الاتحاد البرلمانى الدولى: «المصرى اليوم» شاهد أمين على أسباب الثورة المصرية

كتب: نشوي الحوفي الثلاثاء 18-10-2011 18:18

«تولى مجدى الجلاد رئاسة تحرير (المصرى اليوم) فى يناير 2005 فى توقيت ظنت فيه الحكومة المصرية آنذاك أنه يمكن السماح للجرائد الخاصة بالصدور لإضفاء لمحة من الديمقراطية على شكل الدولة وحرية التعبير فيها.

عايش الجلاد بداية نهاية النظام السابق، ونقل بدقة وموضوعية الأسباب التى أدت لنهايته، وضرب أجراس إنذار واضحة للنظام، محافظاً فى الوقت نفسه على وسطية الرأى، وشرف المهنة، لتتحول (المصرى اليوم) فى بدايات 2006 إلى مرجعية صادقة للخبر، ومرجعية للرأى، فى توازن كلف الجريدة ورئيس تحريرها شخصياً ضغوطاً لم تكن تتحملها جرائد مماثلة، أو صحفيون يحاولون الحفاظ على شرف وآداب المهنة، واحترام القارئ المصرى أولاً، واحترام سلامة المادة التى يقدمونها له ولعل من السهل ومن الصدق القول إن (المصرى اليوم) شاهد أمين على أسباب هذه الثورة، وما جرى فيها، وما يجرى الآن، ولعل من يملك تجربة المعايشة الحقيقية فى تلك الأحداث، يمكن أن يملك رؤية ما قد تؤول إليه هذه الأحداث»، بتلك الكلمات قدم صابر حسنين، رئيس وفد بنجلاديش، رئيس جلسة الجمعية العامة بالاتحاد البرلمانى الدولى مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم».

دعا مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، حكومات دول المنطقة، لوقف العنف واحترام حقوق الإنسان ودعم شعوبها فى مطالباتها بالديمقراطية، وسعيها للحكم الذاتى والاستقلال.


ولخص الجلاد فى كلمته، أمس، أمام عدد كبير من وفود برلمانات العالم، حضروا جلسة الجمعية العامة للاتحاد البرلمانى الدولى وضع العالم العربى بوجه عام، ومصر بوجه خاص قبل اندلاع الثورات العربية منذ ديسمبر الماضى، موضحاً أن الربيع العربى بدأ وفى جوفه حلم كبير، لكن الطريق لايزال طويلاً، والتحديات لاتزال بحجم الماضى المظلم، والماضى لايزال يسعى إلى اختطاف المستقبل.


وأكد «الجلاد» أن الشعب المصرى لم يعرف نموذج الحكم الرشيد لأن الديمقراطية كانت مصطلحاً للخداع والتضليل، ولأن النظام الحاكم كان راعياً للفساد، والمشاركة السياسية وتمثيل الشعب والمحاسبة والمراقبة لأداء الحكومة لم تكن سوى سلعة لتجميل وجه النظام أمام العالم وكان هذا نص الكلمة:


السيدات والسادة:


إنه لشرف كبير لى أن أجلس بينكم اليوم، وأن أحمل إليكم طموح 85 مليون مصرى فى حياة أفضل.. حياة تظللها مبادئ السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان.. وأعبر عن تقديرى بالحضور اليوم فى دورة يغيب فيها وفد بلادى ولا تغيب فيها مصر فهى حاضرة فى حديثنا اليوم. واسمحوا لى أن أبدأ من حيث ما انتهيتم أنتم فى القرار ذى الصلة فى الدورة 124 ببنما فى أبريل 2011، والذى عكس أهم ما نحتاجه بالفعل فى المرحلة الحالية وبخاصة فى فقرته الثالثة التى تدعا كل دول المنطقة لوقف العنف واحترام حقوق الانسان ودعم شعوبها فى مطالباتها بالديمقراطية، وكذلك الفقرة الرابعة الخاصة بدعوة الحكومات بالمنطقة لاحترام سعى الشعوب للحكم الذاتى والاستقلال.


السيدات والسادة:


بدأ الربيع العربى وفى جوفه حلم كبير.. ولكن الطريق لايزال طويلاً.. التحديات بحجم الماضى المظلم، والماضى لايزال يسعى إلى اختطاف المستقبل.. فأين نحن من الحكم الرشيد؟!.. سؤال تحاول الأنظمة العربية الحاكمة مصادرته مثلما صادرت كل الأصوات الداعية للحرية والكرامة.. لم يعرف الشعب المصرى هذا النموذج، لأن الديمقراطية كانت مصطلحاً للخداع والتضليل.. لم نعرف الحكم الرشيد لأن النظام الحاكم كان راعياً للفساد، فكيف يضع إطاراً مؤسسياً لمكافحته؟!.. لم تكن المشاركة السياسية وتمثيل الشعب والمحاسبة والمراقبة لأداء الحكومة سوى سلعة لتجميل وجه النظام أمام العالم.


كانت حقوق الإنسان دائماً رهينة فى يد الحاكم، فأهدر كرامة المواطن، وساد التمييز بين الأفراد.. وبات القانون الخاص لرموز الفساد أقوى من قوانين الدولة، فغابت العدالة والمساواة أمام القانون، وبينما تعد مؤسسات المجتمع المدنى أهم عناصر الحكم الرشيد، تنظر إليها الأنظمة العربية قاطبة باعتبارها من كماليات حكم الفرد، لأن كل مقاليد الدولة تقبض عليها إرادة مركزية تدور فى فلك الحاكم.


السيدات والسادة:


وصل الوضع السياسى فى مصر قبل ثورة 25 يناير 2011 إلى حالة انسداد تام.. احتكار كامل للسلطة وتوغل غير مسبوق لأجهزة الأمن وإقصاء متعمد للمعارضة.. كان قانون الطوارئ يقيد كل نشاط سياسى غير حكومى، فضاقت السبل أمام تنظيم المظاهرات السلمية والمؤتمرات السياسية، وبموجب هذا القانون الاستثنائى تم احتجاز حوالى 17 ألف شخص دون محاكمات، ووصل عدد السجناء السياسيين إلى أكثر من 25 ألف مواطن، وكانت قسوة الشرطة والممارسات القمعية من الأسباب المباشرة لاندلاع الثورة، فعانى المواطن المصرى الكثير من الظلم وانتهاك حقوقه الإنسانية، سواء فى طريقة إلقاء القبض أو التعذيب فى أقسام الشرطة والسجون.


كان الفساد دولة داخل الدولة، ورغم تحقق معدلات نمو متزايدة خلال السنوات الأخيرة، فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ازدادت سوءاً، إذ التهم الفساد ثمار النمو، وذهبت الأموال إلى خزائن حفنة من رجال الأعمال وأعضاء الحزب الحاكم.


غير أن المناخ السياسى وصل إلى أقصى درجات التردى فى انتخابات مجلس الشعب «الغرفة الرئيسية للبرلمان» لعام 2010، حيث مارس الحزب الوطنى الحاكم تزويراً فاضحاً ليحصل على 97٪ من مقاعد المجلس ويستبعد المعارضة بجميع أطيافها السياسية، مما أصاب المواطنين بالإحباط، لاسيما أن النظام الحاكم أصر على إبعاد القضاء عن الإشراف على الانتخابات.


السيدات والسادة:


لقد عاشت مصر 30 عاماً كاملة فى قبضة «حسنى مبارك»، غير أنها منذ عام 2002 وعلى مدى 9 سنوات عاشت تحت تهديد «شبح التوريث».. فمع ظهور جمال مبارك، الابن الأصغر للرئيس السابق، فى الحزب الحاكم، وتوليه منصب الأمين العام المساعد، أمين السياسات فى الحزب، بات مؤكداً أن «جمال» سيخلف والده فى رئاسة الجمهورية، وظلت كلمة «التوريث» تراوح بين الإدراك العام للشعب المصرى بأنها حتمية، وبين محاولات النظام الحاكم إنكارها حتى قامت الثورة.


فى ظل كل هذا، كان إحساس الشعب المصرى أكثر صدقاً من إعلام النظام الحاكم الذى ظل على مدى نصف قرن أو يزيد مروجاً للحاكم، ومسيطراً على الرأى العام.. كان الإعلام صناعة حكومية فقط، لكن شاء القدر أن يشهد مطلع الألفية الثالثة ظهور وسائل الإعلام الخاصة التى جاءت بدايتها تحت رعاية الدولة. ورغم تواضع البدايات، فإن الصحف والمحطات الفضائية الخاصة حققت نمواً ملحوظاً على حساب وسائل الإعلام الحكومية، وتدريجياً اكتسبت ثقة الرأى العام، واستحوذت على اهتمامات المواطن.. وبينما كان هدف النظام الحاكم من الإعلام الخاص إثبات حرية التعبير أمام الغرب، واستيعاب غضب الشارع، إلا أن هذا الإعلام نجح فى حشد الرأى العام تجاه قضايا الإصلاح والديمقراطية ومكافحة الفساد.


وفى غمرة المعركة بين النظام الحاكم ووسائل الإعلام الخاصة، كان طبيعياً أن يدفع القائمون على هذا الإعلام المستقل ثمناً باهظاً من الملاحقات القضائية وأحكام الحبس والغرامة، ومحاولات الإيذاء البدنى والنفسى، ووصل الأمر إلى التنكيل بالأصوات الحرة وإغلاق منافذ التعبير عن الرأى، وتدبير حملات فى الإعلام الحكومى لاغتيال رموز الإعلام الجديد معنوياً.


السيدات والسادة:


إذا كانت الاحتجاجات فى مختلف النظم السياسية الديمقراطية وغير الديمقراطية، إلا أنها تختلف فى الحالتين، ففى حالة الديمقراطية تؤدى إلى تطوير النظام. أما فى النظم الديكتاتورية فإنها تكرّس، وربما تعمّق، الأزمات، لأن النظام عادة ما يعجز عن الاستجابة لمطالب المحتجين، وكثيراً ما يعمل على التحايل عليها. وفى مصر.. كان ظهور «الحركة المصرية للتغيير – كفاية» التى عقدت مؤتمرها التأسيسى فى 22 سبتمبر 2004، بداية عصر الاحتجاج الجماهيرى واسع النطاق الذى يمثل ظاهرة جديدة على المجتمع المصرى بكل المقاييس.


لقد انطلق الفهم الأساسى لحركة «كفاية» من إدراك أن الفشل الذريع لأداء الدولة فى الوطن العربى، بشكل عام، وفى مصر على وجه الخصوص، وعجزها عن مواجهة التحديات والمخاطر المحيطة، داخليا وخارجيا، يعود فى المقام الأول إلى غياب الحريات الإنسانية الأساسية، وإلى القمع متعدد المستويات الذى تعرضت له الشعوب العربية بوجه عام. بشكل تسبب فى إنهاك تلك الشعوب وإحساسها بالعجز حتى عن مقاومة عمليات الاستغلال الداخلى أو الخارجى التى تكالبت عليها من كل اتجاه، مما أفقدها القدرة على مواكبة الحاضر والتخطيط للمستقبل.


وفيما بعد ظهر العديد من الكيانات السياسية المطالبة بحقوقها لتحقيق نفس الهدف وهو تعميق الممارسة الديمقراطية، والعمل على توسيع هامش العمل الشعبى المستقل، والتصدى للممارسات الرسمية المعادية للمصالح الجماهيرية، فى قطاعات فئوية محددة. فعلى سبيل المثال تشكلت «حركة استقلال الجامعة - 9 مارس» من مجموعة كبــيرة من الأكاديميين المرموقين فى شتى الجامعات المصرية. وحركة «عمّال من أجل التغيير» للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، ومواجهة الخطــط الحكومية التى تدمر المصالح العمالية، وحركة «شباب من أجل التغيير» للعمل وسط الشباب الذى ولد وعاش فى ظل حالة الطوارئ وأنفق عمره تحت وطأتها، وغيرها من الحركات، إلا أن قمة تلك الحركات كانت حركة «قضاة مصر»، تلك الفئة المؤثرة، تاريخيا، التى عكس تحركها حاجة المجتمع المصرى الماسة للعدل.


السيدات والسادة


يشهد العالم الآن محاولات قوية من شعوب تطالب بالحرية، فنحن على مشارف عالم جديد رضينا أم أبينا، عالم تتغير فيه النظم والأفكار القائمة لتسع نطاق الثورات، وتمتد خارطة التغيير بميدان التحرير فى القاهرة إلى وول استريت فى أمريكا، مرورا بمنطقتنا الملتهبة وما يحدث فيها. شعوب تنادى بحريتها فى عالمنا العربى، وأخرى تنادى بالعدالة والمساواة بالغرب، شعب يريد الحرية، وشعب يريد تغيير النظام، وثالث يريد ملكية مستقبله الديمقراطى.


السيدات والسادة


ندرك طبيعة المرحلة التى نمر بها وعناصرها الطبيعية، من تحركات وصراعات سياسية يسعى فيها كل تيار للتعبير عن ذاته والمطالبة بحقوقه وتحقيق مكاسب تضمن له المشاركة السياسية، ولذا فما ينشب من أحداث فى مصر بين الحين والآخر، ويشيع فى نفوس البعض القلق من المستقبل، ما هو إلا مرحلة مؤقتة تشبه لحد كبير مراحل توابع الزلازل، فالشعب الذى كسر نمط التفكير الذى رسمه العالم لمصر ومستقبلها السياسى قبل 25 يناير، قادر على العبور من تلك المرحلة بسلام، على الرغم من محاولات الردة التى يقودها البعض لهدم الثورة والتغيير بإذكاء روح الفوضى والفتنة الطائفية.


السيدات والسادة


إن وجودى بينكم اليوم إنما هو تكريم وتقدير لمئات الإعلاميين المصريين الذين حملوا على عاتقهم مهمة تهيئة الوضع والأجواء للثورة المصرية.. فقد أتيت من بين صفوفهم الحرة.. وإذا كانت صحيفة «المصرى اليوم» اليومية المستقلة فى طليعة الإعلام الخاص الذى أسهم فى وضع الحرية والديمقراطية على رأس أولويات الشعب المصرى، فإن انتصار الثورة فى الإطاحة بالنظام القمعى كفيل بتضميد جراح كل الأصوات التى حاول الاستبداد إسكاتها. ربما يكون مناسبا أن أتذكر وأنا بينكم الآن أن مئات الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرية والديمقراطية والكرامة يؤمنون تماماً أن المستقبل يستحق...


أشكركم وأتمنى لنا جميعاً عالما تسوده العدالة رغم صعوبة تحقيقها.


كانت الجلسة بدأت برئاسة صابر حسنين، رئيس وفد بنجلاديش، وتحدث فيها كل من مارتون جيونجيوس ممثلا لوفد المجر، وجاك موويمبو ممثلا عن وفد زامبيا، وتساءل رئيس الجلسة صابر حسنين عن معنى مصطلح «الربيع العربى» الذى لا يعلم أحد من أين بدأ أو انطلق، طالبا من الجميع توخى الحذر فى استعمال التعبير الذى صدرته آلة الإعلام العالمية. بعدها تحدث ممثل برلمان المجر مؤكداً أن عام 2011 كان عام التغييرات الملموسة فى العالم العربى والشرق الأوسط الذى حاول إعادة اكتساب احترام العالم عبر ثوراته التى بدأها من تونس وامتدت لبلدان أخرى، مطالبا فيها بالحرية والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن اللحظات الصعبة التى يعيشها بعض البلدان الآن طبيعية، وأنهم عاشوا نفس الصعوبات فى أوروبا الشرقية بعد اندلاع ثوراتهم.


ثم تحدث ممثل وفد زامبيا مؤكداً أن فساد أنظمة الحكم فى البلدان العربية وما نتج عنها من ثورات أعطى العالم دروسا هامة، مفادها أن الإصلاح الديمقراطى ضرورة ملحة للحكومات ترتبط بمستوى الخدمات، وأن الشعوب بحاجة ماسة للحريات، وأن الديمقراطية هى الضامن الأول لها وبعدها ألقى رئيس التحرير كلمته.