أعرب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في الدوحة الثلاثاء عن أمله بإحراز تقدم في مساعي لحل الأزمة الخليجية، رغم التوترات الإضافية التي يثيرها تسريب وثائق سرية موقعة بين دول الخليج إلى الإعلام.
ويزور تيلرسون الدوحة في إطار جولة إقليمية بدأها الاثنين في الكويت التي تتوسط لحل أكبر خلاف دبلوماسي تشهد منطقة الخليج منذ سنوات، على أن يزور المملكة العربية السعودية الأربعاء.
وشاب الموقف الأمريكي من الأزمة تناقض واضح بين وزارة الخارجية التي دعت إلى تخفيف العقوبات على قطر وعدم التصعيد، والبيت الأبيض حيث اتهم الرئيس دونالد ترامب قطر بدعم وتمويل الإرهاب قائلا إن «الوقت حان» لتتوقف الإمارة الغنية عن ذلك»، كما أن وزارة الدفاع الأمريكية قامت بعد تصريحات ترامب بإجراء تمارين عسكرية مشتركة مع القوات القطرية وتوقيع عقود معها لبيعها طائرات مقاتلة.
ويرى خبراء أن نجاح جولة تيلرسون في نزع فتيل الأزمة التي تحمل أبعادا وتبعات اقتصادية كبرى يتوقف على مدى قدرته على إقناع قادة الخليج بوحدة الموقف الأميركي، من الرئيس دونالد ترامب، إلى وزارتي الخارجية والدفاع، لكن زيارة الوزير الأمريكي للدوحة سبقها تسريب وثائق سرية بين قطر ودول الخليج تتعهد فيها دول مجلس التعاون الخليجي الست بمحاربة تمويل الإرهاب ودعم التدخل في شؤون بعضها البعض.
ونشرت شبكة «سي ان ان» الوثائق التي تعود إلى عامي 2013 و2014 حين شهدت العلاقات القطرية الخليجية توترات على خلفية اتهام الدوحة بالتدخل في شؤون جاراتها، قبل أن ينتهي الخلاف بتوقيع هذه الوثائق، وتتهم الرياض وابوظبي والمنامة الدوحة بعدم الوفاء بتعهداتها.
وجاء في الوثائق أن قطر تتعهد بعدم إيواء شخصيات معارضة من دول خليجية أخرى، وبعدم دعم جماعة الأخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية، وعدم تقديم أي مساندة لأي طرف يمني في النزاع المستمر منذ سنوات.
وضمت الوثائق أيضا تعهدا بإلزام القنوات الإعلامية المملوكة أو المدعومة «بشكل مباشر أو غير مباشر» من قبل دول الخليج بعدم مناقشة أية مواضيع مسائل «تسيء» إلى أي من الدول الست (السعودية وقطر والبحرين ودولة الإمارات وسلطنة عمان والكويت).«
وقال الوزير الأمريكي لصحفيين بعد لقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أل ثاني «لدي أمل بأننا قادرون على إحراز تقدم لدفع الأمور نحو الحل»، مضيفا أن الولايات المتحدة ترغب في «تجنب أي تصعيد إضافي».
ورد وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بالقول أن الدوحة «تؤيد الانخراط في حوار بناء لإنهاء هذه الأزمة، بما يحفظ سيادة البلاد».
ورأى تيلرسون، في تصريحاته أن قطر، «كانت واضحة جدا في موقفها وواقعية ونحن نريد أن نناقش الآن كيفية المضي قدما وهذا هو الغرض من مجيئي».
وللولايات المتحدة والدول الكبرى مصالح اقتصادية ضخمة في الخليج، المنطقة التي تضم ثلث احتياطات النفط العالمي.
وقبيل وصول تيلرسون إلى قطر، أعربت الولايات المتحدة وبريطانيا والكويت مساء الاثنين عن «عميق القلق» جراء استمرار الأزمة، مناشدة «كافة الأطراف» العمل على سرعة احتوائها وحلها عبر الحوار.
وجاء ذلك في بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية عقب اجتماع في الكويت ضم رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ووزير الخارجية الأميركي ومستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل.
وبحسب البيان فقد جدد الجانبان الأمريكي والبريطاني «دعمهما الكامل للوساطة الكويتية ومساعي وجهود» أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لحل الأزمة.
ويزور تيلرسون الكويت، الوسيط الرئيسي في الأزمة، إلى جانب قطر والسعودية، مدشنا انخراطا أميركيا مباشرا في الخلاف المتفاقم بين الدولتين الخليجيتين الغنيتين.
في حين يتوقع تيلرسون من كافة الجوانب إظهار «مرونة» للتوصل إلى اتفاق برغم عدم وضوح الحل الأمثل لنجاح الوسيط الأميركي الكويتي، ومن المؤكد أن وزير الخارجية لن يعود إلى بلاده خالي الوفاض بعد تأكيد اجتماع بين الدول وزراء خارجية الدول الأربعة وقطر غدا الأربعاء.
ويصف مراقبون مهمة تيلرسون «بالمستحيلة» في ظل تمسك جميع الأطراف بمواقفهم، فضلا عن إقناع الإدارة الأميركية بتوحيد القرارات فيما بينهم، الأمر الذي يترك وزير الخارجية بنفوذ قليلة للتوصل إلى حل توافق يرضي جميع الأطراف.