«الإفتاء» ترد على زواج المسلمة من غير المسلم: «القضية قضية مبدأ»

كتب: بسام رمضان الجمعة 15-09-2017 18:52

أعادت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها على «الإنترنت»، ردها على تحرير زواج المسلمة من غير المسلم، وذلك بالتزامن مع إلغاء تونس للحظر على زواج التونسيات من غير المسلمين.

وقالت الدار ردًا على سؤال أحد القراء: هل يوجد دليل في القرآن على تحريم زواج المسلمة من كتابي؟: «نعم، ورد ذلك في قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة: 5]، وإنما قال: ﴿وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾، أي: يحل لكم أن تطعموهم من طعامكم؛ للتنبيه على أن الحكم في الذبائح مختلف عن المناكحة؛ فإن إباحة الذبائح حاصلة في الجانبين، بخلاف إباحة المناكحات فإنها في جانب واحد؛ هو حِلُّ زواج المسلم من الكتابية، بخلاف العكس؛ فلا يحل للكتابي أن يتزوج بمسلمة.

وتابعت: «العلة الأساس في هذه المسألة تعبدية؛ بمعنى عدم معقولية المعنى، وذلك في كل الشرائع السماوية، فإن تجلّى بعد ذلك شيءٌ من أسباب هذا التحريم فهي حِكَمٌ لا عِلَل. فالأصل في الزواج أنه أمرٌ لاهوتيٌّ وسرٌّ مقدس، وصفه ربنا تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ؛ فقال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]».

وأردفت الدار: «قد تكلم الفقهاء في الحكمة من هذا التحريم فقالوا: إنه لو جاز ذلك لكان للزوج غير المسلم ولاية شرعية على الزوجة المسلمة، والله تعالى لم يجعل لغير المسلمين على المؤمنين سبيلًا شرعيًّا، بخلاف إباحة الطعام من الجانبين فإنها لا تستلزم محظورًا».

وذكرت: «وقالوا: إن المسلم إذا تزوج من مسيحية أو يهودية فإنه مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له -من وجهة النظر الإسلامية- أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد، وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفي ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار، أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام ولا يعترف به؛ لأن الإيمان به والاعتراف بصحة ما جاء به يعني ضرورة اتباعه، وحينئذٍ لا مناص له من أن يكون مسلمًا، بل إنه بعدم اتباعه للإسلام يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق -في العادة- كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع».

واستطرد: «حتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها، وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة، فالقضية قضية مبدأ، وقد كان الإسلام منطقيًّا مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم، فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أديانًا بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة -بعيدًا عن المجاملات- يكون مفقودًا، وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية، ولا يحقق المودة والرحمة المطلوبة في العلاقة الزوجية، والله سبحانه وتعالى أعلم».