يَحكي عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، في مذكراته «كِتَابِيَهْ» الصادرة عن «دار الشروق» قبل نحو أسبوع، عن لقائه الأول بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حينما كان وزيراً الخارجية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
في نظر القذافي، كان موسى مجرد «مبعوث أمريكاني لمصر»، لأنه كان قادماً من نيويورك، حيث يمثل مصر أمام الأمم المتحدة. وفق الوزير المصري، فإن الرئيس الليبي كان يعتقد أن نيويورك هي عاصمة أمريكا.
عد فترة من تعيينه وزيراً للخارجية، التقى موسى، بالقذافي في طرابلس، لقاء وصفه بأنه كان غاية في الطرافة: «جاء الدور على ليبيا في سلسلة الزيارات الخارجية التي قمت بها فور تعيينى وزيرا للخارجية. توجهت إلى طرابلس. أوصلونى إلى خيمته. جلست أمامه، لكننى فوجئت به ينظر إلى السماء، ويتجنب النظر إلى؛ لأننى كنت وقتها في نظره أمريكانياً أو ربما عميلا. بالطبع مثل هذه الحركات لم يكن واردا أن آخذها بجدية أو أن اهتم بما تعنيه. كان قرارى ألا أفتح معه موضوع اتهاماته لي. رأيت أنه لا يجب ولا يليق أبدا أن أضع نفسى في موضع الدفاع أو موضع التبرير».
وفق «موسى»، ظل القذافي طيلة الجلسة ينظر يمينا ويسارا إلى السماء، ينطق بكلمتين ثم يسكت، كان من السهل جدا على أن أجذب انتباهه. حدثته عن كتاب جديد كان صادرا للتو يتحدث عن البحر المتوسط وحلف شمال الأطلنطى (ناتو) والقوة الأوروبية، فاهتم جدا بمعرفة التفاصيل الموجودة في الكتاب، الذي لم يكن قد سمع بصدوره من قبل. أخيرا بدأ ينظر في اتجاهى. وقد داعبته بأن بدأت أتكلم وأنا أنظر إلى السقف، ولا أرى إن كان قد فهم الرسالة أم لا.
وأضاف: «بعد أن ظهرت توجهاتي ومواقفي في الأطر العديدة للدبلوماسية العربية والدولية قال القذافى: (كنت متحفظا إزاء عمرو موسى؛ لاعتقادى أنه أمريكانى، لكننى أدركت كم كنا مخطئين؛ لأن التجربة أثبتت أن موسى رجل وطنى صميم). بعد نحو سنة وجدته يرسل لى بدون مناسبة ساعة، وكانت هي ساعة اليد، التي احتفظ بها ولم يهدها إلى في زيارته للقاهرة، باعتبار أنه اكتشف أننى عربي لا أمريكى».