تلطخت أيديهم في الدماء.. زعماء لا يمثلون سلام نوبل (صور)

كتب: رويترز, إسراء محمد علي الخميس 28-09-2017 11:48

أصبحت زعيمة ميانمار أونج سان سو كي أحدث الواقفين في طابور طويل من الحائزين على جائزة نوبل للسلام الذين خيبوا آمال كثيرين ممن هللوا لفوزهم بها ولن تكون الأخيرة على الأرجح.

وفي ذلك عظة للفائز بالجائزة لعام 2017 الذي سيعلن اسمه الأسبوع المقبل.

تواجه سو كي انتقادات دولية بعضها من القس ديزموند توتو الحائز على الجائزة لعدم التحرك بما يكفي لوقف ما تقول الأمم المتحدة إنه عمليات قتل جماعية واغتصاب وحرق للقرى في ولاية راخين. وقد أجبر هذا العنف ما يقرب من نصف مليون فرد من الروهينجا المسلمين على الفرار إلى بنجلاديش.

شتان ما بين ذلك والوضع عام 1991 عندما منحتها لجنة نوبل النرويجية الجائزة وأشادت «بنضالها السلمي في سبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان»، ولا يمكن سحب الجائزة بعد تسليمها للفائز.

من بين من وجهوا انتقاداتهم لسو كي القس توتو الذي كتب يقول في رسالة بتاريخ السابع من سبتمبر لمن أسماها «شقيقتي الصغرى الحبيبة» إنه «إذا كان الثمن السياسي لصعودك إلى أعلى منصب في ميانمار هو صمتك فالثمن بكل تأكيد باهظ جدا».

وفي 19 سبتمبر نددت سو كي بانتهاكات حقوق الإنسان في ولاية راخين وقالت إن مرتكبيها سيعاقبون. ورغم أن الدبلوماسيين الغربيين ومسؤولي الإغاثة رحبوا بنبرة رسالتها فقد أبدى البعض تشككه في أن تبذل سو كي من الجهد ما يكفي لدرء الانتقادات العالمية.

وقال دان سميث مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام إن سو كي ربما تكون قد ألحقت الأذى بالروهينجا.

وأضاف «لها هالة» وربما تكون مكانتها الدولية العالية «غطت على الفظاعة الحقيقية» للانتهاكات بحق الروهينجا على مدى سنوات عديدة.

وقال البروفسور جير لوندستاد الذي كان أمينا للجنة نوبل النرويجية في الفترة من 1990 إلى 2014 «حدث مرات عديدة من قبل أن تعرض الحائزون على الجائزة للانتقاد».

وأوضح أن الجائزة لا تزال قوة دافعة في سبيل الخير حتى إذا تخلى بعض الفائزين فيما بعد عن مُثلها.

وأضاف «أونج سان سو كي كانت ناطقة في غاية الأهمية باسم حقوق الإنسان في بورما وفي جانب كبير من آسيا. ولا يمكنك أن تنزع هذه (الصفة) عنها».

أسس جوائز نوبل ألفريد نوبل مخترع الديناميت الذي حقق جانبا من ثروته من صنع السلاح وبيعه. وستعلن جائزة نوبل للسلام التي تبلغ قيمتها تسعة ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار) في السادس من أكتوبر ومن الممكن أن يحصل عليها فرد واحد أو أكثر أو منظمة أو أكثر.

وقد شن بعض الحاصلين على الجائزة حروبا أو أججوا نيرانها بعد الفوز بها.

فقد أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن بغزو لبنان عام 1982 بعد أربع سنوات من اقتسام الجائزة مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بفضل اتفاق كامب ديفيد للسلام. واغتال ضابط إسلامي بالجيش المصري السادات عام 1981.

واقتسم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات جائزة عام 1994 مع الزعيمين الإسرائيليين اسحق رابين وشمعون بيريس عن اتفاقات أوسلو التي لم تؤد إلى تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.

واغتيل رابين على يدي يميني متطرف من القوميين اليهود عام 1995 وخرج بيريس من منصبه في انتخابات جرت بعد ذلك بثمانية أشهر. وقاد عرفات فيما بعد الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية على الاحتلال الإسرائيلي التي كان العنف سمة أساسية فيها.

وأرسل الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، الفائز بجائزة 1990 عن دوره في وضع نهاية سلمية للحرب الباردة، دباباته عام 1991 لمحاولة منع استقلال دول البلطيق رغم أنه سمح فيما بعد باستقلالها.

واقتسم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر جائزة 1973 مع زعيم فيتنام الشمالية لو دوك ثو عن محاولة، ثبت فشلها فيما بعد، لإنهاء الحرب الفيتنامية. ورفض ثو الجائزة ليصبح حتى الآن الفائز الوحيد الذي رفض تسلمها.

وقد انتهت الحرب عام 1975 بسقوط سايجون في أيدي قوات فيتنام الشمالية.

وعندما فاز الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالجائزة عام 2009 بعد شهور فحسب من توليه منصبه أبدى هو نفسه دهشته. وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى أوسلو لتسلم الجائزة في نهاية العام كان قد أمر برفع عدد القوات الأمريكية في أفغانستان لثلاثة أمثالها.

وقال في خطابه «سأكون مقصرا إذا لم أعترف بالجدل البالغ الذي ولده قراركم الكريم. فأنا مسؤول عن نشر آلاف من الشباب الأمريكيين للقتال في أرض بعيدة. بعضهم سيقتل والبعض الآخر سيُقتل. ولذا فأنا موجود هنا ولدي إحساس شديد بثمن الصراع المسلح».

كانت سو كي من القلة النادرة، مثل نيلسون مانديلا، التي ارتقت من مرتبة السجين السياسي إلى الزعيم الوطني. وقد تنحى مانديلا بعد خمس سنوات من منصبه كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا دون أن تتأثر سمعته بشيء إلى حد كبير. غير أن بعض حلفائه في حركة التحرير في عهد الفصل العنصري واجهوا فضائح في مناصبهم.

حتى من أحاطت بهم صفة القداسة يواجهون الانتقادات. فالأم تيريزا الحائزة على جائزة 1979 والتي طوبها البابا فرنسيس العام الماضي انتقدتها نشرة لانسيت الطبية البريطانية عام 1994 لأنها لم تعلن للمرضى المحتضرين في دار لإقامة المرضى في كلكتا عن تشخيص حالتهم ولم تقدم لهم مسكنات قوية.

كما تعرض قرار منح الجائزة للاتحاد الأوروبي عام 2012 لانتقادات في ذلك الحين. إذ كانت بروكسل تفرض حينذاك شروطا مالية قاسية على اليونان قال كثير من الاقتصاديين إنها كانت سببا في قطع الأرزاق. كما انتقد توتو الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه منظمة تستخدم القوة العسكرية.

وقال آسلي سفين أحد مؤرخي جائزة نوبل للسلام إن احتمالات الشعور بخيبة الأمل تنشأ من اختيار اللجنة للفائزين لما يمثلونه من أمل أو لإنجاز حققوه مؤخرا لا عن مجمل إنجازاتهم.

وأضاف «هذا هو ما يجعل جائزة نوبل للسلام مختلفة عن كل جوائز السلام الأخرى. وإلا فإنك ستمنح الجائزة لمسنين طاعنين في السن قبيل وفاتهم بقليل».

ومن المرشحين للفوز بالجائزة أطراف شاركت في إبرام اتفاق إيران النووي لعام 2015 مثل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي حينذاك.

وبمقتضى هذا الاتفاق وافقت طهران على تقييد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.

وتعرض هذا الاتفاق لانتقادات المتشددين في طهران وواشنطن على السواء. ووصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه مصدر حرج للولايات المتحدة في كلمة أمام الأمم المتحدة هذا الشهر وأشار إلى احتمال أن تتبرأ الولايات المتحدة منه.

ويقول خبراء في الجائزة إن الاتفاق يمثل بالضبط الانفراج في مواقف الخصوم الذي تميل اللجنة لتكريمه.

وقال هنريك أوردال مدير معهد أوسلو لبحوث السلام «هذه أول مرة يشهد فيها بلد يخضع للفصل السابع (من ميثاق الأمم المتحدة) تسوية وضعه سلميا» في إشارة إلى أن مجلس الأمن لم يعد يعتبر برنامج إيران النووي مصدر خطر.

ومن المرشحين الآخرين البابا فرنسيس وفريق «الخوذ البيضاء» السوري ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين ورئيسها فيليبو جراندي. وسبق أن فازت المفوضية بالجائزة مرتين.

وكانت جائزة العام الماضي من نصيب الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس عن جهوده لإنهاء حرب مستمرة منذ نصف قرن سقط فيها ربع مليون قتيل.