ردود فعل واسعة حول تحقيق «إسكندرية اليوم» عن الإهمال الطبى فى مستشفيات «الثغر» (2-2) الأطباء يدافعون: لا توجد أخطاء متعمدة.. والعقاب على قدر الخطأ

كتب: محمد مجلي, ندي سعد الثلاثاء 24-08-2010 15:04

أجمع عدد من أطباء المحافظة، على عدم وجود ما يسمى بالإهمال الطبى، وأن هناك «خطأ طبياً» يُرتكب ويتطلب الحساب والعقاب على قدر الخطأ. واستبعدوا فكرة الخطأ المتعمد، مشددين على حصوله على أقصى عقوبة إذا ثبت أنه ارتكب الخطأ عن عمد، فى الوقت الذى حمل بعضهم مسؤولية الأخطاء الطبية، ونقص الخبرة إلى عدم حصول الخريجين على التدريب اللازم، وهو ما دافع عنه الدكتور محمود الزلبانى، عميد كلية الطب، قائلاً: نقوم بتخريج طبيب ممارس عام ومبتدئ يعى أساسيات المهنة، وأن دراسته لا تنتهى وعليه مواصلة الاطلاع والمعرفة، خاصة أن الكلية حصلت على الاعتماد اللازم للتأهيل للجودة والاعتماد وهو ما ساعد النهوض بمستوى الأطباء.

واتفق أطباء الثغر، على أن التحقيقات التى تجرى فى قضايا الخطأ الطبى تكون على خطوات تبدأ بتشخيص المرض مروراً بمراحل العلاج، وصولاً إلى إجراء العمليات الجراحية، والتأكد من اتخاذ الاحتياطات الواجب توافرها عند إجراء العملية، وحتى لحظة خروج المريض.. وفيما يلى رأى الأطباء وردهم على الوقائع التى رصدتها الصحيفة أمس.

 

مدير «العامرية»: وفاة «هالة»

«قضاء وقدر».. ويعتبر حقوق الإنسان عادات غربية تقف أمام قدرة الله

رفض الدكتور محمود الزلبانى، عميد كلية الطب، إطلاق كلمة «إهمال طبى» على حالات الوفاة التى تحدث أحيانا، مشيراً إلى أنها تندرج تحت ما سماه «الخطأ الطبى»، معتبراً أن الإهمال وما ينتج عنه من حالات عجز ووفاة يكون متعمداً وهو ما لم يتوافر فى مصر حتى الآن، وأنه نادر الحدوث لطبيب خارج عن آداب المهنة، مرجعاً أى خطأ يحدث لكفاءة الطبيب نفسه.

وتساءل: هل الخطأ ناتج عن قلة خبرة أم خطأ مقصود؟ مشدداً على أن يكون العقاب رادعاً مع الطبيب المتعمد بحيث يتم إعدامه فى مقصلة بميدان عام، أما الأخطاء التى يرى أنها واردة فهى لها جزاءات تحتاج للشدة والتفعيل على قدر الخطأ، ولكن بعد أن تضع المؤسسات العلاجية الاشتراطات اللازمة لأداء الطبيب بحيث نتعرف من خلالها مدى قدرته على العمل منفرداً أو أن يعمل تحت مظلة طبيب أكبر منه حتى يكتسب الخبرة اللازمة وهو ما أطلق عليه «الإدارة الطبية».

ورفض تحميل كليات الطب مسؤولية خطأ الأطباء. وقال: نحن نخرج طبيباً ممارساً عاماً ومبتدئاً يعى أساسيات المهنة والحلول الدنيا منها، لافتاً إلى ضرورة استكمال مشواره الدراسى سواء فى الدراسات العليا أو ما يسمى التنمية المهنية المستدامة، وأن يكون الطبيب فى حالة دراسة وبحث مستمرين لأن ما درسه سيتغير وسيشهد الجديد كل 5 سنوات، مطالباً جميع المؤسسات بمختلف مسمياتها بتوفير الإمكانات المتاحة لتدريب الأطباء على كل ما هو جديد، لافتاً إلى أن اعتماد الجودة الذى حصلت عليه كلية الطب سيساعد على الارتقاء بالخريج بحيث يصبح مؤهلاً للعمل.

 

مدير «العامرية»: وفاة «هالة»

«قضاء وقدر».. ويعتبر حقوق الإنسان عادات غربية تقف أمام قدرة الله

 

لايزال التحقيق مستمرا فى قضية السيدة «هالة»، التى توفيت أثناء خضوعها لعملية جراحية، لاستئصال اللوز فى مستشفى العامرية، واتهم خلالها زوجها صلاح عبدالنبى 4 أطباء بأنهم تسببوا فى وفاتها، وتم نشرها بالأمس. وقال الدكتور محمود عبدالمنعم، مدير المستشفى: السيدة «هالة» لم تمت لوجود خطأ فى إجراء العملية كما أشيع، مرجعاَ ذلك إلى وجود خلفيات تسبق إجراء الجراحة، وأنها من أهالى كرموز وكانت حالتها تحت متابعة أحد الأطباء فى المستشفى وشقيقتها تعمل مشرفة تمريض فى المستشفى ورغم خلافهما إلا أنهما تصالحا قبل العملية حتى تساعدها على الدخول، وساعدت على تقديم دورها فى العملية حتى يوم العملية نفسها وكانت هناك 4 حالات ورقمها فى إجراء العملية الأخير، إلا أنها بمساعدة شقيقتها تقدمت دورين ودخلت غرفة العمليات واستغرقت العملية 6 ساعات كاملة.

وأضاف: قضاء الله كان نافذا، وأصيبت بنزيف شديد واحتجنا نقل دم من الفصيلة«A» وكان لدينا 6 أكياس من العينة وحصلت على كيسين وجزء من الكيس الثالث، بما يعنى أن المستشفى لم يقصر فى شىء، مبدياً رأيه بأنها قد تكون تعرضت لـ«جلطة» رئوية أثناء الجراحة. وأضاف: تمت الاستعانة بأطباء وهم إخصائى فى أنف وأذن والثانى فى قسم التخدير والدكتور خالد هلال، إخصائى بمستشفى العجمى، وأشرف على عملية وقف النزيف، وأن الطبيب الذى أجرى الجراحة أدى ما عليه، لكن قضاء الله نافذ. وأوضح: «هالة» عمرها 40 سنة والعملية تشكل خطورة على حياتها وهو ما تم إبلاغه لشقيقتها. ولفت إلى أنه تم تشكيل لجنة خماسية، لعرض الحالة على اللجنة القانونية لمعرفة سبب الوفاة.

وأشار إلى أن أى طبيب لا تتم محاسبته على إجراء نتيجة العملية وإنما على الخطوات والإجراءات التى اتخذها قبل وأثناء وبعد إجراء العملية، وأوضح أن هذه الإجراءات تتم بصورة جيدة، فى ظل الطفرة التى تشهدها المستشفيات والعمل بنظام الجودة، مشيراً إلى أنه لا يعترف بإطلاق كلمة «الإهمال الطبى» وأنه قد يكون خطأ طبيا وهو أمر متعارف عليه فى جميع المجالات.

وقال: «الغرب قتل فينا عاداتنا وتقاليدنا والإيمان بالله والقضاء والقدر، بدعوى حقوق الإنسان وحقوق البشر ووقفنا أمام قضاء الله ونسينا أنه الأكثر قدرة على مراعاة حقوق البشر».

 

نقيب الأطباء: قلة الإمكانيات والتأهيل الأكاديمى الضعيف سبب الأخطاء

 

قال الدكتور محمد البنا، نقيب الأطباء بالمحافظة: «إن الخطأ موجود فى كل مهنة وفى كل مجال، لكن فى مهنة الطب لا يوجد ما يسمى بنسبة لـ«الخطأ» مسموح بها.

وأضاف: نحن لا نحاسب الطبيب على نتيجة العملية وإنما على الخطوات التى اتخذها قبل إجراء العملية، لأن أى طبيب لا تتوافر بداخله نية العلاج الخطأ أو القتل العمد فى حالة وفاة المريض، لكن هناك خطوات يجب توافرها قبل إجراء العملية الجراحية، أولها أن يلتزم كل طبيب بمجال تخصصه وألا يجرى طبيب عيون عملية فى القلب المفتوح مثلاً لمجرد درايته ببعض الأشياء من خلال دراسته أو قراءاته للكتب.

وأضاف: ثانى الشروط الواجب توافرها هو تهيئة غرفة العمليات التى يجب أن تكون مستوفاة لجميع الشروط وتكون نظيفة ومعقمة، وأن يتم الاطلاع على جميع التحاليل والاشعة المطلوب إجراؤها قبل العملية حتى لا تسبب أى مضاعفات للمريض، الاحتياطات اللازمة من توافر أدوات ومعدات تستخدم فى الجراحة، كل هذه الاشتراطات هى ما نحاسب عليه الطبيب فى حالة وجود مضاعفات حدثت لأى مريض.

وأوضح «البنا» أن أى طبيب يثبت خطؤه تتم محاسبته 4 مرات، من خلال دعوى جنائية ويصدر ضده حكم قضائى، ثم يحاكم مدنياً بفرض غرامة مالية عليه، ثم يعاقب إدارياً بعقوبة تبدأ من الخصم الإدارى بـ15 يوماً وتصل للفصل النهائى، ويلقى عقاب من النقابة يصل إلى حد منعه من مزاولة المهنة، لافتاً إلى أن النقابة العامة تلقت 700 شكوى على مستوى الجمهورية، وتمت إحالة 20 حالة فقط إلى لجنة التأديب ونتج عنه وقف حالتين فقط عن العمل خلال السنة الماضية، مما يعنى أن نسبة الخطأ ضعيفة وهناك حالات تحتاج للتدخل السريع ونسبة نجاح الإجراء قد تكون ضعيفة خاصة فى الحالات التى تتطلب سرعة إنقاذ المريض وهنا لا يمكن محاسبة الطبيب فى حالة وفاته مثلاً أو إحداث أى مضاعفات له. وأرجع «البنا» حدوث الأخطاء، إلى تخرج دفعات فى كلية الطب غير مؤهلين بشكل كامل وذلك لكثرة أعداد الطلاب وعدم استيعابها للمواد الدراسية وقلة الإمكانات المتوفرة التى تجعله لا يحصل على التأهيل الكافى فى ظل عدم جاهزية المستشفيات كما يجب.

 

مدير «الشاطبى للأطفال»: الإهمال جزء من المهنة.. والأهالى «مش فاهمين دور الطبيب»

 

قال الدكتور أسامة أبوالسعود، مدير مستشفى الشاطبى للأطفال: «إن الإهمال جزء من أى مهنة وأى مجال، لكن الأهم أن نكون مدركين وحذرين من طبيعة الإهمال ومدى خطورته خاصة فى مجال الطب، وأن نعرف هل الخطأ مقصود أم لا حتى تتم محاسبة المهمل على إهماله.

وحول حالة الطفلة «ندى»، التى أشارت إليها الجريدة فى عددها أمس، التى كتب لها طبيب المستشفى على الخروج بدعوى أن حالتها استقرت وأنه لم يعد هناك حاجة لوجودها فى المستشفى، فخرجت بناء على تعليمات الطبيب، لكن تعرضت لمضاعفات شديدة أدت لوفاتها، قال «أبو السعود»: «ندى أجريت لها عملية جراحية لتعرضها لانسداد فى الأمعاء، واستقرت حالتها تماماً بعد إجراء العملية، وكتب لها الدكتور على خروج، وأن تستكمل العلاج فى منزلها، إلا أنها عادت بعد أن ساءت حالتها، مرجعاً تدهورها إلى عدم حصولها على العلاج المناسب، الأمر الذى جعل إنقاذها مستحيلاً حتى فقدت حياتها».

ولفت إلى أن كتابة تقارير الخروج، تكون تحت إشراف طبيب الوحدة، وأن استدعاء النيابة للطبيب، لسؤاله عما إذا كانت حالتها قد استقرت أم لا، وأن أى دكتور لا يمكنه التصريح بخروج مريضة قبل التأكد من شفائها، مشيراً، إلى أن المستشفى ينتظر إتمام شفاء مرضاه، حتى تسمح بدخول حالات لا تجد فرصة فى العلاج، وأنه قد يكتب الخروج لبعض المرضى للحفاظ على الباقى، خاصة من أصحاب المناعة الضعيفة من العدوى، على أن يتلقى علاجه بالمنزل ويعود لسابق عهده.

وقال الدكتور ماجد عيسى، مدير عام المستشفى: الإهمال موجود فى كل مكان، وطالما وجد البشر تواجدت الأخطاء. وشدد على ضرورة محاسبة المخطئ. وعن حالة «ندى» قال: الأهالى مش فاهمين دور الطب والطبيب، وكل ما يفكرون فيه أن يخرجوا بذويهم سالمين ومعافين مهما كانت حالة مرضاهم. وأرجع خروج المريضة إلى تعطل أجهزة التنفس مثلاً أو لأن الحالة تحتاج لأشعة معينة غير متوفرة فى المستشفى، لكن الأهالى لا يقدرون ذلك وعليهم أن يقدروا هذا الدور، مؤكداً أن النيابة هى الفيصل الأساسى والرئيسى فى كشف حالات الإهمال، من خلال لجنة محايدة. وتابع: هناك خطوات لابد من اتباعها فى حالة كل مريض بداية من معرفة المرض وتشخيصه، مروراً بمرحلة العلاج، وصولاً بالمراحل الأخيرة.

 

عميد «الحقوق»: «مجاملات الخبراء» تتسبب

فى ضياع حق «الغلابة».. والعقاب الرادع هو الحل

 

قال الدكتور أحمد هندى، عميد كلية الحقوق: «إن الإهمال الطبى تزايد بكثرة فى الآونة الأخيرة وتعددت مشاكله، وحينما يخطئ الطبيب لابد أن يستعين بخبراء، إلا أن هؤلاء الخبراء يقدمون مجاملات لا حصر لها بحيث تساعد الطبيب المخطئ على نيل أقل عقاب ممكن، وفى معظم الأحيان لا يتعرض الأطباء لأى عقاب، مما يتسبب فى ضياع حق الغلابة». وشدد «هندى» على ضرورة فرض الجزاء القانونى على كل طبيب يخطئ فى عمله وعلى قدر الخطأ يكون الحساب، على أن يكون العقاب رادعاً، خاصة فى الإهمال الذى ينتج عنه وفاة المرضى، حيث زادت نسب الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبى سواء فى وصف العلاج أو أثناء إجراء العمليات الجراحية.

وطالب بتوفير لجنة طبية محايدة لمراعاة وحماية حقوق الإنسان، حيث أبدى عدم رضائه عن العقوبات التى يحصل عليها المخطئون من الأطباء، وقال إن معظم الأحكام تكون فنية ومعظمها تكون أحكاماً هينة لصعوبة إثبات الخطأ، فى الوقت الذى أعلن فيه تضامنه. وأقر بوجود نسبة خطأ فى الطب، على أن يكون فى حدود المعيار العادى والمسموح به، بحيث لا يؤثر على حياة الناس.

وأرجع «هندى» تعدد الأخطاء وكثرتها إلى عدم حصول الخريجين على القدر الكافى من التدريب، مما يجعلهم «يجربون فى الناس» لاكتساب الخبرة. ولفت إلى أن الكلية أنشأت ما يسمى «العيادة القانونية للدفاع عن مصالح الناس»، وأنها تتقبل مثل هذه الحالات.

 

مدير «سموحة الطبى»: وفاة «ثريا» نتيجة «جلطة مفاجئة».. والإهمال الطبى برىء منها

 

حالة السيدة «ثريا» صاحبة الـ25 سنة، التى تم عرض حالتها بالأمس، وكانت قد دخلت المركز الطبى بسموحة، لوضع المولود الأول لها، لكنها فقدت حياتها، قال عنها الدكتور شيرين تكية، المدير المناوب بالمركز الطبى بسموحة، إن هذه الحالة بالتحديد تعد حالة خاصة، وأجراها طبيب من خارج المركز، فى الوقت الذى أشار فيه إلى أنها لم تكن حالة إهمال طبى، وأن وفاة السيدة جاءت نتيجة خطأ أو ما شابه ذلك، وأنها توفيت لتعرضها لجلطة مفاجئة فى القلب توفيت على أثرها، مما يعنى أن الطبيب غير مسؤول عن وفاتها وهو ما أقرته التحقيقات حيث تم حفظ المحضر. وقال الدكتور «شيرين»: الإهمال الطبى كلمة كبيرة، ولا يقتصر على طبيب بعينه، وإنما هناك عوامل كثيرة متداخلة، منها عنصر التمريض، وطبيب التخدير والغرفة المجهزة داخل المستشفى، التى لابد أن تكون مستوفية الشروط كافة، مشيراً إلى أن الإهمال يبدأ لحظة دخول المريض إلى المستشفى حيث طريقة وجودة التعامل مع المريض واستقباله وعمل الأبحاث اللازمة لعلاجه، وعمل التحاليل والفحوصات اللازمة واتخاذ الاحتياطات لمنع العدوى، ثم مرحلة دخول غرفة العمليات وضرورة ضمان نظافة الغرفة والتعقيمات المطلوبة، لافتاً إلى وجود خطوات تلى العملية أثناء عودة الطبيب إلى العنبر المقيم به، وأن يتولى قسم التمريض رعايته بشرط أن يكون تمريضاً مؤهلاً قادراً على حل المشكلات أو أى خلل يطرأ على المريض.

ولفت إلى التعامل مع أى شكاوى يتلقاها المستشفى والتحقيق فيها، وفقاً لنصوص القانون من تنظيم العمل داخل المستشفيات والمراكز الطبية، مشدداً على ضرورة أن تقوم جميع المستشفيات بالتدريب المستمر والتأهيل لاستيعاب كل ما هو جديد فى مجال الطب، واصفاً مهنة الطب وطرق علاجها بـ«المتغيرة» نظراً لوجود اكتشافات جديدة على جميع الأطباء أن يكونوا ملمين بها.