«فودة» يعلق «آخر كلام» ويحذر: هناك ضغوط على المؤمنين بالثورة للإبقاء على جوهر النظام

كتب: اخبار الجمعة 21-10-2011 14:33

أعلن الإعلامي يسري فودة، الجمعة، تعليق برنامجه «آخر كلام»، الذي كان يذاع على قناة «ON Tv»، لأجل غير مسمى.

وكان «فودة» قد اعتذر عن آخر حلقاته، مساء الخميس، التي كانت مخصصة في قسم منها للتعليق على حوار مع عضوين من المجلس العسكري  بثته قناتا «Dream 2» و«التحرير»، مساء الأربعاء.

وحذر «فودة» من أن «جانباً كبيراً من عقلية ما قبل الثورة لا يزال مفروضاً علينا بصورته التي كانت، إن لم يكن بصورة أسوء»، كما شدد على أن «ثمة محاولات حثيثة للحفاظ على جوهر النظام» السابق، مشدداً في الوقت نفسه على أن هذه المحاولات «اتخذت طرقاً مختلفة.. عمدت في الفترة الأخيرة إلى وضع ضغوط مباشرة وغير مباشرة على من لا يزالون يؤمنون بالأهداف النبيلة للثورة ويحاولون احترام الناس و احترام أنفسهم، وذلك بهدف إجبارهم على التطوع بفرض رقابة ذاتية فيما لا يصح كتمه أو تجميله».

ونشر «فودة» البيان على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وفيما يلي نص البيان:

ثلاثة أشياء أحاول دائماً أن تبقى نصب عيني: ضميري أمام الله و واجبي تجاه الوطن و حرصي على قيم المهنة. هذه كلها الآن تدفعني إلى إصدار أول بيان في حياتي لمن يهمه الأمر بعد مسيرة صحفية تقترب اليوم من نحو عشرين عاماً، تقديراً لمن شرفوني بثقتهم واحتراماً للذات.

تتخذ التسعة أشهور الأخيرة من هذه المسيرة موقع القلب بعد ثورة وسيمة في بلادنا. يشعر كثير منا أنه لا يراد لها أن تبقى وسيمة، و ليس سراً أن جانباً كبيراً من عقلية ما قبل الثورة لا يزال مفروضاً علينا بصورته التي كانت، إن لم يكن بصورة أسوأ. ولأنه ليس من أجل هذا يقدم الناس أرواحهم وأعينهم وأطرافهم فداءاً لحرية الوطن و كرامة العيش، فلابد لكل شريف من وقفة.

وقفتي كمواطن يخشى على وطنه لا حدود لها، لكن وقفتي اليوم كإعلامي تدعوني إلى رصد تدهور ملحوظ في حرية الإعلام المهني في مقابل تهاون ملحوظ مع الإسفاف «الإعلامي». هذا التدهور وذلك التهاون نابعان من اعتقاد من بيده الأمر أن الإعلام يمكن أن ينفي واقعاً موجوداً أو أن يخلق واقعاً لا وجود له. تلك هي المشكلة الرئيسية وذلك هو السياق الأوسع الذي لا أريد أن أكون جزءاً منه.

ورغم إدراكي حقيقة أن جميع الأطراف في مصر الثورة كانت، ولا تزال تمر بمرحلة ثرية من التعلم تغمرنا بالتفاؤل في أحيان، وتصيبنا بالإحباط، في أحيان أخرى، فإن حقيقة أخرى ازداد وضوحها تدريجياً على مدى الشهور القليلة الماضية تجعلنا نشعر بأن ثمة محاولات حثيثة للإبقاء على جوهر النظام، الذي خرج الناس لإسقاطه، بعد أن ملأ الأرض فساداً وفجوراً وعمالة. وقد اتخذت هذه المحاولات طرقاً مختلفة، بعضها موروث و بعضها الآخر مبتكر، وإن كانت جميعاً عمدت في الفترة الأخيرة إلى وضع ضغوط، مباشرة و غير مباشرة، على من لا يزالون يؤمنون بالأهداف النبيلة للثورة و يحاولون احترام الناس و احترام أنفسهم، وذلك بهدف إجبارهم على التطوع بفرض رقابة ذاتية فيما لا يصح كتمه أو تجميله.

لقد كنت وسأبقى دائماً، فخوراً بقناة «أون تي في» و بما قدمه شبابها في أصعب الظروف، مثلما كنت وسأبقى دائماً، فخوراً بكل صوت مصري حر جريئ لا يخشى في الحق لومة لائم أينما كان، و مصر مليئة بالأحرار. و رغم أنني لا أجد في نفسي ما يدعوني إلى البحث عن طريق آخر، فإنني أجد في نفسي أسباباً كثيرة تدعوني إلى تعليق برنامج «آخر كلام» إلى أجل غير مسمى. هذه طريقتي في فرض الرقابة الذاتية: أن أقول خيراً أو أن أصمت.

وهذه صرخة من القلب دافعها حب الوطن و مبتغاها وجه الله، وبين الدافع و المبتغى إيمان عميق بأن مصر تستحق أفضل من هذا بكثير.

يسري فودة

القاهرة - 21 أكتوبر 2011