عاشت جزيرة الوراق، مساء الأحد، ليلة مليئة بالأحداث، بعد الاشتباكات التى نشبت بين قوات الشرطة، والأهالى الرافضين لتنفيذ قرار محافظة الجيزة، بإزالة المبانى المخالفة المقامة على أراضى الدولة بالجزيرة، وهى الأحداث التى بدأت بمناوشات تطورت بعد ذلك إلى اشتباكات، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، وطلقات الخرطوش، ردًا على الحجارة التى ألقاها الأهالى.
«المصرى اليوم» رصدت أحوال الجزيرة، بعد انسحاب قوات الشرطة فى تمام الساعة الثانية ظهرالإثنين، عن طريق معديات، ثم بعد ذلك توجه الأهالى إلى المستوصف الموجود فى الجزيرة لإنهاء إجراءات خروج جثمان الشاب المتوفى، يدعى سيد حسن على الجيزاوى، 26 عاما، والذى توفى متأثراً بطلقات الخرطوش فى الصدر.
وتجمهر الأهالى داخل وخارج المستشفى، وتمكنت «المصرى اليوم»، من الدخول إلى غرفة احتجاز جثمان الشاب المتوفى، وكان شقيقه يجلس إلى جواره، فى حالة هيستيرية من البكاء، وعقب الانتهاء من عملية غُسل الجثمان، خرجت الجنازة وطافت شوارع الجزيرة وردد المشيعون هتافات «بالروح بالدم نفديك يا شهيد»، و«لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله».
وفور وصول الجنازة إلى شط الجزيرة من ناحية الوراق، كان فى انتظارها جميع المعديات التى تعمل على توصيل الأهالى إلى الجانب الآخر من النيل، كى تنقلهم، وبسبب كثرة العدد تسببت الجنازة فى توقف حركة المرور على طريق «الوراق- الكورنيش» والتى انطقلت سيراً لمسافة نحو 4 كيلو مترات، من الوراق وحتى مستشفى إمبابة المركزى، فى تمام الساعة الرابعة عصراً، لاستخراج تصريح دفن للمتوفى. وقال مصدر أمنى إنه تم دفن جثمان ضحية الاشتباكات بمقابر دمنهور شبرا، بمدينة شبرا الخيمة، المجاورة لديوان قسم أول شبرا الخيمة، وسط تواجد أمنى مكثف، مضيفا أن عملية الدفن تمت فى هدوء وانصرف المشيعون عقب انتهائها. وأكد المصدر أن منطقة شبرا لم تشهد أى اشتباكات أو تداعيات بين الأهالى ورجال الأمن، وأن الأمور فى منطقة «معدية دمنهور شبرا – الوراق» هادئة وتحت السيطرة الأمنية، لافتا إلى أنه فى بداية الأحداث استقبل مستشفى النيل بشبرا جثمان القتيل، وبعد تأكد الأهالى من الوفاة أخذوا الجثمان عنوة دون تحرير محضر، وعادوا به إلى منطقة الوراق، الأمر الذى دعى مدير المستشفى لتحرير محضر إثبات حالة بتهريب الجثة، وبعد ذلك استقبل المستشفى 7 من المصابين فى الحادث وتبين إصابتهم بإصابات خفيفة، وتم تقديم الرعاية الصحية لهم وغادروا المستشفى عقب تحرير مذكرة بأقوالهم.
كان تأخر استخراج تصريح الدفن أثار غضب الأهالى ودفعهم للخروج إلى طريق «الوراق- الكورنيش» وقطعه أمام حركة المرور، ونشبت اشتباكات جديدة استمرت نحو نصف ساعة، حتى انسحب الأهالى وقرروا الذهاب لدفن الضحية بدون الدخول إلى الجزيرة.
وقال أحد الأهالى الذين تم هدم منازلهم إنه «كان فى العمل الخاص به، وفوجئ بمكالمة تبلغه بإخراج أسرته من المنزل وهدمه»، قائلاً: «كنت فى شغلى وكلمونى قالولى بيتك اتهد، والعفش بتاعك اتكسر تحت الأنقاض».
وأضافت سيدة: «كان فيه راجل فى الحمام وقت الهدم، خرج بالملابس الداخلية، وترك كل ممتلكاته فى المنزل، الذى تم هدمه، قبل ما يموت»، مضيفة «إحنا غلابة واللى بيحصل فينا ده حرام، دى أرضنا مش أرض الحكومة»، فيما قالت ربة منزل مجاور لمنطقة الاشتباكات، «إحنا محبوسين فى بيتنا من الصبح بسبب اللى بيحصل، ومش عارفين نخرج، وكنا فى حالة من الرعب، والغاز دخل علينا البيت والعيال الصغيرة ماكنتش قادرة تستحمل»، وأضافت: «إحنا مصريين مش من دولة تانية، ليه بيعملوا فينا كده، بيضربوا العيال، وبيقبضوا عليهم، لقينا موتوسيكلات لشباب الجزيرة مرمية فى النيل والأراضى الزراعية، ده حلال ولا حرام».
وعقب هدوء الأوضاع فى الساعة الحادية عشرة، مساء الأحد، عاد الأهالى إلى الجزيرة، وإلى منازلهم، لكنهم فوجئوا بانقطاع التيار الكهربائى عن الجزيرة لمدة ساعتين، وفى تمام الخامسة صباحاً، فوجئ الأهالى بتوقف المعديات الخمس التى تنقلهم إلى الجانب الآخر عن العمل، وهو الأمر الذى استمر حتى الساعة الثانية عشرة ظهر الإثنين، ما تسبب فى منع ذهاب الموظفين إلى أعمالهم، وعمال «اليومية» إلى أشغالهم، والطلاب إلى أول أيام تنسيق الثانوية العامة، وطلاب الدور الثانى من الذهاب إلى امتحاناتهم، والمرضى إلى المستشفى، ثم عادت المعديات لعمل مرة أخرى للعمل بعد توقف استمر 7 ساعات. وأكد اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، استمرار حملة استرداد أملاك الدولة بكل أنحاء المحافظة، وتنفيذ كل قرارات الإزالة، مشيرًا الحملات تستهدف المخالفين والمتعدين على حقوق الدولة.
من جانبها، قالت مصادر مطلعة بالمحافظة، إنه تم تأجيل تنفيذ جزء من قرارات إزالة المبانى المخالفة على أراضى الدولة بالجيزة، إلى أجل غير مسمى.