حصلت «المصرى اليوم» على مستندات تكشف النقاب عن قيام الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بمخالفة القانون بتخصيص 50 ألف متر مربع بالكيلو 32 شرق طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى - خارج زمام أبورواش مركز إمبابة «بجوار القرية الذكية ومنطقة المحال التجارية قبل بوابة الرسوم بالطريق» - لصالح شركة برفكت موتورز، بسعر 105 جنيه للمتر، ليصل إجمالى سعر الأرض حوالى 5 ملايين جنيهات، بغرض إقامة مركز خدمة سيارات وكافتيريا ومعارض، وذلك بالمخالفة للقانون وبثمن بخس لا يتعدى 5% من قيمة الأرض الحقيقية.
وتؤكد المستندات أن رئيس هيئة التنمية الزراعية الأسبق محمود عبدالبر قام ببيع الأرض المذكورة لشخص يدعى أشرف على إبراهيم عبدالرحمن، لاستغلالها فى غير أغراض الاستصلاح والاستزراع بالمخالفة للقانون رقم 143 لسنة 1981، الذى نص فى مادته الثالثة عشرة بأن «يكون تصرف الهيئة فى الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط».
وكشفت المستندات عن أن الهيئة باعت الأرض الواقعة فى أحد أفضل وأهم المواقع على طريق القاهرة - الإسكندرية، لشركة برفكت موتورز بثمن بخس لا يتعدى 105 جنيهات للمتر الواحد، بتاريخ 29 أغسطس 2005، فى حين كان سعر المتر فى هذه المنطقة وقتها حوالى 3500 جنيه، أى أن إجمالى المساحة المباعة يساوى نحو 175 مليون جنيه، وبهذا تكون الهيئة قد أهدرت حوالى 170 مليون جنيه على خزينة الدولة.
وأفادت المستندات أن مجلس إدارة هيئة التنمية الزراعية قرر فى اجتماعه الثانى عشر بتاريخ 18 يونيو عام 2006، الموافقة على التصرف بالبيع فى مساحة حوالى 30 ألف متر بالأسعار المقدرة بمعرفة اللجنة الدائمة والمشكلة بالقرار الإدارى رقم 932 بتاريخ 12/5/ 2005، بواقع 105 جنيهات للمتر المربع الواحد تسدد فوراً، وكذلك الموافقة على التصرف بالبيع فى مساحة 19 ألف متر مربع لنفس الشركة بتاريخ 31 ديسمبر 2005، بواقع 105 جنيهات، على أن يتم سداد مقدم الثمن بواقع 25% والباقى على سنة واحدة محملة بالفائدة الاستثمارية وقدرها 7%.
اللافت أن الهيئة حددت مساحة الـ30 الف متر فى العقد الأول على واجهة طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى مباشرة، وتبقت المساحة الأخرى وقدرها 19 ألف متر فى الخلف، بما لا يسمح ببيعها لأى مستثمر آخر، وكان المفترض أن يتم اقتسام الأرض بشكل طولى حتى يتسنى بيعها لأى مستثمر آخر.
كما قرر المجلس - وفق المستندات - تحصيل مستحقات الهيئة عن مساحة نحو 50 ألف متر مربع بالقيمة المقدرة بمعرفة اللجنة الدائمة والمشكلة بالقرار الإدارى رقم 932 بتاريخ 13/12/2005 عن الفترة الأولى من 18/4/1998، وحتى 14/1/ 2002، والفترة الثانية من 4/5/2004، وحتى تاريخ السداد مع إجراء تسوية ما سبق سداده، على أن يتم تحرير عقد ابتدائى عن كل مساحة على حدة بعد سداد جميع مستحقات الهيئة الواجبة السداد.
ونص محضر تقدير أسعار الأرض الذى حمل توقيع المهندس عماد كامل على، على أنه «بتاريخ 24 مايو 2006 وبناء على تكليف من مجلس إدارة الهيئة فى اجتماعه المنعقد بتاريخ 12 مايو 2006، الخاص بإعادة تقييم التقديرات الواقعة بالمنطقة الصناعية بأبورواش الكيلو 32 شرق طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، تم دراسة موقف تقدير سعر الأرض التى تم التصرف فيها للمدعو أشرف على إبراهيم – شركة برفكت موتورز، على ضوء ما ورد بتقدير عام 1999، الذى تم تقدير المتر المسطح من الأرض بقيمة قدرها 100 جنيه للمتر المسطح الواحد، مع أنه ورد بنفس التقدير سعر متر الأرض الخاص بالشركة المصرية السعودية، الجار الملاصق لهذه الأرض بقيمة قدرها 80 جنيهاً للمتر».
وقال المحضر: «تمت إعادة التقدير فى عام 2006 لمساحة شركة برفكت موتور، وكان قيمة التقدير فى عام 2006 هو 83 جنيهاً للمتر، ثم أعيد النظر فى التقدير وكان التقدير الاستئنافى هو 75 جنيهاً للمتر، وعند دراسة السعر المناسب لهذه الأرض مع الأخذ فى الاعتبار ما جاء بتقدير عام، وللشركة المصرية السعودية للتعمير وهى التى تعتبر الجار الملاصق لهذه الأرض هو 80 جنيهاً للمتر، واعتبار أن معدل التضخم السنوى هو 5% لذلك يكون سعر متر الأرض هو (معدل التضخم السنوى × عدد السنوات = 5% × 6 = 30%، وسعر متر الأرض فى عام 2006 = 80 ×1.3 = 104 جنيهات للمتر ليكون سعر المتر للمساحة التى سيتم التصرف فيها لشركة برفكت موتورز هو 105 جنيهات للمتر).
وقال الجهاز المركزى للمحاسبات - فى رصده لواقعة بيع هيئة التنمية الزراعية لمساحة 50 ألف متر مربع لشركة برفكت موتورز - إنه سبق أن قامت اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة بتقدير سعر المتر فى تلك المنطقة بتاريخ 4 أكتوبر عام 1999، بواقع 100 جنيه للمتر، ثم قامت اللجنة بإعادة تقدير سعر المتر المربع بتاريخ 8 فبراير 2006 (أى بعد مرور حوالى سبع سنوات من التقدير الأول) بواقع 75 جنيهاً للمتر، وتم عرض الأمر على اللجنة الدائمة والمشكلة بالقرار الإدارى رقم 932 بتاريخ 31 ديسمبر 2005 الخاص بمراجعة الأسعار الواردة من اللجنة العليا لتثمين اراضى الدولة والتى انتهت إلى تقدير أسعار تلك المساحة بواقع 105 جنيهات للمتر بدلا من 75 جنيهات للمتر.
وأضاف الجهاز: «اتضح أن هيئة التنمية الزراعية قامت ببيع بعض المساحات لاستغلالها فى غير أغراض الاستصلاح والاستزراع بالمخالفة للقانون رقم 143 لسنة 1981 الذى نص فى مادته الثالثة عشرة بأن يكون تصرف الهيئة فى الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط».
وذكر الجهاز «لم يتضح ما هو الأساس الذى تم بناء عليه التصرف فى مساحات ينص على أن تستخدم فى غير أغراض الاستصلاح والاستزراع، مع ملاحظة أن هناك حالات مماثلة قامت الهيئة فيها برفض طلب راغب الشراء لعدم استخدام الأرض فى غير أغراض الاستصلاح والاستزراع، مثل طلب شراء 30 ألف متر مربع عند علامة الكيلو 60 غرب طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى المقدم من مسعود نصيب جاب الله، وصالح مسعود نصيب جاب الله وذلك فى اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 9 لسنة 2005».
ويتضح من رصد الجهاز المركزى للمحاسبات للواقعة، أن هناك مخالفة واضحة للقانون بتخصيص هيئة التنمية الزراعية لأراض لا تستخدم فى نشاط الاستزراع والاستصلاح، وكذلك وجود انتقائية فى تخصيص الأراضى حيث إنها رفضت فى نفس العام تخصيص أرض لأحد المواطنين بحجة عدم استخدام الأرض فى غير أغراض الاستصلاح والاستزراع، بالإضافة إلى أن اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة حددت أكثر من سعر للأرض يقل عن السعر المحدد فى عام 1999، الذى يصل إلى 75 جنيهاً للمتر، رغم أن سعر المتر وقتها لم يقل عن 3500 جنيه، وذلك قبل أن تستقر على السعر النهائى وهو 105 جنيهات للمتر، وفقاً لمعادلة غريبة فى تقييم الأراضى تعتمد على متوسط معدل تضخم 5%، رغم أن الأراضى تباع بقيمتها السوقية الآنية ووفقاً لأسعار الأراضى فى محيط المنطقة.
وقد وافق المستشار القانونى لوزير الزراعة الأسبق وهيئة التنمية الزراعية، محمد عزت عجوة، على الطلب المقدم من أشرف على إبراهيم، حيث ذكر فى مستند رسمى أنه بناء على مجلس الإدارة ومراجعة اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة والتزام مقدم الطلب أشرف على إبراهيم بالتقدير الذى يراه مجلس الإدارة، فإننا نرى العرض على مجلس الإدارة باقتراح تسوية المبالغ المدفوعة من الطالب كثمن أرض وتحسب المساحة التى تتساوى مع المبلغ المسدد ويحرر عنها عقداً خالص الثمن، وباقى المساحة يتم تحرير عقد بيع ابتدائى بها مبين فيه الثمن والمسدد منه والباقى، على أن يسدد خلال مدة لا تجاوز سنة واحدة من قرار مجلس الإدارة بالموافقة مضافاً إليه عائد الاستثمار المعتمد على هذا المبلغ يسدد مقدماً أو معه مضافاً إليه مقابل الانتفاع عن المساحة المتبقية منذ الاستحقاق حتى تمام السداد.