الضابط رامي المصاب في «فض رابعة»: أدين لأمي.. تركت عملها ورافقتني سنة ونصف في لندن (صور)

كتب: عصام أبو سديرة الأحد 13-08-2017 21:02

مرت 4 سنوات، على فجر يوم الرابع عشر من أغسطس 2013، والذي اعتبر كثيرون أنه غيّر وجهة البلاد، وأعادها من الاختطاف، نظير فداء ودماء سالت من رجال الشرطة، بعدما بات فض منطقة رابعة العدوية بمدينة نصر من أنصار جماعة الإخوان -المسلح بعضهم - أمرا ملحا لاستقامة الأمور، عقب أن فشلت الوساطات لانصرافهم إلى منازلهم دون مواجهة.

غيّر ذلك اليوم مصير النقيب رامي جمال أيضا، وحفرت الساعات الأولى من ذلك اليوم على جسده علامات بارزة، ربما جعلته أسيرا لكرسي متحرك، لكن اعتبره وسام شرفٍ على صدره، بجانب وسام آخر وهو إلقائه كلمة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال احتفال تخريج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة يونيو الماضي، والذي أكد أمامه أن إصابته كانت في ساحة شرف.

يروي النقيب رامي لـ«المصري اليوم»، ساعات الفض الأولى، التي بدأت بإنذارات تطلق عبر مكبرات تطالب الجميع بالانصراف عبر الممرات الأمنة، وانتهت بأصوات طلقات رصاص دوت في المنطقة تحت غبار كثيف من أدخنة حرائق شبت إثر المواجهات.

يقول رامي: «يوم 13 أغسطس بالليل، عرفنا أننا سنفض الميدان في الصباح، أو بمعنى أدق سنتفاوض لفض الميدان، حتى تعود عجلة البلاد إلى السير مجددا بعدما توقفت أحوال الناس هناك في رابعة، فجرا تجمعنا وانتهينا من مراجعة الخطة، وحددنا ممرات الخروج الآمن للمعتصمين، شددت علينا القيادات بضرورة الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، وتأمين ممرات الخروج الآمن وتيسير خروج المعتصمين، لكن سرعان ما تبدلت الأمور على الأرض».

يضيف رامي في حديث لـ«المصري اليوم» كانت خدمتي في مجموعة عمل أمام «بنزينة» شارع عباس العقاد، تمركزنا هناك في السادسة صباحا وأطلقنا إنذارات تطالب المعتصمين بالخروج، وتعهدنا لهم بخروج آمن، لا أحد كان يريد العنف، وبالفعل عدد كبير منهم بدأ في الخروج من المنطقة سالما.

يتابع – الملازم أول رامي حينها - : « بدأ علينا إلقاء الطوب والحجارة، وبدأنا نرد بقنابل الغاز المسيل للدموع، تطور الأمر لرصاص الخرطوش، وكثفنا من الرد بقنابل الغاز، وبالفعل نجحنا في إحراز تقدم على الأرض حتى وصلنا إلى مقر مرور مدينة نصر، تزامنا مع استمرار خروج الناس آمنين بعد الخضوع لإجراءات التفتيش، دون أن نقبض على أحد.

يستطرد النقيب رامي الضابط بقطاع الأمن المركزي: « فجأة على حوالي الساعة التاسعة صباحا، بدأ إطلاق الرصاص الحي علينا، وسقط جريحا عدد من الضباط والمجندين، وكانت لدينا أوامر بالتعامل مع أي مطلق للنار، أو حامل لسلاح ناري، مع التأكيد علينا بالتعامل بحذر، كنا نعلم أن هناك أطفال داخل المنطقة ».

يضيف الضابط المصاب : « كانت هناك مدرعة في المقدمة، يقف عليها ضابط زميل لي، وأصيب في ذراعه، وأنزلناه منها، وصعدت مكانه، لم تمر خمس دقائق حتى شعرت بأن جسمي توقف عن الحركة، لم أعد قادرا على حمل السلاح أو رفع ذراعي أو تحريك قدمي، وكنت فاتح عينيا أسمع زملائي ينادون عليا، لكن لم أستطيع الرد عليهم ولم أعرف أين أصبت، حتى استطاعوا إنزالي من المدرعة، ونقلي عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى الشرطة بمدينة نصر، حينها دخلت في غيبوبة ».

يوضح : « أصبت برصاصة نارية في رقبتي، جاءت من منطقة عليا بجوار مسجد رابعة مباشرة، خرقت الرصاصة النخاع الشوكي وخرجت من الجهة الأخرى، وأفقت صباح اليوم التالي، وتم نقلي إلى مستشفى المعادي العسكري، وتم استخراج طلقات خرطوش عديدة من جميع جسدي، لم أكن أشعر بها أثناء التعامل، وظللت أسبوعين في الرعاية المركزة لإجراء التحاليل والأشعات، ووافقت الوزارة على سفري إلى لندن للعلاج».

يقول رامي: «سنة ونصف ظللت في لندن، وبرفقتي والدتي، التي تركت عملها وقدمت على أجازة دون مرتب، من عملها بوزارة المالية، ورافقتني طوال المدة هناك، قالت لمن حولها : (رامي أهم من كل شيء) رافقتني هناك دون نزول إلى القاهرة نهائيا، أطرافي كاملة لم تكن تتحرك، سوى رقبتي، ساندتني أمي وراعتني، رغم حالتي النفسية السيئة حينها، وقفت بجواري وتركت والدي بالمعاش وجدتي وأخي هنا في مصر».

يضيف: «كنا في غربة لوحدنا، وطريقة التواصل مع أسرتي هنا كانت فيس بوك وسكايب، لكن الوزارة لم تتأخر عني في شيء، أي طلب كان ينفذ، أي أجهزة يتم إحضارها لي، وتلقتنا السفارة المصرية هناك بحفاوة ودعوني إلى حفلة 6 أكتوبر، وأحضروا لي سيارة مجهزة لنقلي إلى السفارة».

وعن خطيبته إبان الحادث يقول رامي: «فرحي كان يوم 22 أغسطس بعد الفض بأسبوع، وعندما عدت إلى البلاد بعد رحلة العلاج في لندن، تزوجتها، رأت أيام صعبة معي، ولم تتخل عني لحظة واحدة ».

يوجه رامي رسالة إلى زملائه: «ربنا يديهم الصحة ويقويهم شرطة أو جيش ربنا يحميهم، عمر ما حد هيخوفنا ولا عمرنا هنتهاون مع مجرم، إحنا بندفن بعض ونرجع نكمل تاني، بنشيل بعض واحنا متعورين ونرجع نكمل تاني، واللي بتعملوا العيال ملوش لازمة لا هيخوفنا ولا هيغير في الأمور شيء».

يؤكد رامي : « شرف لي أني تلقيت دعوة من وزارة الداخلية لإلقاء كلمة في حفل تخريج دفعة 2017 من طلبة كلية الشرطة، مكنتش مصدق نفسي، وأنا واقف قدام الرئيس، الذي اطمأن عليا وسألني على إجراءات علاجي وحالتي الصحية ».

والدة النقيب رامي جمال

النقيب رامي جمال أثناء لقاء الرئيس في حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة

النقيب رامي جمال