رصد التقرير وجود محاولات عديدة لإلصاق تهمة الاختفاء القسرى بأجهزة الأمن، باستغلال بعض الظروف الملتبسة أو التجاوزات التى توحى بذلك، دون توافر أركان هذه الجريمة فى الغالب الأعم.
وأشار التقرير إلى أنه ومع فض اعتصامى جماعة الإخوان وأنصارها فى «رابعة والنهضة» فى أغسطس 2013 تدرجت تطورات الشكاوى والتقارير التى تتضمن بلاغات بادعاءات اختفاء قسرى، وبلغت مئات الأسماء منذ العام 2014، واتسمت هذه البلاغات بنقص كبير فى المعلومات بدءا من أسماء المدعى اختفاؤهم أو ظروف الاختفاء أو توقيته بدقة، أو الجهات التى يزعم ارتكابها هذا الجرم، الأمر الذى يزيد من صعوبة إجلاء مصير الضحايا المدعى اختفاؤهم قسرياً، وتطورت حملة البلاغات لتأخذ طابعاً دولياً، حيث تبنتها بعض المنظمات الحقوقية الدولية.
وأفاد التقرير بأن وزارة الداخلية نفت مراراً وجود حالات اختفاء قسرى، وأنه لا يوجد قيد الاحتجاز طرفها سوى السجناء أو المحبوسين بقرارات من النيابة العامة على ذمة قضايا، تمهيدا لتقديمهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنهم، وأنه ربما يكون من بين المدعى اختفاؤهم عناصر غادرت البلاد للانضمام للمنظمات الإرهابية العاملة بعدة بلدان عربية أو عناصر هاربة مطلوب القبض عليها تنفيذاً لقرار النيابة.
وأوضح التقرير أن المجلس بادر بالاهتمام بهذه الظاهرة، وشكل لجنة على أعلى مستوى لبحثها والاتصال بالجهات المسؤولة لمعرفة مصير المُدَّعَى اختفاؤهم، واتخذت اللجنة لتحقيق ذلك عدة مهام، منها: دعوة أسر الضحايا لتوجيه بلاغاتهم للمجلس وإحاطتهم بأى معلومات تصل إليهم بشأن حالة ذويهم الغائبين، وحددت بعض أعضاء فريق العمل للتواجد يومياً لاستقبال أسر الغائبين أو المهتمين بغيابهم، ومضاهاة الأسماء والبيانات المبلغ عنها لإزالة التكرار، وفحص تشابه الأسماء، ومحاولة استكمال ما أمكن من المعلومات التى تتطلبها المتابعة الصحيحة، وإتاحة الاستمارة التى أعدتها منظمة الأمم المتحدة عن الاختفاء القسرى وما تتضمنه من بيانات ضرورية لاستكمال البحث.
وأفاد التقرير بأن لجنة الاختفاء القسرى بالمجلس عملت فى الفترة من أبريل 2015 حتى نهاية مارس 2016، وتم خلالها تجميع 266 بلاغاً باختفاء أو تغيب تم إخطار وزارة الداخلية بها مستوفاة البيانات الكاملة من حيث الأسماء والمهن والأعمار، وأجلت الوزارة مصير 238 حالة مع استمرارها فى فحص ومتابعة باقى الحالات المرسلة.. وبقراءة تحليلية لطبيعة ردود الوزارة، تبين أن 143 كانوا محبوسين احتياطياً على ذمة قضايا مع تحديد أماكن احتجازهم، إما بأحد السجون أو أحد أقسام الشرطة، بجانب تأكيد الوزارة على إخلاء سبيل 27 حالة، وذلك عقب التأكد من سلامة مواقفهم وعدم تورطهم فى أعمال مخالفة للقانون، وأكدت الوزارة أيضا وجود 44 حالة، تبين بعد الفحص أنه لم يتم ضبطهم أو اتخاذ إجراءات قانونية حيالهم، ومن المرجح أن يعود غيابهم إلى تركهم محال إقامتهم خوفا من الملاحقة الأمنية أو لانضمامهم إلى الجماعات التكفيرية، كما تبين وجود 8 حالات أفادت الوزارة بأنهم موجودون بمحال إقامتهم وعدم صحة اختفائهم، و9 حالات لهاربين، منهم 6 مطلوب ضبطهم على ذمة قضايا، والثلاث حالات الباقية لفتيات تبين أنهن هاربات من ذويهن بالإضافة لـ6 حالات تغيب محرر بشأنهم محاضر شرطة.
وأوصى التقرير بوضع خطة وطنية لتحسين وتعزيز حقوق الإنسان، ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف والحض على الكراهية، وملاحقة التطورات الحديثة فى سياق حقوق الإنسان مثل قطاع الأعمال وحقوق الإنسان، وتطوير مكتب الشكاوى بالمجلس إلى «أمبودزمان» ديوان مظالم، بتفعيل ما أضيف إليه من صلاحيات فى الدستور والقانون الأساسى بشأن الانضمام إلى المضرور قضائياً إذا طلب ذلك، وزيارة السجون ومراكز الاحتجاز، وتعزيز القرارات المؤسسية للمجلس.
وأشار التقرير إلى أن المجلس عقد أول اجتماع له بتشكيله الجديد فى سبتمبر 2013، حيث ناقش تصاعد أعمال العنف فى البلاد وما ترتب عليها من تزايد حالات انتهاك حقوق الإنسان، وشكلت هذه التطورات تحدياً كبيراً للمجلس تطلب أن تكون الأولوية لمواجهة هذا الوضع الذى يهدد الحق فى الحياة بالدرجة الأولى، واتخاذ الإجراءات الكفيلة برصد حالات انتهاك حقوق الإنسان، وتحديد المسؤولين عنها والاتصال بالجهات المعنية لإيقاف أى تجاوز لحقوق الإنسان.
ولفت التقرير إلى أنه ضاعف من تأثر المجلس بهذه الظواهر أنها كانت موضوعاً لمباراة صفرية، يشتد فيها التوتر لأقصى مداه، بينما كان المجلس ذاته موضوعاً للصراع وطرفاً فيه بعد أن استحوذت عليه جماعة الإخوان بينما استحوذوا عليه من مفاصل الدولة سنة 2012.
واستعرض التقرير نماذج من أنشطة المجلس فى مجالات متعددة تفاعلا مع التحديات التى واجهته، معتبرا أن الظواهر التى أفرزتها أحداث ثورة 30 يونيو والتحولات التى أفضت إليها فى السياق السياسى - الاجتماعى، والتزامات خريطة الطريق التى انعقد عليها الإجماع الوطنى فى يوليو 2013 شكلت جدول أعمال المجلس فى تشكيله السادس.