«ما يوحد ألد الأعداء الآن هو الكراهية المشتركة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس»، هكذا علقت وكالة «بلومبرج» الأمريكية، الثلاثاء، على أسباب التقارب الذي تظهر ملامحه بوضوح بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» والقيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان.
الاعتقاد بأن «دحلان»، 55 عاما، يمكن أن يحل بعض أكبر مشاكل غزة بمساعدة مصر والإمارات، أحد أهم الأسباب الأخرى للتحالف بين «حماس» و«دحلان»، من وجهة نظر الوكالة الأمريكية.
«بلومبرج» أوضحت أن هذا التحالف يمكن أن يكون له آثار أوسع على السياسة الإقليمية، بداية من المواجهة مع قطر في الخليج، وحرب مصر وإسرائيل على المسلحين في سيناء، وحتى مستقبل السلطة الفلسطينية وسط أسئلة جديدة تحيط بصحة زعيمها البالغ من العمر 82 عاما.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن «دحلان» لديه خطط، وصفتها بـ«الطموحة، وتشمل بناء محطة طاقة بقيمة 100 مليون دولار للأراضي التي تعاني من الجوع، وتوجيه مساعدات دول الخليج إلى فقراء غزة، وتأمين معبر خروج منتظم للسكان البالغ عددهم 1.9 مليون، والذين يعانون من الحصار خلال العقد الماضي من قبل إسرائيل.
ونقلت الوكالة عن أستاذ السياسة بجامعة الأزهر، ومقره غزة، مخيمار أبوسادا، قوله إن الرئيس عبدالفتاح السيسي شجع «دحلان» على المشاركة في رسم ملامح المشهد السياسي لفلسطين الفترة القادمة، على أمل أن هذه الخطوة ستدفع «حماس» لمراجعة مواقفها، والابتعاد عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ويقول المحللون المصريون، وفقا للوكالة، إن «هدف السيسي النهائي هو فتح الحدود أمام غزة مقابل تعاون أمني من «حماس»، المتهمة بتحريض المسلحين في سيناء. لكن إسرائيل ستحتاج أن تكون مقتنعة بأن «حماس» لن تسمح بتهريب الأسلحة إلى غزة لاستخدامها ضدها.
وقال «أبوسادا» إن قدرة «دحلان» على الاستفادة من ثروة أبوظبي يمكن أن تساعد أيضا على تراجع «حماس» عن تعاونها مع قطر، التي تعتبر الآن منبوذة في الخليج، بسبب استضافتها لقيادات «حماس»، ومنحهم عشرات الملايين من الدولارات لإعادة الإعمار في أعقاب الصراعات مع إسرائيل.
كما أن مشاركة «دحلان» قد تضع تركيا جانبا، التي فضلت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عن دعمها لحركة «حماس»، بحسب الوكالة.
ووفقا للوكالة، فإن تعاون «حماس» مع «دحلان»، الذي سبق وفصل من حركة «فتح» بسبب فساد مالي، ليست سوى شهادة على مدى اليأس الذي وصل إليه قادة «حماس». في السنوات الـ10 التي انقضت منذ أن استولت «حماس» على غزة من قوات «عباس» في انقلاب، أصبح اقتصادها على حافة الانهيار بـ3 حروب مع إسرائيل، وإغلاق حدودها من قبل إسرائيل، وتدمير الجيش المصري لأنفاق التهريب عبر الحدود.
وقد شدد «عباس» مؤخرا من الإنفاق الحكومي عن طريق تقطيع رواتب عشرات الآلاف من سكان غزة، وإقناع إسرائيل بخفض كمية الكهرباء التي توفرها للقطاع، وفقا للوكالة.
وترى الوكالة أنه بعد 6 سنوات من الظهور الإعلامي النادر، فإن عودة «دحلان» إلى الأضواء في الأسابيع الأخيرة تأتي في منعطف صعب للفلسطينيين. وقد أثيرت المخاوف بشأن صحة «عباس»، بسبب مشاكل في القلب وسرطان البروستاتا، مع زيارة غامضة في أواخر يوليو للمستشفى.
وذكرت الوكالة أنه رغم نفي «دحلان» رغبته في أن يكون بديلا لـ«عباس»، إلا أن استطلاعات الرأي تشير جميعها إلى أن القيادي المفصول من «فتح»، هو خليفة «عباس» المحتمل. ويتركز دعمه في غزة، في حين أنه هذا الدعم شبه معدوم في الضفة الغربية، حيث يتهم بالفشل في منع استيلاء حماس على غزة عام 2007 عندما كان مسؤولا عن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هناك.
وترى «بلومبرج» أن إسرائيل من جانبها، تعتبر أن «حماس» هي المسؤولة عن التفجيرات الانتحارية بالإضافة إلى الهجمات الصاروخية، لذا فإن الحكومة الإسرائيلية تتابع عن كثب الديناميكية الفلسطينية وسط آمال أن يكون لـ«دحلان» تأثيرا معتدلا على «حماس». ويعرف القادة الإسرائيليون «دحلان» جيدا، سواء من سجنه في الثمانينيات، أو من التنسيق بين قوات الأمن والتفاوض بشأن اتفاقات السلام معه في التسعينات.
لكن تبقى معضلة واحدة من وجهة نظر الوكالة، تتمثل في أن «عباس» لا يزال يمارس السلطة، و«حماس» غير مستعدة للتخلي عن قواتها الأمنية المستقلة، وهو امتياز يعتبره الزعيم الفلسطيني مفتاح التوحيد.