يظل أنطون بافلوفيتش تشيخوف من أفضل كُتّاب القصة القصيرة على مستوى العالم، ولعله «أبوالقصة القصيرة في العالم»، وقد تأثر بكتاباته الكثير من كتاب القصة القصيرة في مصر والعالم العربى ومنهم يوسف إدريس، وهو طبيب وكاتب مسرحى ومؤلف قصصى ومن كبار الأدباء الروس، كما أن مسرحياته كان لها أعظم الأثر على دراما القرن العشرين. بدأ تشيخوف الكتابة عندما كان طالباً في كلية الطب في جامعة موسكو، وظل يواصل الكتابة دون أن ينقطع عن مهنة الطب.
وكان يقول: «إن الطب هو زوجتى والأدب عشيقتى»، وقد وصفه الروائى الروسى الكبير تولستوى بأنه «بوشكين روسيا في النثر»..
وتشيخوف مولود في تاجنروج في ٢٩ يناير١٨٦٠ من أب كان وكيلاً لأملاك إحدى الأسر، ثم أصبح تاجراً، أما جده فكان عبداً رقيقاً، درس (تشيخوف) في المدرسة اليونانية الابتدائية في مسقط رأسه، وكان في مطلع حياته هادئاً منطوياً على نفسه، يبتعد عن الناس، يشعر بأنه لا شىء في هذه الحياة، وكان شديد الميل إلى الكتابة، فأصدر وهو لايزال في المدرسة مجلة (الأرنب)، التي كان يحررها وينشر فيها كتاباته الساخرة. وأنهى تعليمه الثانوى والتحق بكلية الطب في جامعة موسكو عام ١٨٧٩، وتخرج فيها طبيبا بعد أربع سنوات، ولقد كانت مجموعة القصص التي نشرها عام ١٨٨٦ بعنوان (قصص براقة) و(الشفق) فاتحة عهده بالشهرة الأدبية، وقد نال على إثر صدور مجموعته (الشفق) جائزة بوشكين الأدبية، ومن القصص القصيرة انتقل إلى الروايات والمسرحيات، التي حققت له شهرة مضافة. كان تشيخوف الابن الثالث من ستة أبناء، وحين بلغ الثامنة أرسلوه إلى مدرسة تجمع بين التعليم المعتاد والتعليم الرياضى، وأثبت فشلا في مسألة الرياضة، لكنه كان يستمتع بالتمثيل في مسرح الهواة، وكتب آنذاك مجموعة من القصص، منها «مواقف» قصيرة، وقصص هزلية فكاهية، ومسرحية طويلة اسمها «دون أب».
ولم يكن كّتاب القصة القصيرة في العالم العربى فقط هم الذين تأثروابتشيخوف، وإنما أيضا تأثر به الكثير من كتاب المسرحيات المعاصرين، حيث برز في أعمالهم المزاج العام لقصصه وتفاصيلها الدقيقة، ونحت الشخصيات المفارقة من الداخل نفسيا. وقد توفى تشيخوف «زي النهارده» في ١٥ يوليو ١٩٠٤.