تواصلت ردود الأفعال حول الأحداث الدامية، التى شهدتها منطقة ماسبيرو، فمن ناحية سادت عدداً من المحافظات حالة من الارتباك الأمنى، ومن ناحية ثانية تواصلت المظاهرات المنددة بالأحداث، ومن ناحية ثالثة، شددت الأجهزة الأمنية من إجراءاتها حول الكنائس والأديرة.
ففى أسوان، خرجت مسيرة كبيرة، إلى ميدان المحطة، طافت شوارع المدينة، للتنديد باعتداءات المتظاهرين الأقباط على أفراد الشرطة والجيش، وردد المتظاهرون هتافات: «إسلامية - إسلامية» و«تقتلوهم ليه.. ذنب الجيش إيه»، وتوجهوا حاملين الأعلام إلى مبنى المحافظة تأييدا للقوات المسلحة والتأكيد على وقوف الشعب المصرى بجانبها.
وعززت قوات الشرطة والجيش من تواجدهما أمام الكنائس، خشية تعرضها للاعتداء.
وسادت قرية الماريناب بإدفو - التى نشب خلاف بين عدد من مسيحييها ومسلميها على خلفية تحويل مبنى لكنيسة - حالة من الهدوء الحذر.
وقال إبراهيم البرسى، منسق ائتلاف القبائل العربية بأسوان، إنه تم تشكيل لجان شعبية من 400 مسلم لحماية أقباط الماريناب، ومنع الاعتداء عليهم، مشيرا إلى أن هناك مساعى حاليا للصلح بين المسلمين والأقباط فى القرية، لإنهاء الخلاف.
وفض عشرات الأقباط تظاهراتهم أمام ديوان عام المحافظة، بعد انتشار المسيرات المنددة بأحداث ماسبيرو، خوفا من تزايد حالة الاحتقان، وتدخل الأنبا بول لإقناع المتظاهرين بفض المظاهرة.
وفى المنيا، نظم المئات من أهالى قرية دير أبوحنس التابعة لمركز ملوى بالمنيا، على خلفية أحداث ماسبيرو، مسيرات وحمل المتظاهرون لافتات مكتوباً عليها عدد من الآيات التى تدور حول الاستشهاد فى المسيحية، ورددوا هتافات: «الملاهى رخصوها والكنائس حرقوها». وفى قرية دير البرشا التابعة لمركز ملوى، تظاهر عدد من الأقباط، فى مقدمتهم القساوسة بالقرية وعدد من الحقوقيين.
وفى البحر الأحمر، شددت الأجهزة الأمنية من إجراءاتها حول الكنائس والأديرة الأثرية بمنطقة الزعفرانة والكريمات، وذلك لمنع الاعتداء عليها، وتمت إقامة كمائن أمنية بالمناطق المحيطة بالكنائس وزيادة عدد الخدمات.
وفى الجيزة، أكد مصدر أمنى أنه تم تكثيف الإجراءات الأمنية على جميع الكنائس بالمحافظة، خصوصا فى مدينة 6 أكتوبر. وفرضت أجهزة الأمن إجراءات مشددة حول كنيسة الأنبا بيشوى بالشيخ زايد، وكنيسة مارى مرقص بوسط مدينة 6 أكتوبر، ومنعت توقف السيارات بالقرب من الكنائس، خشية وقوع أحداث شغب وتجمهر. كما شهدت كنائس الحوامدية والبدرشين ومنشأة القناطر إجراءات أمنية واسعة، خوفا من حدوث احتكاكات بين المسلمين والأقباط.
وفى الإسماعيلية، أكد مصدر أمنى أنه تم رفع حالة الطوارئ، وكثفت قوات الأمن من تواجدها أمام الكنائس والمنشآت الحيوية بالإسماعيلية بالتنسيق مع القوات المسلحة، تحسبا لحدوث أى أعمال تخريبية أو مظاهرات أمام الكنائس على خلفية أحداث ماسبيرو، مشيرا إلى أنه تم نشر العديد من الكمائن بالقرب من الكنائس المهمة وسط مدينة الإسماعيلية وبالشيخ زايد لتأمين المنشآت المهمة، مثل: مبنى الإرشاد والمجرى الملاحى لقناة السويس وأقسام الشرطة والمستشفيات.
وفى الوادى الجديد، كثفت قوات الأمن من تواجدها أمام كنيسة السيدة العذراء بمدينة الخارجة، وانتشرت قوات كبيرة من البحث الجنائى وسيارات الشرطة وجابت المناطق المحيطة بالكنيسة وحرصت على تمشيط الشوارع المؤدية إليها والكشف عن هوية رواد هذه المنطقة وفرضت قوات الأمن طوقاً أمنياً حول الكنيسة.
واستنكرت جميع القوى والتيارات السياسية بالمحافظة أحداث ماسبيرو. وأكد الدكتور محمد السيد، أمين حزب الوسط، أن هذه الأحداث مدبرة ومفتعلة بأيد خفية تريد عرقلة الانتخابات وعدم تمكين المصريين من بدء حياة ديمقراطية سليمة، رافضاً التدخل الأمريكى، الذى وصفه بـ«السافر فى شؤون مصر الداخلية».
وطالب مؤمن مرعى، أمين حزب النور، بضرورة الحفاظ على نسيج الوطن ووحدته والبعد عن الفتن والانسياق وراء الشائعات، موضحاً أن الحياة السياسية السليمة هى التى تكفل الحياة الكريمة للجميع فى مصر.
وفى الفيوم، قال المحافظ المهندس أحمد على أحمد: إن هناك أيادى خفية وراءها، وأن ما يحدث الآن مجرد وقيعة بين أفراد الأمة الواحدة مسلمين ومسيحيين للعبث بوحدة وأمن الوطن والتخطيط للنيل من أمن وسلامة مصر.
وأكد أن المشكلة الطائفية من أخطر المشاكل التى تحرق الأخضر واليابس وتوقف عجلة التنمية فى أى مجتمع، موضحاً أنه يجب الحفاظ على سلامة الوطن والمواطنين لتجنيب البلاد مخاطر تؤثر بالسلب على مكاسب الثورة، مع ضرورة منع المظاهرات الفئوية والاعتصامات التى توقف الإنتاج وتعطل الجهود للارتقاء بمصرنا الحبيبة. وناشد المحافظ جموع الشعب «الالتزام ببذل أقصى الجهد والوقوف صفا واحدا للوصول بالسفينة إلى بر الأمان، لأننا مصريون مسلمين وأقباطاً نسيج واحد ونعمل من أجل الوطن وسلامة مصر».
وفى أسيوط، سادت حالة من الارتباك الأمنى الشديد بقرى ومراكز المحافظة، وفرضت أجهزة الأمن كردونات أمنية مشددة، أمام مختلف الكنائس.. فيما دعا اللواء محمد إبراهيم، مدير الأمن، رجال الدين الإسلامى وأعضاء الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية والسلفيين والأقباط وممثلى الطوائف القبطية من القساوسة والرهبان، إلى عقد اجتماع طارئ، لبحث الأمر والسيطرة عليه.
وفى الإسكندرية، أدان عدد من الأحزاب والحركات السياسية، الأحداث، واعتبرها البعض محاولة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، بدعوى عدم توفير التأمين الكافى لإجرائها، فيما طالبت القوى بسرعة إصدار قانون العبادة الموحد.
من جانبه، أدان حزب الوفد الأحداث فى بيان له، حيث اعتبرها «مخططاً داخلياً وخارجياً هدفه إجهاض الثورة وإنهاء حلم المصريين فى دولة الحرية».
كما أدان حزب المصريين الأحرار الأحداث، وطالب بسرعة إصدار مرسوم بقانون تجريم التمييز، وقانون دور العبادة الموحد، وضرورة تطبيق القانون فورا على العناصر المتسببة فى أحداث كنيسة ماريناب.
وأدانت حركة شباب 6 أبريل تلك الأحداث، وطالبت بمزيد من ضبط النفس خاصة فى المرحلة المقبلة التى اعتبرتها أكثر المراحل حرجا فى تاريخ التحول الديمقراطى.
وطالب الشيخ جابر قاسم، وكيل المشيخة الصوفية بالإسكندرية، بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق فى الأحداث، محذرا من الوقوع فى فخ ومخططات مشبوهة لا تريد لمصر خيرا بإشعال الفتن الطائفية والاحتجاجات الفئوية وغيرها من التجمعات التى تؤثر على تقدم البلاد فى هذه المرحلة الانتقالية.
وفى قنا، تمكنت الأجهزة الأمنية والقيادات الدينية الإسلامية والمسيحية وقادة الجماعة الإسلامية، من إخماد فتنة طائفية واشتباكات بين مسلمين وأقباط أمام مطرانية الأرذثوكس، بمدينة قنا، عقب قيام مجموعة من الأقباط بالتجمهر أمام المطرانية، احتجاجا على أحداث كنيسة الماريناب بأسوان، وقيامهم باستخدام هتافات أدت إلى إثارة غضب مجموعة من التيار السلفى، عقب صلاة العشاء، من مسجد ناصر المواجه للكنيسة.
وفى بنى سويف، شكل شباب الأقباط والمسلمين لجاناً شعبية، أمام الكنائس ودور العبادة المسيحية، عقب الأحداث، وقال اللواء عطية مزروع، مدير الأمن، إنه تم تكثيف الخدمات والتواجد الأمنى على كنائس بنى سويف من الواسطى شمالا حتى الفشن جنوبا.
وقال الأنبا فرانسيس، وكيل مطرانية بنى سويف، إن الأنبا غبريال، أسقف إبراشية بنى سويف والواسطى سيلتقى البابا شنودة لمناقشة تداعيات الأحداث.