اندلعت معارك شرسة، صباح الاربعاء ، فى مدينتى مرسى البريقة وأجدابيا شرق ليبيا بعد أن هاجمت القوات الموالية للزعيم الليبى معمر القذافى المدينتين فى محاولة لاستعادة السيطرة عليهما، وأوقعت المواجهات فى مرسى البريقة 14 قتيلاً وعشرات الجرحى قبل أن يعلن الثوار إعادة سيطرتهم عليها وعلى مدينة أجدابيا التى دارت بها معارك مستمرة اسقطت 16 قتيلاً على الأقل وتأكيدهم تحرير مدينة إمسلاتة شرق العاصمة الليبية، بينما تتواصل عمليات الكر والفر بين القوات الموالية للنظام والمعارضين فى عدة مدن بالغرب وسط حديث مستمر عن سعى القذافى إلى حشد المزيد من المرتزقة من تشاد والنيجر عبر المناطق الجنوبية إلى سبها على أن يعاد نقلهم جوا للعاصمة لتحصينها من أى هجمات محتملة للثوار.
وبينما تمكن الثوار من صد هجمات وقصف جوى لقوات القذافى على مدينة مرسى البريقة النفطية، بعد معارك شرسة بين الجانبين أوقعت 14 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى، وقال مسؤول فى الشرطة رفض الكشف عن اسمه من أجدابيا، إن مرسى البريقة «أصبحت بالكامل تحت سيطرة الثورة، بدوره، قال مهدى سليمان حسين، أحد المقاتلين فى أجدابيا، إن «قوات القذافى وصلت الى البريقة وقاتلت لكنها تراجعت الآن»، مضيفا أن بعض «المرتزقة» فقط لايزالون يواجهون الثوار.
وكان الثوار سيطروا على المدينة منذ 23 فبراير الماضى، وتعتبر مرسى البريقة موقعاً حيوياً، ويوجد بها مطار عسكرى صغير ومنشآت نفطية ومصفاة، وميناء لتصدير النفط.
بدوره، قال زعيم عشيرة ليبية لشبكة «سى.إن.إن» الإخبارية الأمريكية عبر الهاتف إن طائرات حربية تابعة للقذافى قامت بقصف جوى لمعسكرات الجيش ومخازن الذخيرة مجددا فى أجدابيا، إلا أن المعارضين للقذافى لايزالون يسيطرون عليها، وأضاف أن الشباب يتحركون للدفاع عن المدينة وأن نحو 10 آلاف متطوع ينضمون للجيش الذى أعلن عن تشكيله الثلاثاء فى مدن الشرق المحررة.
وفى الوقت نفسه، انضمت مدينة إمسلاتة، الواقعة على بعد 100 كيلو متر شرقى طرابلس، إلى المدن المحررة، وقال سكان قبائل بالمدينة إن إمسلاتة انضمت إلى الثوار، وأكدوا عزمهم الانضمام إلى جهود ثوار 17 فبراير «لتحرير» المدن الأخرى. وفى المقابل، نفى المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم التقارير التى تحدثت عن هجمات على بلدتى أجدابيا ومرسى البريقة اللتين يسيطر عليهما المعارضون.
وبعد نجاحهم فى تكوين مجلس عسكرى كنواة لجيش مستقل لتحرير باقى المدن الليبية، خاصة طرابلس، من قبضة القذافى، أكد القادة العسكريون للثوار فى الشرق أنهم يسعون لإنشاء هيكل موحد للجيش الذى يتوافد عليه آلاف المتطوعين، وأشاروا إلى أن لديهم خطة للزحف على العاصمة مباشرة عبر الصحراء، دون العبور على مدينة سرت التى لايزال القذافى يسيطر عليها.
وعلى الرغم من تأكيد بعض قيادات الشرق أنهم يرفضون التدخل الأجنبى العسكرى فى بلادهم لإجبار القذافى على التنحى، أعلن مسؤولون فى المعارضة أنهم لا يستبعدون الطلب من دول أجنبية توجيه ضربات جوية إلى القوات الموالية للقذافى فى حال وجدوا أنفسهم عاجزين عن إسقاط نظامه.
وأعلنت سلوى بوغايغى، العضو فى ائتلاف يضم محامين وناشطين، أن القوات الحكومية فى غرب البلاد تشكل خطراً كبيراً على المعارضة، وأضافت: «لا يوجد توازن بين القوات التى نملكها وقوات القذافى»، موضحة أن قادة المعارضة منقسمون حول من هم مع «الحل الدولى» ومن هم ضده. وقالت إن الائتلاف الذى تنتمى إليه يطالب بإقامة منطقة حظر جوى لمنع القذافى من تعزيز قواته فى طرابلس وسرت بشكل خاص.
إلا أن معارضين آخرين، شاركوا فى اجتماع بالشرق، الثلاثاء ، أعلنوا أن الائتلاف يميل نحو طلب ضربات جوية تقوم بها دول أجنبية ربما بتفويض من الأمم المتحدة ضد أهداف استراتيجية ليبية. وقال أحد المسؤولين فى المعارضة، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن «المشاركين اتفقوا على درس تقديم طلب لتوجيه ضربات جوية».
وفى السياق ذاته، أجمعت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز الأمريكيتان على أن الثوار فى ليبيا يطالبون المجتمع الدولى يمساعدتهم عسكريا للإطاحة بالقذافى، وأوضحتا أن المعارضة طالبت بالتدخل العسكرى الدولى.
وفى العاصمة طرابلس، أفادت شبكة «سى.إن.إن» الإخبارية الأمريكية بوقوع 4 انفجارات متزامنة، صباح الاربعاء ، وشوهدت ألسنة اللهب تتصاعد من أحد المواقع، وأرجعت الشبكة سبب الانفجارات إلى انفجار صهريج نفط، وعلى الفور هرعت سيارات الإنقاذ والإطفاء وسمعت صافرات إنذار، واشتبك الأهالى مع المراسلين الأجانب فى مسرح الحادث واضطروهم إلى العودة إلى فندقهم. وخيم التوتر الشديد على طرابلس عقب إعلان المحتجين الذين يجرى تدريبهم عسكريا شرق البلاد عن عزمهم الزحف إلى المدينة بالتزامن مع تصاعد احتمالات التدخل الأجنبى.
وبينما تواصل الكتائب الأمنية تعزيز تواجدها قرب الحدود الليبية فى محاولة لاستعادة المدن التى نجح الثوار فى الغرب فى إحكام قبضتهم عليها، احتفل سكان الزاوية غربا بصد هجوم لقوات القذافى وإجبارهم على الفرار منها وبسطوا سيطرتهم على قاعدة عسكرية صغيرة تابعة للمدينة، وقدموا الحلوى والمشروبات للمقاتلين، ونظموا مسيرة للنصر، كما نجح المعارضون فى صد هجمات على مصراتة غرب طرابلس، ثالث أكبر مدينة فى البلاد.
وقال المتحدث باسم الثورة عبدالباسط أبوزريق إن ضباط الجيش الحاليين والمتقاعدين والجنود الحاليين فى مصراتة يتدبرون أمر حمايتها، مشيرا إلى أن الآلاف من أبناء المدينة تطوعوا للمشاركة فى القوات لحماية المدينة والمشاركة فى تحرير بقية المدن، مؤكدا أن تلك القوات لديها كمية كبيرة من الأسلحة استطاعت جمعها من فلول كتائب القذافى التى أجبروها على مغادرة المدينة. وأشار إلى أن القوات الموالية للقذافى ترابط حاليا فى الكلية الجوية، وأنها تطلق النار على المنازل المجاورة والمارة.
وفى غضون ذلك، أعلن موقع «جيل ليبيا» المعارض، نقلاً عن القناة الفضائية الليبية، أن القذافى، فى محاولة منه لملء الفراغ الذى سببته استقالة وزراء ومسؤولين ودبلوماسيين انضموا للثورة، أجرى سلسلة تعيينات جديدة، فعين محمد القمودى وزيراً للعدل بدلا من مصطفى عبدالجليل الذى يقود المجلس الانتقالى، كما عين مسعود عبدالحفيظ وزيراً للداخلية بدلاً من اللواء عبدالفتاح يونس، ومحمد عريبى ذكرى المحجوبى نائباً عاماً بدل عبدالرحمن العبار، بينما تواصل انشقاق زعماء القبائل والمسؤولين وضباط الجيش ووحداته على القذافى وانضمامهم الى صفوف المعارضة، مؤكدين أنهم باتوا أكثر قوة.