قضت محكمة النقض، الخميس، بإلغاء الحكم الصادر من محكمة الجنايات بمعاقبة الناشط أحمد دومة بالسجن المؤبد في القضية المعروفة إعلامياً بـ«أحداث مجلس الوزراء»، وأمرت بإعادة محاكمته من جديد أمام إحدى دوائر محكمة جنايات الجيزة غير التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة.
ظل دومة في السجن، 47 شهراً، منذ إلقاء القبض عليه في ديسمبر 2013، بتهمة التعدي على قوات الأمن أمام مجلس الشورى. وصدره ضده 3 أحكام قضائية، الأول الحبس 3 سنوات في قضية التظاهر بمنطقة عابدين، وقضى فترة العقوبة في تلك القضية، أما القضية الثانية الحبس 3 سنوات بتهمة إهانة المستشار محمد ناجي شحاتة، الذي كان ينظر قضية أحداث مجلس الوزراء، وقبلت محكمة النقض في مايو الماضي الطعن الذي تم التقدم به على هذا الحكم، أما الحكم الثالث الذي قبلت محكمة النقض الطعن عليه أيضًا هو الخاص بالسجن المؤبد بحق «دومة» لاتهامه بأحداث عنف مجلس الوزراء، قبل أن تلغيه محكمة النقض، اليوم.
لـ«دومة» نشاط كبير في الحركة السياسية منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. جلس في بداية العشرينات من عمره أمام لافتة كبيرة عليها سيفين متقاطعين يحيطان بمصحف تحته كلمة «وأعدوا»، يستمع لقيادات جماعة تحلم بـ«الخلافة الإسلامية»، وسيُكتب لها بعد 4 سنوات من انفصاله عنها الحُكم.
ظل أحمد دومة في جماعة الإخوان المسلمين حتى عام 2008، وهو العام الذي أدرك فيه أنه لا مكان له في «جماعة إصلاحية» لا تختلف كثيرًا عن نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ليصبح بعد ذلك ناشطًا سياسيًا مستقلًا يشارك في وقفات ومظاهرات ضد النظام الحاكم، تسببت في اعتقاله أكثر من 15 مرة.
حلم «دومة» بالتغيير مع أبناء جيله، استبشر خيرًا بـ«ثورة تونس»، وأدرك أن الوقت قد حان لـ«خلع مبارك»، فكان من أوائل المشاركين في ثورة 25 يناير 2011، رفض مساوامات النظام التي تقبلتها الجماعة التي تربى فيها مع والده، وأصر مع زملائه على شعار «إسقاط النظام».
سقط «مبارك» ولم يُغادر «دومة» ميدان التحرير، وعارض المجلس العسكري الذي حاول الالتفاف، من وجهة نظره، حول مطالب الثورة، وتعرض للتشويه، واتهمه البعض بالعمالة، فلم يهتم، وشارك في مظاهرات عدة، خلال فترة حكم المجلس العسكري، فتعرض للحبس، عقب حريق المجمع العلمي، في «أحداث مجلس الوزراء».
رحل «مبارك» والمجلس العسكري، وجاءت الجماعة التي كان «دومة» أحد أبنائها، فظل محافظًا على لقب «المُعارض الأبدي»، طالته اتهامات بإهانة «رأس الدولة»، فلم يتراجع وأعلن أن «محمد مرسي متهم مثله، وفقد شرعيته بسفك دماء المصريين».
صعّد «دومة» الإسلامي سابقًا، اليساري حاليًا، معارضته لـ«الإخوان»، فتصدت له الكتائب الإلكترونية التابعة للجماعة على موقع «فيس بوك»، وتساءلت عن مصدر دخله، ومن أين يُنفق الشاب الذي لا يُفوت فرصة المشاركة في أي مظاهرة ضد «مرسي»، فرد بكلمة واحدة: «يسقط حكم المرشد»، وشارك مع أعضاء حركة «تمرد» في جمع توقيعات لسحب الثقة من «مرسي».
مقابل تصعيد «دومة» صعّدت جماعة الإخوان هي الأخرى، وتم إلقاء القبض على «دومة» بتهمة إهانة الرئيس، وقضت محكمة جنح طنطا بحبسه 6 أشهر في يونيو 2013، فلم يغضب الشاب، الذي يفتخر بعدد مرات اعتقاله في الأنظمة المختلفة، فقط كان حزينًا لأنه لن يُشارك في «الثورة ضد المرشد».
مرت الأيام، وتسارعت وتيرة الأحداث، تهديدات إخوانية بسحق متظاهري 30 يونيو، يقابلها إصرار من الشعب على «خلع مرسي»، ويجلس الشاب المتزوج حديثًا خلف القبضان يحلم بالخروج لدقائق للمشاركة في «معركة إسقاط المرشد»، لكنه فشل.
سقط «مرسي»، فخرج «دومة»، لكنه سريعا ما جرى القبض عليه في مظاهرة ضد المحاكمات العسكرية أمام مجلس الشورى عام 2013، وتم الحكم عليه فيها بالحبس 3 سنوات.
وفي فبراير 2015، صدر حكم بالمؤبد ضده في قضية أحداث مجلس الوزراء، وظل في زنزانة انفرادية فترة طويلة يعاني من تدهور أحواله الصحة، إلى أن ألغت محكمة النقض حكم المؤبد، اليوم، ومن المقرر أن يتقدم محاميه خال على، بطلب إلى مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، السبت المقبل، لإخلاء سبيله.