كانت إليزابيث تيلور بعد قيامها بدور كليوباترا قبل حوالى أربعين عاماً- قد رغبت فى أداء دور نفرتيتى مع زوجها ريتشارد بيرتون ليقوم بدور أخناتون، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على السيناريو المناسب لهذا العمل، ومن المدهش أن شخصية نفرتيتى وما أحاط بحياتها من دراما إنسانية غنية ظلت تمثل إغواء للسينمائيين العالميين حتى قام باحث المصريات المقيم فى لندن أحمد عثمان بإحياء هذا الحلم إذ كتب للسينما قصة نفرتيتى وأخناتون والتى استخلصها من أحد كتبه فى المصريات، واستقر الأمرعلى أن يقوم المخرج البريطانى (هيو هادسون) بإخراجه وهو مخرج مهم من أهم أفلامه (شارلوت أول فاير).
ثم قام المخرج مع الباحث أحمد عثمان بالبحث عن منتج للفيلم فى عام 2006 إلى أن أبدت قطر استعدادها لإنتاج الفيلم شريطة أن يقوم المخرج بعمل أفلام تقترحها قطر لكن قطر لم تف بوعدها بتمويل الفيلم فى الموعد المقرر، وبعد أحد عشر عاما وقبل أيام قام أحمد عثمان باستئناف السعى لإخراج هذا الفيلم إلى النور، إلى أن التقى منتجة وممثلة مصرية ولدت ومازالت تعيش فى أمريكا فى كاليفورنيا وهى شيرين الشريف وهى حاصلة على الدكتوراه فى القيادة التعليمية وهى منتجة وممثلة أمريكية من أصل مصرى ولديها شركة إنتاج اسمها hand made (صناعة يدوية) وكانت فى إحدى زياراتها إلى القاهرة قد التقت زكى غازى الذى يعمل بمدينة الإنتاج الإعلامى وأعربت له عن رغبتها الملحة والحميمة فى إنتاج عمل سينمائى كبير تستلهم قصته من التاريخ الفرعونى القديم، فما كان من الرجل إلا أن حدثها عن أحمد عثمان ومشروعه المتعثر وهو فيلم عن أخناتون ونفرتيتى، ثم تواصل عثمان مع المنتجة المصرية وهى الآن بصدد البحث عن رعاة وداعمين آخرين لإخراج الفيلم إلى النور ومن المقرر أن يبدأ تصوير الفيلم خلال العام القادم ٢٠١٨ وسيشارك فيه ممثلون أمريكيون ومصريون وتتراوح ميزانية إنتاج الفيلم ما بين 20 إلى 30 مليون دولار وتنوى شيرين الشريف الاستعانة بمخرج كبير مثل ريدلى سكوت الذى أخرج (مملكة السماء) والذى شارك فيه خالد النبوى ونجم معروف فى دور أخناتون، لكنها قد تستخدم ممثلة جديدة لأداء دور نفرتيتى كما تنوى تصوير المناظر الخارجية بين الأقصر والمنيا.
ومما يذكر أن سيناريو فيلم «أخناتون ونفرتيتى» حاز جائزة أفضل سيناريو من مؤسسة لوس أنجيلوس للأفلام فى بداية العام الجارى 2017، ومؤخرا وافق المشرفون على مهرجان برلين للإنتاج السينمائى على ترشيح سيناريو نفرتيتى للمشاركة فى المهرجان الذى يبدأ فى ٣٠ سبتمبر القادم والذى كتبه البريطانى مايكل أوستن عن قصة لأحمد عثمان، وكان مايكل أوستن قد كتب وأخرج عدة أفلام من بينها برينسى كارابو وطرزان جراى ستون الذى رشح لجائزة الأوسكار، ولعل فيلم نفرتيتى وأخناتون من شأنه أن يحقق رواجا سياحيا ويقدم قراءة أمينة للتاريخ المصرى القديم.
بقى أن نقول إن أحمد عثمان كاتب مصرى مهاجر إلى بريطانيا ويعيش هناك منذ 52 عاما ويقوم بزيارة سنوية إلى القاهرة وهو كاتب وباحث فى المصريات فى التاريخ الفرعونى كما أنه معنى فى أكثر من كتاب له بالمقاربات بين ماورد فى التاريخ عن الفراعنة وبين ماورد فى القرآن الكريم وله ثمانية كتب بالإنجليزية نشرت بين لندن وأمريكا وتمت ترجمتها للغات أخرى منها العربية والإيطالية والفرنسية والإسبانية والتركية والهولندية كما أن له عشرة كتب باللغة العربية صدرت فى مصر عن دار الشروق وعن الهيئة العامة للكتاب ومكتبة مدبولى، كما أنه معنى بحضارة مصر القبطية وهو حاليا بصدد الانتهاء من أحدث مؤلفاته عن مملكة داود وسليمان وسيصدر الكتاب فى أمريكا فى فبراير القادم.
أما الفيلم فاسمه «نفرتيتى» أو«قصة أخناتون ونفرتيتى» فإن الخلفية التاريخية لقصته تقول إن أم أخناتون (الملكة طاى) لم تكن من العائلة الحاكمة أوالمالكة وكانت مصر فى عهد أمنحتب الثالث فى الأسرة 18 قمة الازدهار فقد ورث أمنحتب الإمبراطورية التى أقامها جده (تحتمس الثالث) وتمتد حدودها من أعالى الفرات شمال سوريا إلى شمال الخرطوم فى السودان ولأنه لم تكن هناك حروب كما أن ثروات مصر كانت طائلة بفضل ما يأتيها من ولاياتها هنا وهناك فقد أنفقها على الارتقاء بالفنون والبناء والمعرفة وكانوا حريصين على الإمبراطورية حتى إنه كانت هناك مرحلة تسمح بزواج الأخ من أخته حرصا على الإمبراطورية والملك المصرى يستطيع أن يتزوج مايشاء من النساء. ويحكى الفيلم عن قصة حب بين الأميرة نفرتيتى ابنة الملك أمنحتب الثالث من أخته الملكة سيتامون وبين أخيها أخناتون ابن طاى زوجة الملك إلا أن سيتامون عارضت زواج ابنتها نفرتيتى من أخناتون ابن ضرتها، ورغبت فى تزويجها للقائد حورمحب، لكن نفرتيتى تمكنت من إقناع والدها الملك أن يزوجها أخناتون، الذى- بهذا الزواج- أصبح له الحق فى مشاركة والده الجلوس على عرش مصر.
وكانت نفرتيتى ترى فى أخناتون ذلك الشاب الشاعرى والرومانسى ورأت فيه جرأة فى التفكير وخروجا على المألوف والسائد حيث اعتقد فى وجود إله واحد للكون يتمثل فى أشعة الشمس رافضا بذلك فكرة الآلهة القديمة عند الفراعنة وهى المعتقد السائد آنذاك خصوصا الإله آمون، ورغم رفض كهنة آمون لهذا الزواج إلا أن الأميرة نفرتيتى أصرت على هذا الزواج وأمكنها إقناع والدها الملك أمنحتب الثالث غير أن أخناتون أغضب الكهنة عندما قام ببناء معبد لآتون داخل الكرنك ومنعهم من دخوله، فهاجموه واضطروا الملك إلى طرد ابنه فى العاصمة طيبة (الأقصر)، وهناك قام ببناء مدينة جديدة له فى تل العمارنة بالمنيا. وبعد وفاة أمنحتب الثالث رفض أخناتون السماح بالعبادات الوثنية وأغلق كل المعابد مستخدما قوات الجيش، كما سرح الكهنة وصادر أملاكهم، لكن كهنة آمون تحالفوا مع القائد حورمحب الذى قام بانقلاب عسكرى أجبر أخناتون على أثره على التنازل عن العرش لابنه توت عنخ آمون وذهب أخناتون ليعيش فى معبد سرابيط الخادم فى سيناء واضطر توت عنخ آمون لإعادة فتح المعابد القديمة والسماح بممارسة الطقوس الدينية القديمة وإن لم يتخل هو نفسه عن عبادة آتون، وعندما ذهب ليحاول إعادة أبيه أخناتون من سرابيط الخادم قام (با نحس) كاهن آتون بقتله، حيث اعتبره مرتدا عن الديانة الآتونية، وينتهى الفيلم عندما تقرر نفرتيتى البقاء مع زوجها فى سيناء بينما تتم طقوس دفن توت عنخ آمون فى وادى الملوك.