استبعد خبراء أمنيون ومتخصصون فى شؤون الإرهاب وقوف طهران خلف المخطط الفاشل لاغتيال السفير السعودى فى الولايات المتحدة بالنظر إلى بدائية التخطيط له، مرجحين أن يكون من خطط لذلك عناصر منشقة عن الحرس الثورى الإيرانى. تزامن ذلك مع تشكيك صحف أمريكية وبريطانية كبرى فى اتهام طهران وشبهته بالاتهام الأمريكى الساذج لنظام صدام حسين الراحل فى العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل عام 2003، محذرة من خطورة ذلك فى جر المنطقة للحرب.
يقول محمد قدرى سعيد، الخبير الاستراتيجى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه غير مقتنع بأن تحاول إيران اغتيال السفير السعودى فى الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن هذا ليس له مغزى سياسى. وأبدى ميشال نوفل، الخبير اللبنانى فى الشؤون الدولية، مزيدا من التشكيك فى توقيت توجيه الاتهامات لطهران، وتساءل: لماذا يتم توجيهها الآن، على الرغم من أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما علم بالأمر فى يونيو الماضى، معتبرا أن الأدلة المبدئية التى تربط إيران بالمخطط المزعوم ضعيفة جدا، وهى فيما يبدو أن المشتبه به الذى ألقى القبض عليه فى الولايات المتحدة أبلغ ضباط إنفاذ القانون الأمريكيين بأن رجالا - فهم أنهم مسؤولون كبار فى قوة القدس وهى فرع سرى للحرس الثورى الإيرانى ح جندوه ووجهوه. وبدوره يقول رسول نفيسى، الاختصاصى فى شؤون الحرس الثورى الإيرانى فى الولايات المتحدة، إن الاشتباه فى ضلوع عصابة مكسيكية لتهريب المخدرات ونقاط الضعف التى ظهرت فى التحضير للاعتداء تستبعد صدور ضوء أخضر على مستوى عال فى طهران يجيز العملية، التى يطلق عليها البعض لقب عملية «شيفروليه» نسبة لنوع السيارة المستخدمة فى المخطط. وتم كشف المخطط حسب واشنطن بفضل مخبر كان يدعى أنه من عناصر عصابة مكسيكية لتهريب المخدرات معروفة بقيامها بعمليات اغتيال وقتل، بعدما ظن الشخصان الملاحقان أن بوسعه إمدادهما بالمتفجرات لتنفيذ العملية. ورأت سوزان مالونى، اختصاصية الشرق الأوسط فى معهد «بروكينجز»، أن المخطط «لا يطابق النموذج الاعتيادى لضلوع إيران فى نشاطات إرهابية»، وأضافت: «يبدو لى من المحتمل تماما أن تكون المؤامرة من فعل عناصر خارجة عن السيطرة». وأشارت إلى أن «استخدام أكبر جهة داعمة للإرهاب فى العالم بائع سيارات مستعملة من تكساس وإرهابيين من مهربى المخدرات يعملون لحسابهم الخاص لتنفيذ اعتداء ضخم وغير مسبوق كهذا يبدو مذهلا وبصراحة لا يطابق أسلوب جهاز إيران الإرهابى المحترف». وفيما اعتبرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أنه لا توجد حتى الآن أدلة دامغة تدين طهران، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن هذه المزاعم إذا لم تعالج بالطريقة الصحيحة، فإنها قد تتسبب فى مشكلات جدية ليس فقط داخل الولايات المتحدة، لكن فى منطقة الشرق الأوسط برمتها. واختتمت الصحيفة بالقول إن «آخر شىء تحتاجه منطقة الشرق الأوسط المضطربة أصلا هو احتمال نشوب حرب جديدة فيها».