ذكرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية، أن مصر تعد من الاقتصادات التي تمثل قصص «التعافي المبكر الذي قد يتخلله بعض التذبذب، وأنها يمكنها أن تخلق قصة نجاح مماثلة لتلك التي خلقتها باكستان.
وأوضحت المجلة، في تقرير بعنوان «كيف تصبح الاقتصادات التي ضربتها الأزمات جاذبة للاستثمارات»، الجمعة، أنه برغم أن المحكمة العليا الباكستانية أقرت عدم أهلية نواز شريف لمنصب رئيس الحكومة، وتمت إقالته نهاية الشهر الماضي، فإن «شريف» له كل مبرر في أن يقول إنه ترك اقتصاد بلاده في حال أفضل عن فترة ما قبل تسلمه المنصب، حيث كان نمو إنتاج الناتج المحلي نحو 3%، وهي نسبة غير مرضية لبلد فقير ذي تعداد سكاني متزايد، وكان مستوى التصخم أعلى من 10%، وكان عجز الموازنة متضخم، باختصار، كانت ثمة أزمة لتوح في الأفق، ولكنه بعد تولي المنصب بـ4 سنوات، تمكن من تقليص عجز الموازنة إلى نحو 4% من إجمالي الناتج المحلي، وبلغت نسبة النمو في إجمالي الناتح المحلي 6%، وهو أمر لاحظه المستثمرون، ومنذ 2012 تضاعفت الرسملة الدولارية للبورصة الباكستانية، وتابعت المجلة أن هذا لا يعني أن باكستان صارت تحت رئاسته صورة طبق الأصل من السويد، فلازالت تأتي في ذيل التصنيفات العالمةي من حيث الفساد والتنمية البشرية وغيرهم، ولكنها نموذج للدولة التي كانت على حافة أزمة ونجحت في اتخاذ خطوات اقتصادية أكثر ثباتاً وقوة حتى تحولت إلى بؤرة جاذبة للاستثمار، وبالتالي فإنها نموذج من نماذج التحول التي تعكس تحديثاً لسياسات الاقتصاد الكلي.
وتابعت الصحيفة أن هذا النوع من قصص النجاح نادر الحدوث، نظراً لأن الإنجازات الاقتصادية عادة ما تتحقق بقرارات مؤلمة في البداية، ولكنها تتواجد لدى «الاقتصادات الحدودية» التي تتدنى حتى عن الاقتصادات الناشئة، ويكون ثمة مستوى مرتفع من الخطورة الاستثمارية بها، وقالت إن ليس كل تلك الاقتصادات يمكنها اتخاذ المسار الذي اتخذته باكستان، التي تعد نموذجاً لما يمكن أن يطلق عليها اسم «اقتصادات الفينكس» أو اقتصادات «طائر العنقاء» وهي الاقتصادات التي تمكنت إلى العودة للحياة من جديد بعدما اقتربت من النهاية والفناء.
وحددت المجلة 3 أصناف من الدول التي لديها المقومات المطلوبة لتحقيق قصص نجاح والعودة للحياة من جديد، وهم «مناطق الكوارث» مثل زيمبابوي وفنزويلا وهذا الصنف يمكنه تحقيق قصة نجاح يوماً ما، ودول «التعافي المبكر» مثل مصر والأرجنتين (وربما نيجيريا)، وصولاً إلى «الخريجين» مثل باكستان أو الفلبين التي تمكنت من أن تصبح دولة لها رواج وجاذبة للاستثمارات على مدار 10 سنوات.
وتابعت أن ثمة 3 مراحل تمر بها اقتصادات «الفينكس» وهي الأزمة أو «الرماد»، وخلالها تتهدور المشكلات وتهرب رؤوس الأموال، ومرحلة «الاستجابة» وخلالها تقوم الحكومات باتخاذ إصلاحات اقتصادية، غالباً ما تكون مدعومة من صندوق النقد الدولي، أما المرحلة الثالثة فهي عودة الحياة، وفيها تعود رؤوس الأموال مع ظهور علامات التعافي الاقتصادي.
وعن مصر قالت المجلة إن المرحلة الأولى وهي الأزمة، حدثت بسبب عجز الحساب الجاري الذي ارتفعت نسبته من 0.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2014 حتى بلغ 5.6% من إجمالي الناتج في 2016، إضافة إلى تراجع عوائد قناة السويس بفعل أسعار النفط، وتراجع عوائد التحويلات من دول الخليج، وتراجع عوائد السياحة كذلك نتيجة المخاوف الأمنية، أما المرحلة الثانية وهي مرحلة الإصلاحات فجاءت من خلال برنامج إصلاحي مدعوم من صندوق النقد الدولي وقرض يسلم على 3 سنوات، بدأ من نوفمبر الماضي.
وعن المرحلة الثالثة الخاصة بعودة رؤوس الأموال قالت المجلة ان أول العائدين هم المواطنين الذين قاموا بتحويل أموالهم عبر البحار قبيل اندلاع الأزمة، والذين أغرتهم أسعار الفائدة العالية، وزوال مخاطر العملة بعد تحرير أسعار الصرف، وغيرها من الإغراءات، ما جعل مصر جاذبة للاستثمارات مرة أخرى واشترى المستثمرون الأجانب نحو 25% من أذون الخزانة.
وقالت المجلة إنه على الرغم من أن تخفيض العملة المصرية أدى لارتفع مستويات التضخم، فإن ثمة آمال وحالة من التفاؤل إزاء الاقتصاد المصري الذي بدأ يتحسن بشكل متسارع.