسمبر المقبل لمواصلة التعاون المثمر بين البلدين مرة أخرى.
■ كيف تُقيِّم زيارة السيسى الأولى من نوعها والتاريخية للجابون؟
- زيارة السيسى لبلادنا كانت إيجابية للغاية، وتحمل العديد من الرسائل المهمة والمؤثرة فى العلاقات بين البلدين، خاصة أنها أول زيارة لرئيس مصرى للجابون، فضلاً عن أنها كانت أثناء العيد الوطنى للجابون، والسيسى اختار التوقيت المناسب لزيارة بلادنا.
■ ما حصاد تلك الزيارة؟
- تم الاتفاق على تدريب وتأهيل الكوادر الجابونية بمصر فى عدد من المجالات المختلفة، والجابون تتطلع لأن تكون دولة بحجم مصر وقدراتها، وننتظر وصول وزيرة التجارة الجابونية إلى مصر فى شهر ديسمبر المقبل، حيث إنها ستشارك فى مؤتمر «أفريقيا 2017» بمدينة شرم الشيخ، وسوف تعقد العديد من الاجتماعات مع العديد من رجال الأعمال المصريين للاتفاق على إقامة العديد من المشاريع المصرية التجارية المهمة فى الجابون.
■ حدثنا عن أهم خطط التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين؟
- هناك مجال للتعاون فى مجال الأخشاب، حيث إنه من أهم صادرات الجابون، وسوف يتم تصنيعه فى مصر وإعادة تصديره مرة أخرى إلينا، وقد قمت بزيارة مدينة دمياط ورأيت بنفسى حرفية صناعة الخشب بها، ونحن فى حاجة إلى توطيد العلاقات حتى نتطرق إلى أكثر من مجال، وليس فى مجال الأخشاب فقط، فضلاً عن التعاون فى مجال تصنيع الزى العسكرى مع وزارة الإنتاج الحربى وتصديره إلى الجابون، ونأمل وجود خط طيران مباشر بين البلدين لتسهيل مهام رجال الأعمال؛ لأن هذا هو العائق الذى يمثل عقبة مهمة فى تسهيل مهام الاستثمار، ورغم الاتفاق على هذا المشروع فإنه لم يتم تفعيله حتى الآن، وسيتم حسم هذه الأمور فى اللجنة المشتركة القادمة التى ستنعقد فى الجابون.
■ ما حجم الاستثمارات المصرية فى الجابون؟
- تُمثل أكثر من 1%، حيث إن الرؤية الاستثمارية متجهة فقط ناحية «الخشب»، ولكن هذه رؤية غير مكتملة، حيث إن الجابون مليئة بالخيرات والثروات الطبيعية، ومن الممكن أن تستفيد مصر منها، بحيث يتم تعديل الميزان التجارى بين البلدين، وأرغب فى تكثيف التعاون الاقتصادى والتجارى المشترك بين مصر والجابون.
الجابون تمتك حالياً حرية الاختيار للشريك الاقتصادى المناسب لها، والسيسى استطاع أن يوحِّد مع الرئيس الجابونى محاور التعاون بينهم، واستطاع إقناعه بأهمية الشراكة المصرية مع الجابون.
■ كيف تقرأ أهمية دور مصر فى أفريقيا؟
- مصر بلد كبير ومرجع مهم، وبلد مؤثر فى القارة الأفريقية، ولها دور عظيم وضخم فى المجتمع العربى والأفريقى، لأنها دولة «قائدة» على الصعيدين السياسى والاقتصادى، كما تعتبر حائط صد بين أزمات الدول الأفريقية، ودوماً تعمل على حل النزاعات بين دول القارة، فقد عادت القاهرة لدورها الطبيعى فى أفريقيا بعد سنوات من الغياب، وأصبحت تتصدر القارة كما كانت فى العهود السابقة.
■ ما أهم التحديات التى تواجه تنمية أفريقيا وكيف يمكن تنمية القارة؟
- أهم التحديات التى تواجه تنمية أفريقيا التعداد السكانى الضخم، حيث إن هناك عدداً كبيراً من الدول الأفريقية لا تستطيع أن تكفى احتياجات شعوبها الاقتصادية، ولابد من حملات توعية مكثفة للحد من هذا التعداد السكانى الهائل، هناك أيضاً تحدى «التنمية»؛ فالعديد من الدول الأفريقية فقيرة، وتحتاج إلى إحداث تنمية شاملة، فضلاً عن ارتفاع نسب الوفيات فى القارة نتيجة تفشى الأمراض والأوبئة، بسبب الحروب والنزاعات المسلحة، أيضاً لابد من رفع كفاءة المستوى الطبى، بالإضافة إلى التحدى الأمنى، حيث إن كل دولة أفريقية تعانى من صراع داخلى، فضلاً عن مواجهة شبح الإرهاب وذلك بتوحيد الجهود السياسية للدول الأفريقية.
■ ما أوجه التعاون مع مصر فى ملف مكافحة الإرهاب؟
- الجابون لا تواجه شبح الإرهاب، لكن بلادنا تتشارك حدودها مع الكاميرون التى تواجه هذا الخطر، ولذلك نحن نشعر بعدم الأمان نوعاً ما، ولذلك نتمنى التعاون مع مصر، خاصة فى مجال تبادل المعلومات، وتدريب الضباط والعساكر فى مصر؛ لأن القاهرة متميزة ولديها خبرة عسكرية كبيرة فى مجال مكافحة الإرهاب.
■ بصفة الجابون عضواً فى منظمة الاتحاد الأفريقى هل لبلادكم أى دور دبلوماسى فى حل ملف «سد النهضة»؟
- الجابون لديها علاقات ممتازة مع إثيوبيا، لكن أهم محور فى تلك الأزمة هو «التحاور» على مائدة المفاوضات حتى يتم إيجاد حل يرضى مصر وإثيوبيا، لأن هذا الملف فى منتهى الخطورة والأهمية، خاصة أن سد النهضة سيكون له تأثير سلبى على حياة المصريين ويهدد حياتهم، وفى الوقت الحالى أعيش فى مصر، وأتابع الموقف عن قرب، وأشعر بنفس الخطر الذى يشعر به المصريون، وأطالب إثيوبيا بوقف بناء السد والتفكير فى مشروع آخر لتوليد الكهرباء بدلاً من سد النهضة.
والجابون ستتدخل دبلوماسياً فوراً بمساندة بقية الدول الأفريقية إذا كانت هذه رغبة الجانب المصرى، لأنه لابد من وقف بناء هذا السد.
وأقترح تحديد يوم من أيام القمة الأفريقية تجتمع فيه جميع الدول الأعضاء لمناقشة تلك القضية، وتكون بمثابة جلسة جدلية والبحث عن حلول أخرى بديلة لتوليد الكهرباء فى إثيوبيا بعيداً عن سد النهضة، ومسؤولية الاتحاد الأفريقى الآن التفاوض مع إثيوبيا لحل تلك الأزمة، لأن جميع المباحثات الحالية ثنائية بين مصر وإثيوبيا فقط، ولكن لابد من مشاركة جميع الدول الأفريقية لإقناع إثيوبيا بضرورة وقف بناء السد، لأن هذا الموضوع حيوى للغاية.
وأعتقد أن مصر لديها وثائق عديدة لابد من تقديمها إلى الاتحاد الأفريقى حتى تثبت حقها، وأخشى أن يتطور هذا النزاع إلى صراع عسكرى بين البلدين، حيث إنه سيكون له تأثير سلبى كبير على القارة الأفريقية بأكملها.
■ إثيوبيا بدأت بناء سد النهضة عام 2011 والاتحاد الأفريقى لم يتدخل لحل الأزمة، فهل سيتخذ أى خطوات فى الوقت الحالى؟
- يجب على مصر تصعيد الأزمة على مستوى الاتحاد الأفريقى بطلب رسمى منها للاتحاد، حتى تتم مناقشة بنود اتفاقية عنتيبى أيضاً، وتعرب مصر عن رأيها الواضح برفض تلك الاتفاقية الظالمة، التى تحرم المصريين حقهم فى الحياة، لأن جميع دول حوض النيل لن تتأثر كما ستتضرر مصر، لأنها تمتلك منابع النيل، وباعتبار تلك الدول أعضاء فى الاتحاد الأفريقى، ومن ثم ستستطيع كل دولة توضيح موقفها، وإيجاد حل لهذه المشكلة.